المسكوت عنه فى برنامج الرئيس

الأحد 16-05-2010 00:00

كان تقديرى، ولايزال، أن تعديل المادة 76 من الدستور، فى مارس 2005، لا يخلو من مزايا، رغم الصيغة العجيبة التى جاءت عليها المادة، بعد تعديلها، بما يجعلها تكاد تكون أغرب مادة فى أى دستور فى العالم!

كان الرئيس، قبل تعديلها، يأتى بالاستفتاء، وأصبح بعدها يأتى انتخاباً من حيث المبدأ على الأقل، وبصرف النظر، بطبيعة الحال، عن ملاحظات كثيرة على العملية الانتخابية نفسها، سواء التى كانت فى آخر 2005 أو التى سوف تكون فى آخر العام المقبل، فهذه النقطة فى حد ذاتها، أى الانتخاب للرئيس بديلاً عن الاستفتاء عليه، تظل ميزة فى حدودها!

والميزة الثانية، أننا لم يكن لنا أن نسمع عن أسماء كبيرة، من نوعية منصور حسن، أو عمرو موسى، أو البرادعى، لولا تعديل المادة إياها.. فلو ظلت على حالها القديم، لكان الرئيس، اليوم، يجرى الاستفتاء عليه، لا انتخابه.. وهذه ميزة أخرى فى حدودها أيضاً.. فالكلام هنا ليس على إطلاقه، وإنما فى حدود معينة وواضحة، حتى لا تلتبس الأمور، ويختلط بعضها ببعض.

ثم كانت الميزة الثالثة، أن الرئيس حين جرى انتخابه، فى آخر 2005، كان ذلك على أساس برنامج انتخابى له أول، وله آخر، وهو برنامج سوف تجرى محاسبة الرئيس عليه، فى الانتخابات المقبلة، لو أن مبارك قرر أن يرشح نفسه فيها، فوقتها سوف يكون مطلوباً منه، أن يقول لنا ماذا فعل فى برنامجه الانتخابى، وما هو رصيد البرنامج على الأرض، وكيف جرى تنفيذه، وأين بالضبط؟!

ولكن.. كل هذه المزايا الثلاث كوم، وما سوف يكون علينا أن نتكلم فيه، بعدها، كوم آخر تماماً.. وما نقصده هنا، أنه قد يكون صحيحاً، أن تعديل المادة قد أدى إلى كل ما أشرنا إليه.. ولكن الأهم، أن نتحدث الآن، عن «نوعية» ما هو مطروح فى برنامج الرئيس، وليس عن الحجم أو الكم فيه..

فالبرنامج يتكلم ـ مثلاً ـ عن إنشاء 1000 مصنع، من 2005 إلى 2011، دون أن يقول لنا ما نوعية هذه المصانع، وأين، على وجه التحديد، سوف يتم إنشاؤها، وكم فرصة عمل سوف تتوفر فيها للعاطلين، وما هو نوع هذه الفرص من العمل، وهل هو عمل دائم، أم مؤقت.. وهكذا.. وهكذا.. إلى آخر التساؤلات التى يمكن أن تطوف فى عقلك، فيما يتصل بالنوع، وليس بمجرد العدد!

وما ينطبق على المصانع الألف، ينطبق بالضرورة على 3500 مدرسة، تعهد الرئيس بإنشائها، خلال السنوات الست.. فإقامة مدرسة مسألة مهمة، ولكن الأهم منها، هو قدرة هذه المدرسة على أن تقدم تعليماً حقيقياً لطلابها.. فالمدرسة، أى مدرسة، ليست مجرد جدران، وأسقف، وفصول، ولكنها عنوان لعملية تعليمية كبيرة، لا غنى عن أن تتم فى داخلها!

وما يُقال عن المصانع، ثم المدارس، يقال بالضرورة عن كل بند آخر من بنود البرنامج، لأن التعليم ليس كما قال الدكتور نظيف ذات يوم، حين سُئل عن تعريف له، فأجاب بأنه يتمثل فى حق كل طفل، فى أن يذهب إلى المدرسة، وهو تعريف، كما ترى، يتكلم عن الشكل.. أما المضمون، فهو أن تذهب إلى المدرسة، أو الجامعة، طبعاً، لتتعلم، لا لتنال شهادة!

كلّمونا عن النوع والمضمون فى برنامج الرئيس، وليس عن الشكل!