«لو أن أمل دنقل عاش أيام ثورة 25 يناير، كان سيكتب نصوصا تشبه ما كتبه رياض في ديوانه»، هكذا أطلقها مطمئنًا الشاعر على عطا، في افتتاحه مناقشة ديوان «الخروج في النهار» للشاعر محمد رياض، التى عقدت، مساء الأحد، بمركز بيت الوادي، بمشاركة الناقد الدكتور يسري عبد الله، والشاعر محمود قرني.
قال «عطا» إن الديوان وصاحبه يمثلان بالنسبة له «مفاجأة»، واصفا «رياض» بأنه شاعر متمكن من أدواته، وديوانه يؤكد -من حيث نوعه- أن مستقبل قصيدة النثر بخير، ويؤكد في الوقت ذاته أن على الثورة المضادة أن تتوارى خجلا".
بدأ الدكتور يسري عبد الله قراءته في عوالم «الخروج فى النهار» بالإشارة إلى الإهداء: «إلى أوفيليا وشهداء 25 و28 يناير في السويس والإسكندرية والقاهرة، وشهداء مواقع الجمل ومحمد محمود الأولى والثانية ومجلس الوزراء وماسبيرو والعباسية، وبورسعيد والاتحادية: هذا دمكم»، مشيرا إلى أن رمزية "أوفيليا" التى تعبر عن الآمال الضائعة، تؤكد أن «الشاعر لم يكتب عن ثورتنا فحسب، بل عبّر عن أشواقنا وأمانينا في عالم أكثر جمالا وحرية وعدلا، وأقل قبحا وعنفا ودموية».
وقال «عبد الله» إن الشاعر استطاع بمقدرة أن يُدخل متلقيه إلى أجواء النص مباشرة، عبر شعرية مولعة بحس الحياة المقاوم، دون حشو ولا تزيد، منوعا من تكنيكات وآليات الكتابة، ليصنع صورا بصرية ضافية، مشحونة بطاقة من التخييل الشعرى: "لأجلك يا مدينة العربات المحترقة والدبابات والخيام، أعلق صراخى على جدران البيوت، وأرسم براءتي بالدم فوق المحال المغلقة".
وأشار إلى أن الديوان يخلو مما يسمى برائحة البدايات، ويخرج صاحبه منتصرا للشعر، عبر انحيازه للجمالي ومقاومته للقبح، ما يمثل «رهانا شعريا جديدا من رهانات القصيدة المصرية، رهانا واعدا وحقيقيا مسكونا بالموهبة والوعي الحاد بالواقع».
وقال الشاعر محمود قرني، إن سؤال محمد رياض في ديوانه ليس كاشفا للأقنعة فحسب، بل هو مرتديها وصانعها أيضا، ويؤكد أن اللغة الشعرية، عكس ما جرت به اختيارات قصيدة النثر، لغة متنبئة ومركبة ومهجوسة بالسؤال، مشيرا إلى أن الشاعر اختار الروح الملحمية والنفس الشعري المسترسل عبر قصيدتين لا يفصل بينهما سوي العنوان، واختار أيضًا أيقونات الكتابة التي جسدت اختياراته وانحيازاته الجمالية.
وأضاف أن لغة الفائض الشعري ليست هي فقط ما يميز ديوان «الخروج في النهار»، وأن ثمة انشغالات أكيدة بالذات، حيث تتمركز القصيدة، ومن ثم يتمركز العالم، يضيق فضاؤه وتتسع لغته، وربما تجسد ذلك في استخدام ضمير الأنا علي طول الديوان: «أنا قادم إليكم.. أنا المستقبل.. أنا العدم.. أنا مؤمن بالموت».
وتابع: «ملحمة الشاعر القصيرة الدافئة والدافقة التي لا نملك إلا حبها والتعاطف معها، تعمل تحت وطأة وعي مضاف لقصيدة النثر، استدعي أن نقول بضمير مستريح أن الديوان الذي بين أيدينا، وإن رافق جماليات بعضها قديم، فإنه استطاع أن يضع هذه الجماليات في مجمرة اللحظة الحاضرة، لذلك تعززت قدرات النص علي التشوف وقراءة المستقبل».
وقال «قرني» إن «خروج الشاعر من رحم إيزيس بقوة الحياة، كما يقول في قصيدته (الخروج في النهار)، لا يعني أنه الجسد المستعاد من إله الشر ست؛ لأنه يدرك جيدا أنه ولد من رحم من تقول عن نفسها: أنا أم الطبيعة كلها وسيدة جميع العناصر ومنشأ الزمن وأصله والربة العليا.. وليس غريبا أن يتبدى الشاعر هنا وكأنه أوزوريس المغدور؛ باعتباره شاعر القوة الغامضة علي مر التاريخ».