العلاج هذه المرة لن يكون على يد طبيب ولا داخل العنبر، بل على يد مخرج مسرحى، والمكان خشبة المسرح.
«كلنا عايزين صورة» هو اسم العرض المسرحى الأخير، الذى شارك فيه 15 مريضا من دائرة المودعين مستشفى الخانكة، الذين ارتكبوا جرائم تحت تأثير المرض، وخلال 45 دقيقة، هى مدة العرض.
ياسر عبدالقادر، إخصائى اجتماعى فى مستشفى الصحة النفسية، استغل موهبته فى الإخراج المسرحى لتوعية المرضى بتفشى المخدرات بين الشباب، والرشاوى وأزمة السكن، ومشاكل اجتماعية أخرى ربما كانت هى السبب فى وجودهم بالمستشفى. يقول ياسر: «استمر تحضيرى للعرض حوالى 5 أشهر بين اختيار المرضى وتدريبهم، واختيار نص المسرحية للمؤلف لينين الرملى، وتقديم أكثر من 10 بروفات أمام النزلاء غير المشاركين».
طوال 11 عاماً، بين جدران مستشفى الخانكة، أخرج «ياسر»6 مسرحيات تعرض على مسرح المستشفى الذى أسسه، ويقول: «خبرتى فى مجال الإخراج المسرحى، ومشاركتى فى عدة أعمال تابعة لهيئة قصور الثقافة، جعلتانى أفكر فى توصيل الرسائل للمرضى من خلال المسرح، وبذلك يشارك المريض فى علاج نفسه».
اختيار المرضى للمشاركة فى العروض، هى الخطوة الأصعب فى أى عمل مسرحى يسعى «ياسر» لإخراجه: «أهم معيار أختار على أساسه المريض المشارك هو استعداده، لأن الكثير من المرضى النفسيين يعانون الكسل واللامبالاة والإهمال، وهو ما أكتشفه من خلال معاملتى مع المريض، أما المعيار الثانى فهو قدرته العقلية هل هى مستعدة لتلقى العلاج بهذه الطريقة أم لا، وهذا ما يحدده لى الطبيب المباشر».
تقديم عروض مسرحية ناجحة لأبطال يعانون من مرض نفسى ليس لديهم خلفية عن المسرح والتمثيل، هو تحد آخر أمام «ياسر»: «بعد اختيار المرضى أقدم لهم دورات تدريبية فى أساسيات التمثيل لدعم ثقتهم فى ذواتهم وكسر الخوف من مواجهة المجتمع».
نجاح المرضى النفسيين فى تقديم عرض «كلنا عايزين صورة»، وحماس بقية النزلاء للمشاركة بعد مشاهدة زملائهم- شجعا «ياسر» على تحضير عرض مسرحى جديد يناقش حقوق المرضى النفسيين فى قالب كوميدى: «أسعى لعرض المسرحيات وإظهار أبطالها من المرضى على مسارح الدولة.
وبالفعل تواصلت مع أحمد مجاهد، رئيس هيئة قصور الثقافة، لتعميم الفكرة».