بعد صراع دام أكثر من عامين، انتصر مرض السرطان على المدرب الكتالوني الشاب تيتو فيلانوفا، وحرمه من استكمال مشواره مع كرة القدم والحياة في عمر 45 عاما.
فارق «تيتو» الحياة بهدوء ودون ضجيج، تماما كما حضر إليها وكما عاش فيها وكما كانت شخصيته كلاعب ومدرب.
تغيرت حياة «تيتو» الهادئة منذ نوفمبر 2011، حيث اضطر لإظهار الجانب القتالي والبطولي في شخصيته خلال معركته مع سرطان الحلق.
ولد «فيلانوفا» بمدينة جيرونا يوم 17 سبتمبر عام 1968 وسط عائلة من الطبقة الوسطى، وكان والده جواكيم عمدة للمدينة التي كان عدد سكانها يزيد بقليل عن 600 نسمة، وذلك بين عامي 1991 و2003.
انضم لمدرسة «لاماسيا» للناشئين التابعة لنادي برشلونة في سن الـ14، وهناك تعرف على بيب جوارديولا ونشأت بينهما صداقة قوية، امتدت حتى قادا سويا أفضل فريق في تاريخ النادي.
عرف بشخصيته الإيجابية، وكانت أكثر جملة يرددها «كل شيء سيكون بخير»، كان يعشق الموسيقى والحياة الهادئة والمأكولات التي تعدها حماته.
تزوج «تيتو» من مونتسي شوري مصممة الجرافيك عام 1992، وأنجبا «كارلوتا» التي تدرس حاليا علم إدارة الشركات، و«أدريا» الذي يلعب في قطاع الناشئين بالبرسا، ومن المحتمل أن يكون نجما مستقبليا في نفس النادي.
ورغم أنه بدأ مسيرته كناشيء للبرسا، الا أنه اضطر للاحتراف في أندية أخرى بعيدا عن حدود «كامب نو»، حيث لعب لفرق فيجيريس وسلتا فيجو وباداخوس ومايوركا ولييدا وإلتشي وجرامينيت.
اضطر «تيتو» لاعتزال الكرة عام 2002 بسبب مشاكل بالركبة، وفي 2003 بدأ عمله كمدرب في قطاعات الناشئين ببرشلونة الذي عاد اليه بعد طول غياب، وتدرج حتى وصل للفريق الأول كمساعد لـ«جوارديولا» بدءا من موسم 2007-2008.
عاش «فيلانوفا» أفضل سنواته على مقاعد مدربي البرسا وحقق المجد مع رفيق الدرب جوارديولا بالتتويج بجميع البطولات المحلية والقارية والعالمية، الى أن قدّر له حمل اللواء من بيب وتولي القيادة في 27 أبريل 2012، حين قرر الأخير الراحة لمدة عام والانعزال في الولايات المتحدة قبل أن يقبل تدريب بايرن ميونخ الألماني.
الضغوط التي ألقيت على عاتق تيتو حين أصبح المدرب الأول للفريق تزامنت مع اكتشاف بالصدفة ورم بالحلق قبلها بأشهر، بالتحديد في 21 نوفمبر 2011، أثناء فحص طبي على أذنيه.
في ديسمبر 2012 كان الإعلان الرسمي عن المرض، ورغم ذلك واصل الفريق مشواره في الليجا وحقق أفضل نتائج في الدور الثاني «18 فوز وتعادل واحد» ليتوج باللقب معادلا الرقم القياسي لريـال مدريد في الموسم السابق مع المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو بإنهاء البطولة بـ100 نقطة.
اضطر «تيتو» للسفر الى نيويورك في رحلة علاج، وترك منصبه مؤقتا لمساعده جوردي رورا، لكنه عاد في أبريل 2013.
كافح «تيتو» المرض حتى انتهى الموسم، ثم اتفق مع مسؤولي النادي على إنهاء التعاون بينهما للتفرغ لمعركته مع السرطان، وودع برشلونة رسميا في 20 يوليو الماضي.
كتب «تيتو» في وداعه للنادي وجماهيره في بيان موجز «هذه لحظات صعبة بالنسبة لي، لذا أطالب وسائل الإعلام بالاحترام والتفهم، لقد تركت تدريب البرسا لكي أنال الهدوء والخصوصية التي أحتاج لها أنا وعائلتي في تلك الظروف».
من حينها اختفى «فيلانوفا» عن الأنظار، لكنه ظل حاضرا في قلوب مشجعي البرسا بل والفرق المنافسة الذين قدموا الدعم والمؤازرة له في محنته، وتمنوا له الشفاء، على أمل أن يكرر معجزة لاعبه السابق الفرنسي إريك أبيدال، الذي عانى من نفس ظروف المرض مع سرطان الكبد، ونجح في العودة واللعب حاليا مع موناكو.
وغاب اسم «فيلانوفا» عن الصحف، إلا نادرا حين يتم التقاط صورة له في الخفاء وسط مدرجات «كامب نو»، حيث حرص على تشجيع فريقه في بعض المناسبات من داخل الملعب رغم تعبه، كما كان يحضر بعض مباريات ابنه أدريا.
وعادت سيرة «فيلانوفا» للصحف ووسائل الإعلام في الساعات الأخيرة للإعلان عن دخوله المستشفى في حالة حرجة، الجمعة، وإجرائه عملية جراحية عاجلة، قبل أن تعلن عائلته وناديه نبأ الوفاة المفجع اليوم، ليرحل في هدوء كما عاش في هدوء، وتبقى سيرته كشخص مهذب وبطل شعبي لدى أنصار «البلاوجرانا».