أغنيات الجرح والفرح.. «عدى النهار» في حضن «صباح الخير يا سينا»

كتب: معتز نادي, محمد كساب الجمعة 25-04-2014 15:47

لا يهجر المصريون الغناء أيا كان مزاجهم، سواء كانت الهزيمة تعتصر قلبهم بسبب نكسة 1967 أو لديهم انتصار يُطيب خاطرهم كما حدث في معركة 6 أكتوبر 1973.

«المصري اليوم» تستعرض في التقرير التالي أشهر الأغاني، التي واكبت فترة النكسة وما تلاها من عمليات الاستنزاف ضد العدو الإسرائيلي في أرض الفيروز، سيناء، وصولًا إلى نصر أكتوبر وعقد اتفاقية السلام.

«عدى النهار»

كتب عبدالرحمن الأبنودي كلمات أغنية «عدى النهار» بعد نكسة 1967، ليشدو بها عبدالحليم حافظ بصوته، متحدثًا برمزية عن حال مصر بعد الحرب، وسعيها إلى الانتصار، كما تسرد ألحان بليغ حمدي:

وبلدنا ع الترعة بتغسل شعرها.. جانا نهار مقدرش يدفع مهرها

يا هل ترى الليل الحزين.. أبو النجوم الدبلانين.. أبو الغناوي المجروحين

يقدر ينسيها الصباح.. أبو شمس بترش الحنين

أبدًا.. بلدنا للنهار.. بتحب موال النهار

«يا حبيبتي يا مصر»

يحكي عندليب الصحافة المصرية، محمود عوض، في كتابه «من وجع القلب»، أنه لم تكن كارثة يونيو مجرد هزيمة بل مجرد زلزالا نفسيًا لنا جميعًا.. لقد وقعت مصر وأعد لها كثيرون برقيات العزاء بل وطريقة الدفن، وفجأة خرج بليغ حمدي بموسيقاه وصوت شادية وكلمات محمد حمزة بأغنية تعبيء مشاعر المصريين وتشحذ همتهم جميعًا.

ويشير «عوض» إلى أن الكاتب الراحل، فكري أباظة، قال مداعبًا في حديث إذاعي وقتها أنه أصبح يسمع تلك الأغنلية ألف مرة في اليوم، ليس فقط في برامج «ما يطلبه المستمعون».. لكن في الشارع والنادي والمقهى والتاكسي في الصباح والمساء ومنتصف الليل.

ويختتم كلامه: «هل تفعل أغنية واحدة بالناس كل هذا؟.. نعم.. من بليغ حمدي.. كل هذا.. وإذا تعلق الأمر بمصر.. أكثر من كل هذا»

العبور «باسم الله»

استمد بليغ حمدي ألحان أغنية «باسم الله» من صيحات عبور الجنود المصريين، فكتب الشاعر عبدالرحيم منصور على لسانهم:

باسم الله.. الله أكبر.. باسم الله.. باسم الله

«رايات النصر»

كتب الشاعرة نبيلة قنديل كلمات تلك الأغنية، لتكون ضمن فيلم جديد للمخرج العالمي الراحل يوسف شاهين، الذي قرر إهداءها للإذاعة المصرية، وقت اندلاع الحرب، رافضًا الاحتفاظ بها في تلك المعركة الطاحنة، فلحنها الموسيقار علي إسماعيل، بعد مكالمة مع الإذاعي القدير، وجدي الحكيم.

وتبدأ كلماتها:

رايحين رايحين

شايلين في إيدنا سلاح

راجعين راجعين

رافعين رايات النصر

سالمين سالمين

حالفين بعهد الله

نادرين نادرين

واهبين حياتنا لمصر

«عاش اللي قال»

أراد عبدالحليم حافظ إهداء أغنية بصوته للرئيس الراحل أنور السادات، وذكر اسمه بداخلها، لكن بليغ حمدي رفض وضع ألحانه على كلمات للسادات فقط، بقوله: «نغني لحاكم مهما علا شأنه أبدًا»، مطالبًا أن تكون الأغنية، كما يحكي محمود عوض: «لمصر للجيش للشارع للناس»، فكان الحل الوسط بينهما بكلمات تقول:

عاش اللي قال

الكلمة بحكمة في الوقت المناسب

عاش اللي قال

لازم نرجع أرضنا من كل غاصب

«على الربابة بغني»

يُلاحظ سيطرة «بليغ» على ألحان أغاني تلك الفترة الحربية، فقدمت أنامله للجزائرية وردة، آنذاك، كلمات كتبها عبدالرحيم منصور:

حلوة بلادي السمرة

بلادي الحرة

بلادي

وأنا على الربابة بــغـــنـي

ماملكش غــــير إنـي أغني وأقول

تعيشي يا مصر

«خلي السلاح صاحي»

احتل العندليب الأسمر الصدارة في سباق تلك الأغاني، فخرج بصوته على كلمات أحمد شفيق كامل وألحان كمال الطويل، يردد:

خلى السلاح صاحي صاحي صاحي

لو نامت الدنيا صحيت مع سلاحي

سلاحي في إيديا نهار وليل صاحي

كما غني على ألحان «بليغ» وكلمات محمد حمزة «فدائي»

«أحلف بسماها وبترابها»

غنى العندليب الأسمر كلمات عبد الرحمن الأبنودي على ألحان كمال الطويل، وهو يقسم أنه «ما تغيب الشمس العربية.. طول ما أنا عايش فوق الدنيا»

«لفي البلاد يا صبية»

بصوت يشعر بالفخر على عبور حصن بارليف المنيع، غنى عبدالحليم على أنغام محمد الموجي وكلمات محسن الخياط، يقول:

لفى البلاد يا صبية

لفي البلاد

لفي البلاد يا صبية بلد بلد

باركي الولاد يا صبية

باركي الولاد

باركي الولاد يا صبية

ولد ولد

ده المهر غالي

المهر غالي

واهم جابوه

لو نجم عالي في السما

راح يقصدوه

يا فرحتك ساعة ما يجوا يقدموه

«أم البطل»

ناسية حزنها على ابنها، الذي استشهد في حرب أكتوبر، لتغني له شريفة فاضل بكل فخر، ساردة كواليس إعدادها لـ«المصري اليوم»، في 2012، بقولها: «سيطر على الحزن بعد استشهاد ابني، وبعد ٣ أشهر طلبت من صديقتي، الشاعرة نبيلة قنديل، أن تكتب أغنية عن أم بطل، لأن كل الأغنيات كانت تغنى للمقاتلين».

وتضيف «شريفة»: «سألتنى: هل أكتبها عن أم شهيد؟ قلت لها: لا، أريدها أن تصل لأمهات كل الأبطال، الذين شاركوا فى حرب أكتوبر، من استشهد منهم ومن نجا».

ومضت قائلة: «دخلت نبيلة غرفة ابني الشهيد، لعدة دقائق، ثم خرجت وفي يدها ورقة بكلمات الأغنية، التي هزتنى بشدة، وشعرت بأنها تعبر عني بالفعل، فقط طلبت منها تعديل شطرة: (بيضربوا بيك المثل)، رأيتها غير مناسبة، لكنها تمسكت بها، وكان زوجها، الملحن على إسماعيل، حاضرا معنا، فأخذ الكلمات وتوجه لمنزله، وعاد اليوم التالي بلحن شديد الإتقان، ولم أطلب تعديل جملة موسيقية، وفي اليوم الثالث كنت بماسبيرو لتسجيلها، فرحب (بابا شارو)، رئيس الإذاعة وقتها، بالأغنية وأمر بدخولي الاستديو فورا».

«سكت الكلام والبندقية اتكلمت»

مسك عبدالرحمن الأبنودي قلمه للحديث عن المعركة فكتب «سكت الكلام والبندقية اتكلمت» على أنغام بليغ حمدي، ليشدو العندليب الأسمر بصوته:

سكت الكلام والبندقية اتكلمت

والنار وطلقات البارود

شدت على إيدين الجنود واتبسمت

إحنا جنودك يا بلدنا وحبنا

ماشيين على طول الطريق اللي رسمناه كلنا

«عبرنا الهزيمة»

احتفى توفيق الحكيم بتحركات الجيش المصري على أرض سيناء، عام 1973، فكتب مقالًا بعنوان «عبرنا الهزيمة»، فمرت سطوره أمام أعين الشاعر عبدالرحيم منصور، فقرر السير على عنوانه للخروج بصوت شادية وأنغام بليغ حمدي بكلمات تقول:

يا مصر يا عظيمة

عبرنا الهزيمة

باسمك يا بلادى عدينا القناة

باسمك يا بلادى عدينا المحال

«صباح الخير يا سينا»

«الأبنودي» في حديث إذاعي سابق كشف عن تفاصيل كتابته لتلك الأغنية، لافتًا إلى أن مكالمة هاتفية جاءته من القاهرة تحمل صوت العندليب الأسمر، وقت تواجد «الخال» في لندن، يطالبه بكتابة كلمات تحتفي بعودة سيناء إلى أحضان مصر، فكانت السطور التالية:

في الأوله..

قلنا جيِّنلك وجينالك ولا تهنا ولا نسينا

والتانية..

قلنا ولا رملاية في رمالك عن القول والله ما سهينا

والتالتة..

إنتي حملي وأنا حمالك..

صباح الخير يا سينا

وصباح الخير يا سينا رسيتي في مراسينا

تعالي في حضننا الدافي ضمينا وبوسينا يا سينا

«سينا رجعت كاملة لينا»

مع احتفالات المصريين بتحرير سيناء وذكرى حرب أكتوبر، تهدي إليهم القنوات والإذاعات صوت شادية، التي غنت كلمات مرسي جميل عزيز على أنغام بليغ حمدي، مهنئة إياهم بـ«العيد».