جيش إسرائيل يرسل أوامر تجنيد لـ«مسيحيي 48».. و«بركة»: قرار وقح وغير أخلاقي

كتب: أحمد بلال الثلاثاء 22-04-2014 11:50

قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، إن الجيش سيبدأ قريبًا في إصدار أوامر تجنيد للشباب المسيحي من «فلسطينيي 48»، وحسب الإذاعة فإن «أمر التجنيد»لن يكون إلزاميًا، وإنما سيبقى في إطار «التطوع» في الجيش.

وتعمل الحكومة الإسرائيلية في الفترة الأخيرة على عزل المسيحيين من «فلسطينيي»48 عن انتمائهم الوطني، وتصنيفهم في خانة القومية ببطاقات الهوية على أنهم «مسيحيون» وليسوا «عربًا».

وفلسطينيو 48 هم الفلسطينيون الذين لم يغادروا مدنهم وقراهم عام 1948 وبقوا فيما بات يعرف باسم «دولة إسرائيل»، وحملوا الجنسية الإسرائيلية قسرًا. ويُشار في بطاقات الهوية الإسرائيلية إلى كونهم عربًا.

ورفض سكرتير عام الشبيبة الشيوعية في إسرائيل، أمجد شبيطة، القرار، وقال: «هذه خطوة أولى تجاه فرض التجنيد ومحاولة أخرى لتفتيتنا لطوائف متناحرة»، واقترح «شبيطة» استحداث «عيد وطني»، يتم إحياؤه كل عام «بمشاركة المئات من الشبان الذين تلقوا أوامر التجنيد ليحرقوها بشكل جماعي».

ونظمت الشبيبة الشيوعية في إسرائيل، وشباب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، الأسبوع الماضي، في مدينة الناصرة، مشروع «تساهل (اختصار للجيش الإسرائيلي بالعبرية) ما بستاهل» السياسي والفني، في ساحة العين بمدينة الناصرة، وهو برنامج مناهض للخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي، ولمشاريع الفتنة الطائفية.

من جانبه، قال النائب الفلسطيني في الكنيست، محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، إن «قرار جيش الاحتلال الجديد بإرسال طلبات تجنيد للشبان العرب المسيحيين في صفوفه، هو بمثابة اعتراف صارخ بفشل مشروع التجنيد الدائر منذ سنوات، وفشل عكاكيز التجنيد التي ينخر فيها السوس، من سلخ جماهير شبابنا عن شعبهم ومجتمعهم وهويتهم»، مؤكدًا أن «هذا القرار سيلقى الفشل الأكبر، كما في كل المحاولات السابقة، ومعطيات جيش الاحتلال ذاته، تؤكد هذا».

وتابع «بركة»: «شعب فلسطيني واحد، نعتز بانتمائنا وهويتنا ولن نسمح لأي جهة كانت، وأولها المؤسسة الحاكمة، أن تدق الأسافين بيننا»، وأضاف: «هذا القرار وقح صادر عن مؤسسة منفلته عديمة الأخلاق الإنسانية، كيف لا وهي تدير الاحتلال الوحيد في العالم، احتلال شرس يمارس القتل البطيء بحق شعب بأسره، ولا يكتفي الجيش بهذا، بل يطلب من الشعب الضحية، أن يكون قطعة من آلة القتل التي يدريها».

وناقش الكنيست مؤخرًا، مشروع قانون تقدم به رئيس الائتلاف الحاكم في إسرائيل، ياريف ليفين، من شأنه التمييز بين الفلسطينيين المسيحيين (من أبناء فلسطينيي 48) على الفلسطينيين المسلمين، ونقلت صحيفة «معاريف» عن ليفين قوله: «هذه التشريعات تشير بشكل منفصل إلى الجمهور المسيحي، الذي سينفصل عن العرب المسلمين، هذه خطوة تاريخية ومهمة ستسمح لإسرائيل بتحقيق توازن والربط بيننا وبين المسيحيين، وأنا أصر على ألا أناديهم عربًا، لأنهم ليسوا عربا».

يأتي مشروع القانون الذي تقدم به «ليفين» في أعقاب حملة كبيرة بدأتها مؤخرًا الحكومة الإسرائيلية تهدف إلى إقناع الشباب المسيحي من «فلسطينيي 48» بالخدمة في الجيش، حيث لا يُجبر القانون الإسرائيلي «فلسطينيي 48» على أداء الخدمة العسكرية.

التوجه الإسرائيلي بعزل مسيحيي «فلسطينيي 48» عن انتمائهم الوطني، قوبل برفض شديد من رجال الدين والشخصيات المسيحية في الداخل، وفي هذا السياق، عقد الائتلاف الوطني للمؤسسات المسيحية في فلسطين، اجتماعًا مؤخرًا، لتجديد رفضه هذه المحاولات الفلسطينية، بمشاركة البطريرك ميشيل صباح، والمطران منيب يونان، والمطران عطا الله حنا.

وأصدر الائتلاف بيانًا، حصلت «المصري اليوم» على نسخة منه، قال فيه إن التوجه الإسرائيلي الرامي لتجنيد المسيحيين وعزلهم عن هويتهم الوطنية هو استمرار لسياسة «فرق تسد»، التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي، وقال الائتلاف إن هذه الحملة هي «بمثابة انتقام من المسيحيين الفلسطينيين، الذين نجحوا في الآونه الأخيرة في استمالة العديد من الجهات والكنائس العالمية إلى أخذ سياسات مناهضة للاستيطان ولسياسات إسرائيل، التي تحرم الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة، وعليه أصرت المؤسسات والشخصيات الاعتبارية وبالإجماع على أن فلسطينية شعبنا المسيحي في إسرائيل أو فلسطين أو في أي مكان لا يمحوها شعارات أو أي محاولات مشبوهة».

وعملت إسرائيل منذ قيامها على محو الهوية الوطنية لـ«فلسطينيي 48»، عبر تقسيمهم إلى فرق وطوائف، حيث اعترفت إسرائيل بالفلسطينيين الدروز كقومية منفصلة، ولا تصنفهم ضمن «فلسطينيي 48»، وأقرت إسرائيل في عام 1956 بانضمام الفلسطينيين الدروز إلى الجيش الإسرائيلي، باعتبارهم دروزًا لا فلسطينيين، كما أقرت في عام 1958 بانضمام الشركس المسلمين إلى الجيش الإسرائيلي، على اعتبار أنهم قومية منفصلة، ووافقت أيضًا في نفس العام على تجنيد البدو، الذين تنظر إليهم باعتبارهم بدوًا لا فلسطينيين، رغم عدم وجود قانون لتجنيدهم حتى الآن.

وقال المحلل السياسي الفلسطيني، القيادي بالجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، برهوم جرايسي، لـ«المصري اليوم» في اتصال هاتفي من الناصرة، إن «توجهات الحركة الصهيونية منذ وصلت إلى فلسطين تهدف إلى تفريق العرب إلى طوائف وفرق ومجموعات».

وأشار «جرايسي» إلى فصل السلطات الإسرائيلية الفلسطينيين الدروز والبدو رسميًا عن «فلسطينيي 48»، قائلًا إن هذا الفصل «فشل في عزلهم عن شعبهم». وأكد أن «الصهيونية بدأت بالطائفة العربية الدرزية، وحاولت جعلها قومية منفصلة، ثم لجأت بعد ذلك إلى فصل العشائر البدوية عن شعبها، لتجعل التقسيم دروزًا وعربًا وبدوًا، ثم تحاول جعله الآن دروزًا وعربًا وبدوًا ومسيحيين ومسلمين».