أبوريدة وقطر وأشياء أخرى

ياسر أيوب الأربعاء 16-04-2014 21:28

وفقاً لقواعد الفكر والسلوك التى تطبقها مدرسة الناس العمومية فى مصر الآن.. فليس من حقك أن تنتقد أحدا أو تختلف معه ورغم ذلك تبقى ترى فيه مزايا فضائل تستحق الإشادة والاحترام.. وتلزمك هذه المدرسة بضرورة أن يصل خلافك مع أى أحد إلى حد الخصام ثم الفجور إلى حد الكذب والسخرية والتجريح والإهانة.. ولأننى قررت منذ زمن طويل أن أكون الجورنالجى أو التلميذ المشاعب الهارب من تلك المدرسة.. فليس يعنينى أن يشتمنى تلاميذها أو يقذفوننى بالحجارة وسأبقى أرى فى أى إنسان أو جماعة أو تيار أو جيش الصح والغلط فى نفس الوقت..

ولن أعادى أحدا بشكل مطلق لدرجة أن أتمنى له الموت أو العار ولن أؤيد أحدا إلى حد تقديسه وكأنه ليس بشرا مثلنا يصيب ويخطئ.. وعلى سبيل المثال أنا على خلاف عميق وحاد مع هانى أبوريدة، عضو اللجنة التنفيذية بالفيفا، وأراه يستخدم منصبه بشكل أظنه غير سليم وفقا لمصالحه ورؤاه الشخصية.. إلا أنه لم يحدث أبدا أن أهنت الرجل وسخرت منه وأسأت إليه فى أى أمر شخصى.. فهناك حدود كثيرة ودائمة لهذا الخلاف لا يمكننى تجاوزها.. بل وسأبقى أرى كثيرا من المزايا فى شخص أبوريدة وسلوكه.. فأنا أحترم فيه وفاءه لأصدقائه.. وفاء حقيقى ربما كان نادرا فى زماننا.. وقد كان بإمكان أبوريدة أن يخرج من دولة حسن حمدى قبل أن ينتهى زمانها لكنه بقى داخلها مهما كان الثمن.. وكان بإمكانه أن يقفز من مركب القطرى محمد بن همام قبل أن تغرق ويتم طرد الرجل من الفيفا لكنه لم يفعل وقبل أن يحمل فوق رأسه الكثير من الشكوك والاتهامات.. كما تتعدد مواقف أبوريدة وحكاياته الجميلة مع كثيرين جدا من الكبار والموظفين والعمال البسطاء..

ورغم ذلك أختلف معه لأننى أراه أحيانا ينساق وراء وفائه لأصدقائه لدرجة التضحية بالمصلحة العامة وأحيانا بالحقائق نفسها.. فلايزال أبوريدة يسعى لإقناع الفيفا بتجميد نشاط الكرة المصرية أو فرض عقوبات قاسية على اتحادها احتجاجاً وحزناً على إقامة انتخابات الأهلى.. وكأننا أمام فارس غاضب لم يعد يريد إلا الانتقام حتى إن دفع الوطن نفسه الثمن.. كما قاده وفاؤه لـ«بن همام» لتأكيد إعجابه واعتزازه واحترامه للمشير السيسى.. وهو أمر يصعب تصديقه ولم يعلن بن همام ذلك لأى أحد آخر وهو المعروف بعلاقته اللصيقة بالأسرة الحاكمة فى قطر ولهذا يسهل توقع رؤية بن همام الحقيقية للسيسى والجيش المصرى ومصر كلها بعد الثلاثين من يونيو.. وبمناسبة قطر، أتوقف مؤقتا لتحذير زملائى فى مصر الذين يصرخون فى وجهى طويلا بضرورة الفصل التام بين الرياضة والسياسة الذى لا أقتنع به مطلقا..

ورغم ذلك فوجئت بهؤلاء الزملاء سعداء للغاية باحتمال مقاطعة السعودية والإمارات والبحرين لبطولة السلة الخليجية التى تستضيفها قطر فى مايو المقبل.. فأنا أتفهم تلك المقاطعة اقتناعاً باستحالة الفصل بين السياسة والرياضة.. لكننى لا أفهم هؤلاء الذين يؤيدون هذا الفصل يوما ثم يرفضونه أياما دون أن ينتبهوا لتناقضاتهم.