يعد «الصليب المعقوف» علامة مسجلة تشير إلى الزعيم الألماني أدولف هتلر دائمًا، الذي يظن كثيرون أن «الفوهرر» ابتكره وصممه كشعار للحزب النازي ولعلم الرايخ، بينما هو في قلعة بعلبك اللبنانية قبله بأكثر من 2000 عام، وفي حجر فينيقي شهير في اسكتلندا، وآخر فينيقي أيضا بقبرص، حسبما ذكر موقع «العربية. نت».
ويعترف هتلر في الفصل 17 من كتابه «كفاحي» أن الصليب المعقوف ليس من ابتكاره، حين كتب أن عددًا من أعضاء حزب تزعمه في 1919 وأصبح معروفا بعدها باسم NAZI كاختصار لحزب «العمال الاشتراكي القومي الألماني» اقترحوا عليه عددًا من التصاميم، في جميعها صليب معقوف بأشكال وألوان متنوعة، فاختار أحدها في 1921 صممه طبيب أسنان بالأسود وسط دائرة بيضاء محاطة بالأحمر.
أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية أصبح «المعقوف» رمزا للفاشية والعنصرية الآرية، فيما كان رمزًا طوال آلاف السنين للتفاؤل وحسن الحظ، وهذا هو معنى كلمة Swastika المشتقة من السنسكريتية، لغة الهند القديمة، ففي الهند عرفوا الصليب المعقوف، ومنها وصل إلى بلاد ما بين النهرين وسوريا الطبيعية «حتى أن الهنود الحمر الأميركيين عرفوه» طبقا للوارد في «موسوعة الموارد» العربية، كما في غيرها.
وعرف الرومان الصليب المعقوف بكثافة، ومنهم على ما يبدو مال هتلر إلى جعله رمزاً للرايخ الثالث. كما من الرومان استمد النازيون في 1938 تحية «هايل هتلر» بمد اليد اليمنى إلى الأمام، فقد كانت تحية رومانية، وقبلهم انتشر «الصليب المعقوف» بين اليونانيين الذين سبقهم إليه الفينيقيون، ممن نراه محفورا في آثار لهم شهيرة، أهمها قلعة بعلبك البعيدة في الشرق اللبناني 85 كيلومترا عن بيروت.
ومدينة بعلبك فينيقية بالأساس، اتفقوا أن معنى اسمها «سيد المدينة» في إشارة إلى «بعل» إله الفينيقيين الأكبر، وفيها على ما يبدو كان له معبد من الأضخم، وعندما جاءها الإغريق في 332 قبل الميلاد غيّروا اسمها إلى هيليوبوليس، أي مدينة «هيليوس» إله الشمس المعبود، بنية محو عبادة «بعل» الفينيقي.
وبعدهم بأكثر من 3 قرون جاء الرومان زمن الإمبراطور أغسطس، مؤسس الإمبراطورية، فمحوا منها عبادة البعل وهيليوس معا، ببنائهم لما يشبه «سوبرماركت» عبادات، ضم 3 معابد لفينوس وجوبيتر وباخوس، أو «ديزنيسوس» إله الخمر الشهير، لكنهم حافظوا على طابعها الفينيفي، فبنوا تمثالا لأسد يتربص بالشمس، وسلاحه سلسة صلبان معقوفة حفروها أسفل رأسه تمامًا.
وعثروا أيضًا على تمثال لعشتروت، آلهة الخصب عند الفينيقيين «وفي أسفل بطنها صليب معقوف» على حد ما ورد في كتاب «نسج التاريخ»، للمؤرخ الأميركي هربر ج. موللر، الذي أكد أن مهندس الآثار الألماني الشهير، هاينريش شليمان، هو من عثر عليه أثناء تنقيباته في أطلال طروادة، التي ازدهرت بين 3000 إلى 2900 قبل الميلاد.
كما في «دير القلعة» ببلدة بيت مري اللبنانية صلبان معقوفة في فسيفساء قاعة معبد الإله الفينيقي «بعل مرقد». وأيضا وجدوا صلبانا فينيقية في مكتشفات أثرية في قبرص، بينها واحد محفور على تمثال حجري لخادمة معبد، إضافة لمعقوف آخر وجدوه محفورا في جدارية معروفة باسم كريغ- نارغت في مقاطعة «ويجتاون شاير» باسكوتلاندا، وكلها قبل هتلر والنازية رمز للتفاؤل والازدهار منذ آلاف السنين.