عندما يحكى أبو مازن: لا تخافوا علينا إذا سمعتم صياحنا

صلاح منتصر السبت 12-04-2014 20:50

أؤجل للأسبوع القادم الحديث عن معاهدة السلام مع إسرائيل فى مناسبة مرور 35 سنة على هذه المعاهدة، لأحكى عن آخر تطورات القضية الفلسطينية فى ضوء كلام سمعته مباشرة من محمود عباس (أبو مازن).

كان الرجل يتكلم بصوت هادئ وواثق ويصل إلى حد السخرية أحيانا وقد قال لنا: فى القريب ستسمعون صياحنا فلا تخافوا علينا، سيضربوننا لا تخافوا علينا، سيؤذوننا برضه لا تخافوا علينا، فقد أصبح بيدنا سلاح دبلوماسى جعلهم يسموننى «الدبلوماسى الإرهابى» وهذا السلاح هو الذى حصلنا عليه من الأمم المتحدة فى 29 نوفمبر 2012 عندما حصلنا من المنظمة على أن تكون فلسطين «دولة مراقب غير عضو» فى المنظمة الدولية تمهيدا لقبولها دولة كاملة العضوية.

قال أبو مازن فى عام 1947 صدر قرار الجمعية العامة بدولة فلسطين ولكن بدون شهادة ميلاد فكانت دولة مكتومة، أما منذ نوفمبر 12 أصبح للدولة شهادة الميلاد وأصبحنا دولة معترفا بها وعندما سألونى عن أهمية ذلك وأنا دولة مراقب قلت هذا معناه أننى دولة تحت الاحتلال وليست دولة متنازعا عليها.

أيضا أهميته أننى أستطيع أن أنضم إلى الـ 63 منظمة دولية التابعة للأمم المتحدة ومنها محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية. القيامة الأمريكية والإسرائيلية قامت يومها فى نوفمبر 12 وكانت تهديدات ومبارزات ولكن «تبقى الكلمة هى التى نستطيعها ونقدر على قولها. هم يستطيعون قتلى فأنا عمليا تحت حمايتهم ولكن إذا فعلوا فقد أرسلتها إليهم مكتوبة: تعالوا تسلموا السلطة!».

بعد أربعة أشهر من زوبعة قرار عضوية الأمم المتحدة اتصل جون كيرى بأبو مازن وقال له نريد أن نتحدث. حدد القاهرة أو السعودية فقلت مصر لا وكان يحكمها الإخوان وتقابلنا فى السعودية.

قال لى كيرى: نريد استئناف المفاوضات وننسى ماحدث. انتهت الاتصالات إلى عقد صفقتين منفصلتين مع الأمريكان. الأولى أن نذهب إلى المفاوضات مع إسرائيل على أساس حدود عام 67، والصفقة الثانية ألا نستخدم حقنا الذى أعطته لنا عضوية الدولة المراقب فى الذهاب إلى الـ 63 منظمة دولية بشرط أن تطلق إسرائيل سراح 104 فلسطينى فى السجون صدرت عليهم أحكام عديدة بالسجن المؤبد جعلتهم أمواتا فى سجونهم.

حكى لنا أبو مازن فى لقائه الذى تعود أن يعقده مع عدد من زملاء الإعلام فى كل مرة يصل فيها إلى مصر ليواصل سلسلة الصراع الذى لا تبدو له نهاية عن الأسرى الذين تم الإفراج عنهم على حلقات حتى بقى استحقاق دفعة تضم 26 أسيرا أثاروا حولها مشاكل لأن فيهم فلسطينيين إسرائيليين ويحملون الجنسية الإسرائيلية وقد طلبوا سحب هذه الجنسية منهم للإفراج عنهم ولكننا رفضنا.

وظلت المشكلة، وفى كل مرة يقول لنا الأمريكان إن مجلس الوزراء برياسة نتنياهو سيجتمع لإقرار عملية الإفراج. أبلغونا 9 مرات عن اجتماع لمجلس الوزراء كان آخرها تحديد يوم 31 مارس (الشهر الماضى) لهذا الاجتماع، فدعونا أعضاء القيادة الفلسطينية لاجتماع يوم 31 مارس أى بعد يومين.

فى يوم 30 أبلغناهم رسميا بأن عدم تنفيذ إسرائيل استحقاق الإفراج عن المسجونين يعفينا من التزامنا بالنسبة للمنظمات، وبالفعل عندما تأكد لنا عدم اجتماع مجلس الوزراء فى السابعة من يوم 31 تم أخذ رأى أعضاء القيادة الفلسطينية فردا فردا، وسجل التليفزيون موافقة كل عضو صوتا وصورة، وبعدها قلت هاتوا القرارات. وعلى الهواء كما يقولون وقعت طلبات تقدمنا إلى 15 منظمة دولية من الـ 63 التى لنا حق التقدم إليها. ويحكى أبو مازن عن الضغوط والمناورات التى تعرض لها كى لا يرسل الطلبات التى وقعها، ثم كى لا يقوم بتفعيل هذه الطلبات.

لم يكن أبو مازن وحده الذى نفد صبره وأقدم على القرار الذى اتخذه، فمن الناحية الأخرى ورغم الضغوط التى مارستها أمريكا على الجانب الفلسطينى (نشفوا دمى.. قال لنا أبو مازن) إلا أن جون كيرى وزير الخارجية الأمريكية وجد نفسه بعد الوقت الطويل والجهد الضخم الذى بذله يعلن فى الكونجرس مسؤولية إسرائيل عن فشل المفاوضات التى خصص لها كل الوقت والجهد بعد أن رفضت الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الذين كان يجب أن تفرج عنهم، وأكثر من ذلك أعلنت عن بناء 700 وحدة سكنية جديدة فى المستوطنات، وهى أول مرة يوجه فيها كيرى اللوم إلى إسرائيل وحدها بعد أن تعود أن يلوم الطرفين فى الأزمات!

ولكن ليس معنى هذا أن أمريكا أدارت ظهرها لإسرائيل، ولكن على الأقل يعد ذلك تبرئة للفلسطينيين ولو لفترة لن تطول، وبعدها يبدأ الضرب كما يقول أبو مازن أو المفاوضات كما يحاول كيرى!

salahmont@ahram.org.eg