أكد الدكتور محمد البرادعى، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن هدفه الأساسى ليس الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية، موضحا أنه يهدف إلى أن يرى «مصر التى ترعرعت فيها تحقق تحولا حقيقيا نحو الديمقراطية».
وقال البرادعى، فى برنامج «أمانبور» فى حلقة حملت عنوان «مستقبل مصر» بثتها محطة «سى.إن.إن» مساء أمس الأول: «لدينا رئيس ظل فى السلطة منذ 30 عاما، وهناك قانون طوارئ منذ 30 عاما.. وهذا ينم عن الافتقار إلى الديمقراطية».
وحول الضمانات التى يسعى إليها، ذكر البرادعى خلال البرنامج الذى شارك فيه من القاهرة عبر الأقمار الصناعية المهندس أحمد عز، أمين التنظيم بالحزب الوطنى، أنها «مثل الضمانات فى كل بلد ديمقراطى فى العالم، انتخابات حرة ونزيهة ورقابة دولية ولجنة مستقلة تعتنى بالانتخابات لضمان عدم تزويرها كما هو معتاد، وضمان فرص متكافئة فى وسائل الإعلام للمرشحين».
وأكد ضرورة تغيير الدستور، «لأن الأسلوب الذى صيغ به لا يسمح إلا لعدد قليل جدا من الناس بالترشح للرئاسة».
وأضاف: «الديمقراطية لم تعد جزءاً من نمط حياة المصريين منذ 50 عاما، وأشعر أننى عندما أجلس وأجادل عن حاجة مصر للديمقراطية مثلما أجادل فيما إذا كانت الأرض مسطحة أو كروية.. نحن نحتاج إلى الديمقراطية بأسرع ما يمكن، فهذه قيمة أساسية وجوهرية».
وحول قدرته على الترشح، أوضح أنه ينظم حركة شعبية كى يدفع الحكومة ويوصل لها رسالة واضحة مفادها: «إننا بحاجة لتغيير الدستور، وأن ينضموا إلى باقى العالم، كى تصبح مصر دولة ديمقراطية»، معربا عن أمله فى أن يستجيبوا له فى الحكومة وأن يحققوا ذلك الآن وعند الانتخابات التى تعقد فى خريف العام المقبل.
و قال: «لابد أن نجعل الحكومة تفهم أن الإبقاء على الوضع الراهن هو طريق مسدود».
وفيما يتعلق بقدرته على تعبئة الجماهير، خاصة أنه ليس لديه مقر رسمى، قال المرشح المحتمل للرئاسة: «أنا عامل حقيقى للتغيير بالنسبة للناس، ولكنى شخص افتراضى بالنسبة للنظام، ليس لدى مقر ولا أستطيع جمع التبرعات، غير أن لدى كثيراً من المتطوعين فى بلد أشن فيه حملة من أجل التغيير وأشرح للناس كيف أن التغيير سيؤثر على حياتهم الاقتصادية والاجتماعية».
وأشار إلى أن هناك كثيرا من الأمل، مستطردا: «لست واثقا كيف سيتأتى ذلك، لكنى أبذل قصارى جهدى لمصر والبشرية، فكل إنسان له الحق فى أن يعيش فى سلام وحرية وكرامة وفخر».
وعن مخاوفه بشأن سلامته الشخصية بسبب الإقدام على الترشح، وما إذا كان سيعرضه للاعتقال، قال البرادعى: «ليس هذا قلقى الرئيسى، ولكنى مستعد لأن أمضى فى طريقى كله، وأن أضمن أن تكون هذه البلاد قاطرة للتحديث والحداثة فى العالم العربى، وأن يكون التغيير فى مصر له تأثير كبير على باقى العالم العربى»، معربا عن اعتقاده فى أن المصريين يستحقون أفضل مما هم عليه اليوم»، مؤكدا فى الوقت نفسه أن حركته «سلمية غير عنيفة، وهو ما أقوله فى كل مكان أذهب إليه حيث ألقى دعما هائلا للتغيير فى مصر».
وردا على مداخلة البرادعى، قال المهندس أحمد عز، إن مصر تتطور فى معظم مجالات الحياة، وأن التنوع السياسى الذى يحدث فى الوقت الراهن، «لم يكن مسبوقا فى جيلى».
ووصف أمين التنظيم بالحزب الحاكم، البرادعى بأنه «رجل محترم للغاية»، وقال: «نرحب به فى الجدل السياسى الحيوى، ولديه طريق واضح بأن يترشح فى انتخابات 2011 إذا اختار ذلك».
وفيما يتعلق بإمكانية الترشح وتعليقا على قول عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن الطريق للرئاسة مغلق، أكد عز «أن الدستور واضح فى هذه المسألة، وأن جميع الأحزاب تستطيع أن تدفع بمرشحيها، ولكن البرادعى يتردد ويفضل أن يترشح مستقلا»، واعتبره العقبة الوحيدة أمام نفسه.
وأضاف: «حزبى أوضح أنه يرحب بانضمام البرادعى فى إطار سياسى»، مشددا على ضرورة أن يوضح البرادعى موقفه تجاه عدة قضايا، منتقدا ائتلاف البرادعى «الذى يضم اليسار المتشدد والذى يتبنى سياسات الستينيات المجربة والقديمة، واليمين المتشدد الذى يضم الإخوان المسلمين والذى يتبنى الديمقراطية وفقا للرئيس الإيرانى أحمدى نجاد».
ودافع أحمد عز عن قانون الطوارئ، ووصفه بأنه قانون «وطنى» ويستخدم لمكافحة الإرهاب أو تجنب أى تهديد إرهابى، مشددا على أن القانون «لم يستخدم لقمع الحياة الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية، خاصة بعد أن كشفنا أن هناك خلايا لحزب الله فى مصر كانت تنوى مهاجمة قناة السويس».
وردا على سؤال عن السبب فى استخدام القانون لسحق التجمعات السياسية، قال عز إن هناك كل يوم احتجاجات ومظاهرات لأسباب سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، و«أقابل ذلك كل يوم فى حياتى البرلمانية»، رافضا الصورة الكرتونية التى تصور القمع فى مصر وانعدام الحرية مؤكدا أنه يجانبها الصواب.
ودلل أمين التنظيم على قوله بأن هناك قرابة 300 مطبوعة فى مصر و50 شبكة تليفزيونية على الأقل، وأن البرادعى ظهر خلال المدة القصيرة التى قضاها فى مصر على الصفحة الأولى فى الصحف، ويذهب إلى تجمعات سياسية وزار الجامع الأزهر ويتحدث فى برامج «التوك شو»، نافيا ما يتردد عن أن النظام يحارب التعددية السياسية بالقوة فى مصر.
من جانبه، قال الدكتور سعد الدين إبراهيم، عضو ائتلاف المنظمات المصرية، الذى شارك فى البرنامج من الاستوديو بالولايات المتحدة: «إن هناك نحو 1.4 مليون فرد أمن دولة يستطيعون كسر أو تقويض أو تشويه سمعة أى منافس سياسى، مثلما فعلوا معى ومع أيمن نور وأناس كثيرين».
وردا على سؤال حول كيفية أن يعد شخص نفسه سياسيا فى دولة مثل مصر اليوم، قال إبراهيم: «إن ذلك يتحقق من خلال ما نسميه (العصيان المدنى)، مثل غاندى ومارتن لوثر كينج، ونحن لا ننتظر إذنا من الدولة أو من نظام ينوى البقاء فى السلطة أو لا يسمح بمشاركة السلطة ولا يسمح بتداولها».
وفيما يتعلق باعتقاده ما إذا كان خوض البرادعى السباق الرئاسى سينتج عنه شىء دراماتيكى مثل «العصيان المدنى»، قال إبراهيم: «لابد أن يتصرف البرادعى وفقا للمثال الذى ضربته، لابد أن يكون غاندى أو مارتن لوثر كينج إذا استطاع ذلك، فجميع القادة الذين أخذوا على عاتقهم قضية التغيير لابد أن يقدموا بعض التضحيات».
وانتقد سعد الدين شروط الترشح للرئاسة، تعليقا على قول أحمد عز إن هناك عديدا من الأحزاب المدنية دعت البرادعى كى يترشح، وقال: «هناك 13 شرطا للترشح للرئاسة فى الدستور، وهذا غير مسبوق، فلابد أولا أن أن تنضم لحزب قبل عام من الانتخابات على الأقل، ثانيا يجب أن تكون من قيادات الحزب وليس عضواً عادياً وألا تحمل جنسية من دولة أجنبية حتى لو تنازلت عنها».
وأشار إبراهيم إلى أن المادة 76 الخاصة بالانتخابات هى أطول مادة فى دساتير العالم حيث تشمل 4 صفحات، وتضاهى الدستور بأكمله.
وردا على سؤال بشأن عدم وجود «خطة للخلافة» فى مصر وعدم تعيين مبارك نائبا له، قال إبراهيم: «الحكمة التقليدية فى مصر والحديث السياسى هنا هو أن عائلة مبارك أخذت تعد أحد أبنائها وهو جمال مبارك، الذى يعد شخصية قيادية فى الحزب الوطنى الحاكم»، معربا عن اعتقاده بأن ظهور البرادعى على المشهد السياسى غيّر سيناريو الخلافة الذى كان يعد له مبارك والحزب منذ 10 سنوات.
ولم يستبعد سعد أن يترشح الرئيس مبارك إذا ساعدته صحته، «لأنه لو ترشح للمنصب فسيحظى بفرصة أكبر من نجله جمال». وقال: «إذا ترشح مبارك فسوف تكون هناك منافسة حقيقية إذا ترشح البرادعى أمامه فى ظل رقابة دولية»، مضيفا: «سوف تكون انتخابات حقيقية ستقود إلى الديمقراطية فى العالم العربى كله».