ديمقراطية صافيناز واستربتيز تامر

جمال الجمل الأربعاء 19-03-2014 20:55

تخيلوا..
هل تخيلتم؟
هذا ما أتمناه، لأن الحياة بلا خيال مجرد أرض بلا سماء ولا مستقبل.. جثة مهما كانت معطرة.
....................
تخيلوا أيها الأصدقاء المراهقون في كل مراحل العمر.. إنني ظللت عشرين عامًا أخجل من مشاهدة الأفلام العاطفية مع أفراد أسرتي خاصة لو تضمنت قبلات ومشاهد غزل ودلال، واتخذت موقفًا عدائيًّا من سعاد حسني حتى اكتشفت أنني كنت أتجنبها لأنني في الحقيقة، كنت أتمناها، أو حسب تعبير الشاعر الهندي العظيم طاغور: «كنت أخجل من المديح لأننى في أعماق نفسي أشتهيه» ولذا أيها الأصدقاء الخجولون أدعوكم لخلع..
تريثوا ولا تسيئوا الفهم.. أدعوكم لخلع الأقنعة، واستكشاف ما يدور في أعماق نفوسكم فربما كان «المظهر المقدس» يخفي داخله قليلا من «الفكر المدنس»، وربما كانت «الراقصة» أكثر شرفاً من «المدرسة» كما أنبأنا جان بول سارتر في «المومس الفاضلة»، فنحن نعيش في عصر التمويه والتزييف واختلاط الأمور وغياب الحقائق بالرغم من هذا التعري فالملابس التي خلعتها النساء في أعقاب انفجار ثورة الجسد، ارتدتها الحقيقة، بحيث لم يعد هناك ما كان يسميه البعض «الحقيقة العارية»، فكل شيء أصبح عاريا ما عدا الحقيقة!.. لذا أيها الأصدقاء المراهقون في كل مراحل العمر، لا تنزعجوا من تلك الصرخات الهستيرية المتعصبة لدعاة الأخلاق وحراس الفضيلة، فخلف كل صرخة غاضبة رغبة جارفة في الامتلاك والامتطاء والمماجنة والتهام التفاحة المحرمة.
لا تنخدعوا من تلك المرأة العارية التي توزع ابتساماتها ونظراتها الموحية، والمساحات الخاصة من جسد وهمي مصبوغ بالضوء والوعود الكاذبة، فداخلها تاجر نصاب يسرقكم، وخلفها تاجر نصاب يسرقها ويسرقكم.!

المرأة التي تريدكم لا تخلع ملابسها في الشارع ولا تتدلل أمام الكاميرات، كذلك المرأة التي تريدونها لن تجدوها في لعبة الإغواء الافتراضية الساذجة على الفضائيات والشبكة العنكبوتية.. أما إذا كنتم قد وقعتم بالفعل في هوى المرأة السلعة? فيجب أن تتعلموا الحذر وتتحسسوا رؤوسكم عندما تبدأ سالومي في الرقص حتى لا تلقوا مصير يوحنا المعمدان?
هل تصدقون أيها الأصدقاء المراهقون في كل مراحل العمر أننا ندفع ثلاثة مليارات دولار مقابل النظر لصور النساء العاريات؟ كما ندفع ثمانية مليارات قيمة اشتراكات المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت التي وصل عدد صفحاتها إلى 650 مليون صفحة حسب إحصاء عام 1998، فيما يتوقع خبراء الشركات العملاقة العاملة في مجال الاتصالات وتقديرات وزارة التجارة الأميركية أن يكون عدد هذه الصفحات الماجنة قد وصل إلى أكثر من ستة مليارات صفحة في منتصف العام الجاري؟
في ظل هذا «الإغواء التجاري الكوني» فقدت الأنثى حرارتها التلقائية، وفرضت «الصنعة» شروطها بحيث لم يجد بجماليون أمامه سوى احتراف «القوادة» واستنساخ معشوقته «جالاتيا» في ملايين النسخ الافتراضية ربما انتقاماً من تمردها عليه لتتسع دائرة الإغواء بشكل كوني مجنون حسب القاعدة المعروفة «العنف يولد العنف»، و«الإغواء يولد الإغواء» خاصة مع مخطط توسيع مساحات «ديموقراطية العري» و«ثقافة الاستربتيز»، وتحويل «المحظور» إلى «مسموح مألوف»، و«الممنوع» إلى «مرغوب مباح» عبر أساليب أصبحت من «علامات» التطور والتقدم في الحضارة الحديثة.. حيث يتم استخدام الفنون بأشكالها وبيوت الأزياء ومصانع مستحضرات التجميل، ونمط الإعلان، وترويج المفاهيم عن الصورة المطلوبة للأنثى بحيث بات الاحتشام مرادفاً للتخلف، والعري دليلاً على التحرر والتعرف على جغرافيا الذات!!

في هذا الإطار دخلت الأغنية العربية «حفل الاستربتيز الكوني» كما دخلته من قبل كل الأنشطة الثقافية والسياسية والاقتصادية، بحيث عثرت مشاهد «السيمي بورنو» على مشروعية دخول البيوت.
في هذه الظروف الشاذة لم يعد غريباً أن تتصاعد شهرة صافيناز وسما المصري، ويجد «المجتمع الديمقراطي» متسعاً من الوقت والدأب لمتابعة أخبار وصور زينة وأحمد عز، لكنه لا يجد الوقت لفهم حقيقة إقدام طلاب جامعيين على التحرش بطالبة مهما كان مظهرها، والمؤسف أن يحدث هذا في أول قلعة للتنوير الحديث في الشرق الأوسط، والتي شهدت اختلاط الطلاب بالطالبات منذ بدايات القرن الماضي، والمؤسف أكثر أن هؤلاء الطلبة يدرسون في كلية الحقوق يعني المفترض أنهم حراس دولة القانون، وفرسان العدالة الذين يدافعون حتى عن الجواسيس والراقصات، لكنهم يأكلون لحم فتاة ويرمونها بالتهم كأن المشهد لم يكشف مدى الانحطاط الأخلاقي ليس في الجامعة فقط ولكن في المجتمع كله واسألوا بوقا ملوثا اسمه تامر أمين، ولا شك أن القضية تحتاج إلى المزيد من «المكاشفة» و«الشفافية» و«التعري».
فاخلعوا..
اخلعوا الأقنعة