أطفال فى يوم اليتيم: أنا لسه قادر فى الحزن أفرح

السبت 03-04-2010 23:00

فى الجمعة الأولى من شهر أبريل كل عام، يحتفل المصريون جميعاً بـ«يوم اليتيم»، وهو العيد الذى تم إقراره رسمياً منذ عام 2004، وعلى مدار الأعوام الماضية شهد مجال العمل الخيرى ورعاية الأيتام طفرة كبيرة فى مصر، زادت خلالها أعداد الدور التى تهتم بإيواء الأيتام، وزاد المتطوعون المقبلون على المساهمة فى الأعمال الخيرية، أطفال ونشطاء ومتطوعون يحاولون رسم ابتسامة على وجوه آلاف الأيتام فى مصر، بعضهم اختار دور العائلة البديلة، وآخرون اكتفوا بالهدايا، وبينما يمر يوم اليتيم حاول آلاف الأطفال فى دور الأيتام أن يبتسموا للدنيا التى لابد أن تبتسم لهم يوما ما. «المصرى اليوم» تدخل هذا العالم وترصد بالكلمة والصورة محاولات رسم ابتسامة على وجوه أيتام مصر.

أم بديلة وأخت بديلة وأسئلة بلا إجابات: يعنى إيه يتيم؟

بملامح طفولية بريئة تتناسب مع سنه التى لم تتجاوز السنوات التسع، جلس خالد ليحكى عن تفاصيل حياته اليومية فى دار «رسالة» للأيتام، دون أن يعى بعد أنه يتيم، أو حتى أنه يعيش فى إحدى دور الأيتام.

«أنا نفسى أطلع صيدلى زى أختى الكبيرة شيماء»، يقولها خالد بكل فخر، إلى الدرجة التى جعلت المشرفين على الدار يقومون بوضع لوحة صغيرة على باب غرفة خالد مكتوب عليها «خالد الصيدلى»، كمساعدة له على إتمام حلمه.

ترجع قصة خالد إلى الأيام الأولى بعد ولادته، حيث استقر فى الدار نتيجة أنه «مجهول النسب»، ولم يُعثر على أى من والديه، لكنه وبسبب سنه، لم يستطع أن يستوعب بعد فكرة أنه يتيم أو بلا أبوين، بل لديه اقتناع تام بأن «الدار» هى بيته الذى لم يعرف غيره منذ أن فتح عينيه على الدنيا.

توفر جمعية «رسالة» لكل 5 أيتام شقة ليعيشوا فيها مع إحدى الأمهات البديلات التى ترعاهم وتهتم بشؤونهم وتوفر لهم احتياجاتهم العاطفية فى أن ينادوا عليها بلقب «ماما» الذى حُرموا منه، لذلك فإن خالد مازال مقتنعا بأن الأم البديلة هى والدته الحقيقية التى لا يستطيع الاستغناء عنها، ومع توفير جمعية «رسالة» نشاط «الأخ الأكبر»، أصبح خالد لديه 5 إخوة دائمين، ثلاثة منهم شباب وفتاتان، ولا يمر يوم دون أن يرى فيه واحداً منهم ويواظبون جميعهم على زيارته فى مواعيد منتظمة.

«المدرب بتاعى بيقول إنى هاكون أحسن لعيب كورة فى العالم، زى أبوتريكة كده.. أنا بحب أبوتريكة أوى وبكره هابقى لعيب زيه»، يقولها خالد وهو يلعب بكرته الصغيرة، معلنا عن انتمائه الطفولى للنادى الأهلى ومحبته الشديدة لصاحب الفانلة رقم 22.

هناء عبدالرحمن، مسؤولة نشاط الأخ الأكبر بجمعية «رسالة»، تروى قصة خالد الذى لم يؤثر اليتم كثيرا فى حياته الشخصية، حيث يعتبر من أذكى الأطفال خاصة مع تقدمه الدراسى: «خالد دائما ما يحصد المركز الأول طوال أعوامه الدراسية، وحتى فى الألعاب الرياضية تميز خالد كثيراً عن باقى أقرانه فى لعبة كرة القدم التى أبدى فيها تفوقاً ملحوظاً».

وتوضح هناء أن الجمعية تذهب إلى إدارات المدارس التى سيلتحق بها الأطفال الأيتام لبيان وتوضيح حالتهم الاجتماعية، لكن مع الحرص الشديد على ألا يصل خبر أنهم أيتام للمدرسين أو زملائهم من الأطفال، والسبب فى ذلك كما تقول هناء: «لما حد يعرف إن الطفل اللى قدامه ده يتيم بيبتدى يهتم بيه زيادة، ويتغافل عن أخطائه بسبب تعاطفه معاه، وإحنا مش عايزين نربيهم بطريقة مختلفة، لازم يكون فيه مبدأ الثواب والعقاب زى أى طفل طبيعى».

لا يسأل خالد كثيرا عن والديه لأن والدته «البديلة» وإخوته فى نشاط «الأخ الأكبر» جعلوه لا يلاحظ يتمه كثيرا، لكنه يعود ليسأل أسئلة أخرى غير متوقعة مثل «هى فين جدتى؟ هو أنا ليه معنديش تيتة؟»، وهو ما تحاول هناء تعويضه قليلا بوجود المتطوعات من كبيرات السن اللاتى يمكنهن أن يعوضنه عن دور الجدة فى حياته.

لا يتوقف خالد عن الحديث عن إخوته وتحديدا أشرف الذى يقول عنه: «أنا أخويا أشرف ده أحسن واحد فى الدنيا، وأنا بحبه أوى».

يصحو خالد فى أيام إجازاته فى التاسعة صباحا ويبدأ يومه كالتالى: «أنا بصحى وبعدين أتوضا وأصلى وأقعد بعدها أتفرج على كرتون يويو، وبستنى بقى لما إخواتى ييجوا علشان يفسحونى، أو يذاكرولى أيام المدرسة» مؤخرا بدأ خالد فى التساؤل على استحياء: «هو ليه البيت بتاعى كبير أوى، وليه فيه ناس كتير معرفهمش بييجوا يقعدوا معانا؟»، يسكت قليلا ثم يضيف: «يعنى إيه يتيم يا جماعة؟»، يحاول أشقاؤه البدلاء كثيرا تخفيف الأمر وتوصيله بصورة هينة وبسيطة «اليتيم هو اللى ماعندوش أم وإخوات ولا مكان يعيش فيه». فى الدار يعيش خالد وسط أم بديلة وأشقاء بدلاء، ويوما بعد يوم سوف يدرك أن يتمه لن يكون عائقا أمام المستقبل.