شكَّل زياد الرحبانى ظاهرة فريدة فى عالم الموسيقى، بالإضافة إلى أنه شخصية مثيرة للجدل فى كل ما يتعلق به سواء أعماله الفنية أو حياته الخاصة.. ظهر زياد مع أمه فيروز فى مسرحية «ميس الريم» فى دور شرطى يسأل فيروز عن اسمها، وعن ضيعتها فى حوار ملحن.
وفى ذات المسرحية ألف موسيقى المقدمة، التى أذهلت الجمهور بالرتم الموسيقى الجديد الذى يدخله هذا الشاب على مسرحيات والده وعمه... شارك زياد فى مهرجان القاهرة الدولى لموسيقى الجاز على مسرح ساقية الصاوى وهى المرة الأولى التى يزور فيها القاهرة، واستغلت «المصرى اليوم» الفرصة لإجراء حوار صحفى معه.
أكد زياد الرحبانى أن الألحان الموسيقية الأربعة التى لحنها رياض السنباطى لفيروز تم الانتهاء من تسجيلها مؤخرا، وسوف تختار الوقت المناسب لتقديمها فى القاهرة على شرف الموسيقار الراحل رياض السنباطى، وكانت الألحان الأربعة التى كتب قصيدتين منها الشاعر اللبنانى جوزيف حرب وكتب الأخرى عبدالوهاب محمد، قد أهداها رياض السنباطى لفيروز فى مطلع الثمانينيات من القرن الماضى، لكن لم تكتمل البروفات التحضيرية لها بسبب سوء حالة زوجها الموسيقار عاصى الرحبانى، ووفاته بعد ذلك، ثم وفاة رياض السنباطى فى العام التالى، وبذلك توقف مشروع السنباطى لفيروز،
ولا شك أن لقاء السنباطى مع فيروز يمثل حدثا فنيا، وقال: ألحان رياض السنباطى لفيروز متفردة فى قيمتها لأنها وضعت بطريقة مختلفة فى التلحين والبناء الهارمونى الحديث، وسبب تأخر إصدارها وجود مشكلة فى بعض المقاطع الموسيقية التى تم علاجها، وهى جاهزة الآن، لكن اختيار وقت تقديمها يرجع للسيدة فيروز.
■ هل عدم زيارتك لمصر بسبب مواقفك السياسية؟
- هذه هى المرة الأولى لزيارة القاهرة، والمرة الأولى التى أترأس ندوة للحديث عن الفن، وكان المفروض أن أزور مصر عام 1998 لتقديم حفل غنائى، وكان زياد أحمد بهاء الدين يعمل على الإعداد لها فى الأوبرا، لكن تأجل الحفل، ومن وقتها لم أتلق اى دعوة لزيارة القاهرة، وقد سمعت من بعض وسائل الإعلام أن عدم حضورى كان بسبب موقف سياسى تجاه مصر، وهذا غير صحيح، والدليل أننى عندما دعيت لحفل الجاز فى ساقية الصاوى حضرت دون تردد.
■ لماذا تخلط الفن بالسياسة، وهل يجب أن يكون للفنان وجهة نظر فى القضايا السياسية؟
- الفن موجود فى طبيعة الإنسان ويمكن للشخص البسيط أن يتذوقه بمجرد سماعه، ولا يمكن أن تفصل الفن عن احداث الحياة سواء سياسية أو اجتماعية، وبداخل كل إنسان فنان يظهر عند سماع الموسيقى أو رؤية شىء جميل، والإنسان لا يخترع شيئاً، فكل شىء موجود ويمكن الكشف عنه، أما الإبداع فيحدث عندما تنضبط كل الأمور مع بعضها، وتأليف الموسيقى أو ارتجالها شىء من عند الله ليس للإنسان دخل فيه، ولو سئل مؤلف موسيقى كيف أبدعت هذه النغمة أو الجملة الموسيقية لا يستطيع الإجابة.
■ ما هى مشروعاتك الفنية الحالية؟
- لا توجد مشروعات الآن، وعرض موسيقى القاهرة للجاز، فرصة للتعرف على الجمهور المصرى عن قرب والتعرف على الموسيقيين المصريين، بدلا من معرفتهم فقط من خلال الألبومات المسجلة، ورغم أن هذه المناسبة ليست شاملة إلا أنها أفضل لى.
■ وما الذى اكتشفته بعد مقابلة الموسيقيين المصريين؟
- اكتشفت أن معظم الموسيقيين العرب من مصر ولهم دراية كبيرة فى العزف، كما أن نصف العازفين معى فى ساقية الصاوى من مصر، وفى المرة القادمة سوف يكون كل العازفين من مصر، فنحن نعانى فى بيروت من قلة العازفين، لدرجة أنه إذا غاب موسيقى فنضطر إلى تأجيل الحفل، بينما فى مصر توجد بدائل كثيرة ومتنوعة، وتوفر الموسيقيين فى مصر يحول دون احتكار شروط السوق.
■ لماذا لا يقبل الجمهور على الموسيقى الكلاسيكية؟
- الموسيقى الكلاسيكية لها جمهور ذو طبيعة ثقافية خاصة، والثقافة لها دور مهم فى عزوف الناس أو إقبالهم عليها، وعلى الدولة أن تقوم بتسهيل أمور الثقافة للناس، دون الاعتماد على القطاع الخاص، لكننا نعانى من عدم وجود الدولة.
■ هل تأثرت بالموسيقى المصرية فى أعمالك؟
- استمعت للموسيقى المصرية فى أعمال الفنان القدير سيد درويش والسنباطى وبليغ حمدى، وغيرهم، ولا شك فى أن الطرب يعنى مصر، ومصر هى الطرب، وكنا نقول للعازف فى بعض الأعمال لا تطرب (أى لا تغنى بالطريقة المصرية)، لكن كما كان والدى يقول لى «هل تكفى على موسيقانا حتى تغنى بالمصرية»، وموسيقى الرحبانية قدمت شيئاً ذا قيمة وعلى أن أستوعبه وأكمله، ويمكننا أن نتواصل مع المصريين فى أى شىء به غناء وموسيقى.
■ لماذا توقفت عن المسرح الغنائى؟
- قدمت مسرحا غنائيا بالصدفة، وذلك عندما طلب منى تقديم مسرح فى أحد النوادى الرياضية، فقد كانت هناك فرقة موسيقية تقدم فى كل صيف أحد أعمال الرحبانية المسرحية، وطلبوا منى وقتها إعادة تقديم هذه الأعمال المسرحية، وبالفعل قدمت أول عمل مسرحى «سهراية» وهو محاولة فى الحوار الغنائى، وفيها رقصة الدبكة اللبنانية، مع بعض الأغانى، وكان هدفى من تقديم أعمال مسرحية هو الحصول على الأموال لإنتاج الموسيقى الغنائية.
■ وهل نجحت فى ذلك؟
- بدأت فى تأسيس استوديو غنائى، واشتريت آلات موسيقية، وبدأنا تقديم الأعمال الغنائية، بعدها توالت المسرحيات الزيادية، ولكن بأسلوب مختلف جدا عن أسلوب الأخوين رحبانى، حيث اتخذت مسرحيات زياد الشكل السياسى الثورى والواقعى، الذى يمس جوهر الشعب فى حياته اليومية، بعد أن كانت مسرحيات الأخوين رحبانى، تغوص فى المثالية، وتبتعد قدر الإمكان عن الواقع، ويعيش فيها المشاهد خيالا آخر، وعالما آخر، هذا ما لم يقبله زياد لجمهوره.
■ هل إبداع الفنان يتوقف على ظروف المكان الذى يعيش فيه؟
- المكان والظروف معا هما سبب الإبداع بشتى ألوانه.
■ لماذا أعدت غناء (أخد حبيبى) للمطربة فايزة أحمد؟
- أغنية «أخد حبيبى» من التراث القديم، وأحب سماعها وأظل أرددها كلما سمعتها.
■ هناك أعمال مسرحية تقومون بإعادة تقديمها مثل ( صح النوم) هل ذلك لأسباب سياسية؟
- إعادة مسرحية (صح النوم) ليس قرارى، ولكن قرار فيروز، فهى تحب المسرح الغنائى، وطلبت منى ومن غيرى أن نكتب مسرحا غنائياً، وقد قدمنا أعمالا مسرحية آخرها عام 1994وضميرى مرتاح من حينها، ولم أفكر فى عمل مسرحى حاليا، وكانت أولى الأغانى التى قدمتها لفيروز عندما تعرض عاصى الرحبانى لوعكة صحية، وظل طريح فراش المرض فترة طويلة، وكان على الفنانة فيروز أن تلعب الدور الرئيسى فى مسرحية (المحطة) للأخوين رحبانى، لذلك كتب منصور كلمات أغنية تحكى عن غياب عاصى لتغنيها فيروز، وأوكل لى مهمة تلحينها، (سألونى الناس) ونجحت وأحبها الجميع، وكانوا مذهولين باللحن الموسيقى.