اللغة التى نستخدمها فى رسائلنا ومخاطباتنا الرسمية هى أحد الفوارق الأساسية بيننا وبينهم هناك فى الشمال والغرب.. فاللغة عندنا فضفاضة تحمل مفرداتها عشرات المعانى والاحتمالات دون تحديد وحسم ووضوح.. أما رسائلهم هناك فهى مختصرة مباشرة وصارمة.. والبيان الرسمى الصادر عن اللجنة الأوليمبية الدولية بشأن أزمة الرياضة المصرية.. منح الحكومة المصرية وحدها حق صياغة قانون جديد للرياضة فى مصر بشرط أن يتوافق هذا القانون مع الميثاق الأوليمبى وأن توافق عليه اللجنة الأوليمبية الدولية بعد الانتهاء منه.
كلام فى منتهى البساطة والوضوح لا يحتمل أى لبس وليس فيه أى مجال لتكهنات واختيارات وبدائل.. كلام يتناقض تماماً مع ما يقوم به حالياً خالد زين، رئيس اللجنة الأوليمبية المصرية، الذى فاجأ الجميع بتشكيل لجنة الخمسين برئاسة المستشار أحمد الزند لصياغة قانون جديد للرياضة فى مصر.. ومع كامل احترامى لهذه اللجنة ورئيسها إلا أننى لا أفهم من أين جاء خالد زين بحقوقه الزائفة فى تشكيل هذه اللجنة، بل وفى التفكير أصلاً فى صياغة قانون جديد للرياضة فى مصر بدلاً من حكومتها.. فلو كان هذا هو الطبيعى أو المنطقى.. كانت اللجنة الأوليمبية الدولية ستطلب ذلك مباشرة فى بيانها الرسمى.. لكن اللجنة الأوليمبية الدولية تجيد التفريق بين ما يخصها هى وميثاقها.. وحقوق بلدان العالم وحكوماتها وقوانينها.. وليست هناك دولة فى العالم تمنح قطاعاتها الأهلية حق صياغة القوانين التى تبقى فقط من حق الحكومات مثلما يبقى للبرلمانات حق الموافقة والاعتماد.. ولهذا فإن ما يقوم به خالد زين حالياً لا يمكن توصيفه إلا بالتعدى على حق الدولة وحدودها.. والدولة التى أقصدها هنا هى مصر أياً كان اسم وملامح وهوية الذى يحكمها ويدير شؤونها.. ولا أعرف إلى ماذا يستند خالد زين.. وأتحدى لو كانت هناك لجنة أوليمبية واحدة فى العالم كله هى التى صاغت قانون الرياضة فى بلادها.. ثم ما هو مصير هذا القانون الذى ورط فيه خالد زين كل هؤلاء المستشارين ليهدروا أوقاتهم فى صياغة قانون لن تعترف به الدولة التى تقوم فى نفس الوقت بصياغة قانون جديد استناداً إلى طلب اللجنة الأوليمبية الدولية التى اعترفت مباشرة بحق الحكومة المصرية فى صياغة هذا القانون.. وإلى من سيذهب خالد زين بقانونه الخاص عقب الانتهاء منه.. وما كل هذا العبث وخلط الأوراق والأدوار والصفات والمهام.. والمشكلة أن وظيفة خالد زين الرسمية حتى الآن هى عمله بهيئة قضايا الدولة مستشاراً يدافع عن هذه الدولة فى مختلف قضاياها.. أى أن المفترض أن تلجأ الدولة الآن إلى المستشار خالد زين بحكم منصبه ليدافع عنها ضد تجاوزات خالد زين رئيس اللجنة الأوليمبية المصرية.. ولست هنا أدافع عن طاهر أبوزيد، وزيرا الرياضة أو حازم الببلاوى رئيس الحكومة.. إنما هو حق دولة لو لم ندافع عنه الآن فسيصبح مقدمة لمزيد من التفريط فى حقوق أخرى أهم وأخطر.. وإقرار جماعى منا بأنه لم تعد هناك دولة فى مصر.. أو أنه حق لكل منا أن يؤسس فى مصر دولته الخاصة.