اهتم عدد من الصحف البريطانية والأمريكية اليوم بقرار بلجيكيا بمنع ارتداء النقاب في الأماكن العامة باعتبارها أول دولة أوربية تصدر مثل هذا القرار بشكل مباشر في خطوة سابقة عن فرنسا.
ووصفت صحيفة «تايمز» البريطانية حظر النقاب بأنه «إحياء» للمعركة الأوربية القديمة ضد الدين، قائلة: «إن قرار حظر النقاب في بلجيكيا الذي يتزامن مع استعداد فرنسا لاتخاذ مثل هذه الخطوة، ينظر إليه العالم العربي على أنه علامة على انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا في أوربا».
وأضافت الصحيفة البريطانية: أنه من الخطأ وصم كل مؤيدي النقاب بالعنصرية، خاصة وأن الأمر يضرب مسألة الهوية الوطنية في كل من فرنسا وبلجيكا وغيرها من دول أوربا.
وتابعت «المعركة بين الكهنة ومعلمي المدرسة العلمانية نشبت من القرى إلي المدن خلال القرن الـ19، وهي التي حسمت تشكيل نفسية الأمة السياسية».
من ناحيتها، قالت صحيفة «اندبندنت»: إن هذا القرار من شانه زيادة المخاوف بين الجماعات الإسلامية ومنظمات حقوق الإنسان بأن دولهم ستحذو نفس الطريق في التعامل مع المسلمين.
وأوضحت أن خطوة بلجيكيا «بمثابة ضربة لها، خاصة أن رجال السياسية هناك منقسمون على أنفسهم ، وإن كانوا استطاعوا إيجاد وقت لمناقشة القرار في البرلمان والموافقة عليه بالإجماع، وبلادهم تتأرجح على حافة الانقسام، في ظل اعتبار اليمين المتطرف في بلجيكا بأن القرار خطوة أولية ضد الأسلمة».
ورصدت الصحيفة أن هناك تنامي في ظاهرة ارتداء النقاب سواء في فرنسا أو بلجيكا، إلا أن التشريعات المناهضة للنقاب وجدت دعماً لها من مختلف الانتماءات السياسية على الرغم من المعارضة بين اليمين واليسار، وهو الأمر الذي خلق تحالفات غير طبيعية بين المحافظين الاجتماعيين وجماعات الضغط النسائية.
على صعيد الصحافة الأمريكية، قالت صحيفة «واشنطن بوست»: «إن بلجيكا أصدرت قرارها بمنع النقاب على الرغم من أن عدد المسلمين هناك يشكل أقلية صغيرة تصل نسبتها إلي حوالي 3% من سكان الدولة التي يصل تعدادهم إلي 10 مليون نسمة».
وأرجعت الصحيفة موقف بروكسل إلي أنها «تريد التعامل مع إدماج المهاجرين المسلمين خوفاً من أن تكون التجمعات الإسلامية أرضا خصبة للتطرف، وهي مشكلة خطيرة ومعقدة»، إلا أنها اعتبرت أنها «عالجت المشكلة على نحو بالغ من السوء، خاصة أن رد فعل الحكومات الأوربية وتعصبها ضد المهاجرين أو المسلمين ككل من شأنه أن يؤدي إلي تفاقم عزلة المسلمين في المجتمع الأوربي حتى غير الملتزمين دينيا منهم».
وتساءلت «واشنطن بوست» عن ماهية التهديد الذي يمكن أن يواجه الهجمات الأوربية ضد ارتداء الحجاب الإسلامي، لافتة إلي أن أزمة «مكافحة البرقع» تجتاح أوربا حاليا، فبالإضافة إلي بلجيكيا وفرنسا، تدرس إيطاليا وهولندا فرض حظر النقاب، واصفة القول بأن «فكرة ارتداء النقاب يشكل تهديداً جنائياً أو ثقافياً» تعد أمرا «سخيفا».
وأشارت إلي أن «أولئك الذين يدافعون عن حظر النقاب لحماية حقوق المرأة يعودون بالدولة إلي الوراء، لأن ما يفعلونه هو الذي يعد انتهاكا للحقوق الأساسية في حرية التعبير والحرية الدينية، فضلا عن أنها تؤدي لتفاقم مشكلة خطيرة جداً، إذ إن منع المسلمين في أوربا من ممارسة عباداتهم وحظر ملابسهم وعاداتهم من شأنه أن يشعرهم بأنهم ليسوا أوربيين، ويخلق أوربا أقل حرية».