نهاية مأساوية ليوسف زيدان

ثروت الخرباوي الثلاثاء 28-01-2014 20:03

فيما لو استمر حكم الإخوان ـ والحمد لله أنه قدَّر أمرا آخراـ فما الذى كان من الممكن أن يحدث للمبدعين والأدباء والفنانين، أنا أطرح عليكم الفكرة وسأترك لنفسى التخيل، وسأتحدث عن الروائى والمفكر المبدع يوسف زيدان، الذى ناصبوه بالبلاغات، وحين قام بتصحيح بعض الأخطاء التاريخية التى وقع فيها مرسى وهو يلقى خطابا ركيكا حينما قررت دولة باكستان أن تعطيه الدكتوراه، إذا بالإخوان يهجمون بفحش ألفاظهم على الرجل، ولكن الراهب هيبا بطل رواية عزازيل لم يرتض هذا الهجوم على صاحبه، فقابلنى وقص على هذه القصة التى سأرويها لكم على لسانه.

يقول الراهب هيبا: «هل تصدقون أن نهايتى أنا ويوسف زيدان ستكون مثل نهاية المجرمين! هذا هو ما حدث لى فى عهد الإخوان، وتحت ظل حكم الأخ محمد مرسى، تبدأ القصة عندما انفض المستشارون من حول مرسى، فبحث وفكر ودبر، ثم وجد أننى أفضل من يصلح لمنصب المستشار الثقافى له فكان أن اختارنى، ثم سرعان ما انتهت الأيام الجميلة التى قضيتها مستشارا له، وأنا الآن أعض بنان الندم على ما قدمت لهذا الرئيس ولهذه الجماعة، ولكن يجب أن أصدقكم القول، فأنا الذى كتبت خطاب مرسى الذى ألقاه فى باكستان، أنا الذى كتبت فى الخطاب عن البيرونى وابن الهيثم وجابر بن حيان، والحقيقة أننى لم أخلط بين الأسماء والتخصصات أبدا، بل أقسم لكم يمينا مغلظا أننى كتبتها تماما مثلما وصلنا عبر التاريخ ومثلما قال لى يوسف زيدان، إذ إننى كنت أستشيره، ولكن المشكلة كانت فى أمر آخر، إذ إننى أردت أن يظهر مرسى فى صورة الفيلسوف، والفيلسوف كما تعلمون يظهر دائما شارد الذهن ناسيا، يخلط بين الأشياء، ولذلك فإننى نصحته نصيحة كبيرة ومهمة، هى أن يشرب «بيرة إسلامية» قبل أن يلقى الخطاب حتى يبدو فى هيئة الفلاسفة، ناقشنى الرئيس وقتها قائلا: يا هيبا كف عن هذا، ألا تعلم أن البيرة حرام؟

فقلت له: هذا عن البيرة العادية ولكن البيرة التى ستكون معك هى بيرة إسلامية.

قال مرسى متعجبا: وهل هناك بيرة إسلامية؟!

قلت له: وهل هناك صكوك إسلامية، أو فوائد بنوك إسلامية؟ يا سيدى الرئيس العبرة عندنا أن تقرأ قليلا من القرآن على البيرة فتصبح إسلامية! تماما كما فعل مجلس الشورى وهو يصدر الصكوك إذ قام أحدهم بقراءة سورة (لإيلاف قريش) فأصبحت الصكوك على الفور إسلامية.

المهم اقتنع مرسى وشرب البيرة الإسلامية قبل أن يلقى كلمته فكانت المصيبة عندما فعلت البيرة الأفاعيل فى رأسه فكان ما كان وحدث ما تعرفون من فضيحة على مستوى العالم كله، ماذا أفعل أنا ومرسى يفضحنا فى كل مكان.

قبض علىّ البوليس الإخوانى وكأننى حرامى تم ضبطه فى «زنقة الستات» كنت كالأعمى والأطرش وسط الزفة، لا أدرى ما الذى حدث وما الذى سيحدث وما هو سبب القبض علىّ، المهم وجدتنى أخيرا أمام أحد المحققين فى حجرة شبه مظلمة، باغتنى المحقق قائلا: اسمك وسنك وعنوانك، قلت له: هيبا وعمرى ألف وستمائة عام.. قاطعنى المحقق قائلا: إحنا هانهذر.

أنا: لا والله هذا هو اسمى وعمرى، أما عملى فهو مستشار للرئيس وكاتب لخطاباته.

المحقق: أنت تحارب الإسلام بأن وضعت معلومات خاطئة للرئيس فى خطابه

ورغم إنكارى كل الاتهامات إلا أن التحقيق انتهى مع عدد من الصفعات والركلات، وفى السجن الإسلامى المصمم، وفقا لمعايير الشيخ صفوت حجازى تم إلقائى فى غياهب الحبس، وفى السجن رأيت البيرونى، وابن الهيثم، وجابر بن حيان.

سألت البيرونى: ما الذى جاء بك هنا؟

قال: جاء بى بعض الإخوان وأشبعونى ركلا وصفعا وهم يطلبون منى أن أعترف أننى قد اكتشفت «الدورة الدموية» فأقسمت عليهم أننى لم أسمع بها من قبل ولا أعرفها قط وأننى لا أفهم إلا فى الفلك والفيزياء، فضلا عن الشعر والأدب، إلا أن أحدا لم يهتم وصمموا على أن أعترف بالدورة الدموية.

سمعت تأوهات فنظرت لصاحبها فإذا به ابن الهيثم الذى قال لى: وأنا أيضا برعت فى البصريات ولكنهم أشبعونى ضربا حتى أعترف أننى علَّمت العالم التشريح.

ثم سمعت صوتا واهنا وهو يقول: واكرباه إنهم مجانين ورب الكعبة أنا جابر بن حيان يفعلون بى هذا ويلقون بى فى تلك الأقبية الوحشية ويقولون إننى تآمرت على الرئيس والإخوان بالاشتراك مع شخص يدعى «يوسف زيدان» يا ويلتى.

قلت بدورى: يا ويلتى أنا، وياليت يوسف زيدان لم يكتب عنى ولم يرفع ذكرى فى العالمين.

المهم يا سادة أننى مكثت فترة فى سجن الواحات، فى زنزانة واحدة مع يوسف زيدان وابن حيان وابن الهيثم والبيرونى، ولكننى دونهم جميعا متخصص فى كتابة الخطابات لمأمور السجن، ولكن حدث متغير كبير، فقد حدثت ثورة فى مصر بعد أن اكتشف الشعب حقيقة الإخوان، وكان من ناتج هذه الثورة خلع الإخوان، وخرج يوسف زيدان ليكتب لنا «اللاهوت العربى» ولكن هل ينتبه القراء لهذا اللاهوت الذى صنع لكم خطابا دينيا بعيدا عن الإسلام، ها أنا أحرض زيدان على أن يكتب ويكتب حتى ولو صدمكم فيبدو أنكم يا أهل الإسلام تحتاجون إلى صدمة.