ولد الروائي والكاتب البريطاني جورج أورويل، الذي يعد من أشهر روائيي العالم في القرن العشرين، وقد عرف بروايتيه «مزرعة الحيوان»، و«1984»، وهما الأشهر بين أعماله الروائية، واسمه الحقيقي إريك آرثر بلير، في 25 يونيو 1903في قرية مونتهاري بولاية البنجاب الهندية لأسرة متوسطة الحال، وكان أبوه موظفًا صغيرًا في الإدارة المدنية البريطانية بالهند في دائرة الأفيون، وأمه ابنة تاجر أخشاب فرنسي بسيط في بورما لأسرة يصفها «أورويل» نفسه بأنها كانت تتحلى بمثاليات الطبقة البرجوازية ولكنها تفتقر إلى المال لكي تكون من تلك الطبقة.
في روايته «مزرعة الحيوانات» بنى عالما متخيلا من الحيوانات يسرد فيه تاريخ الثورة البلشفية، وكيف انتهى بها الحال في إطارالإرهاب الستاليني، أما روايته «1984» فتدور في إطار تخيلي أيضا ولكنه مستقبلي، يماثل فيه «أورويل» بين جميع أشكال الأنظمة الاستبدادية، سواء الشيوعية أو النازية والفاشية وبين عالمه المتخيل ذلك القائم على نظام الحزب الواحد المتحكم في حياة الناس وضمائرهم.
التحق «أورويل» في 1917 بمدرسة «أيتون» الشهيرة بإنجلترا التي لا يدخلها إلا أبناء الموظفين الكبار أو العائلات الغنية جدا، ولكنهم قبلوه نظرا لذكائه وتميزه وفي هذه المدرسة عكف على القراءة بنهم، وفي1922 وبدلا من أن يتابع دراساته العليا في جامعة أكسفورد أو كامبردج كما يفعل الطلاب المتفوقون، غيّر رأيه و تقدم لمسابقة من أجل الانخراط في البوليس الإمبراطوري و نجح فيه وتم إرساله إلى بورما حيث عمل لـ5 سنوات كرجل شرطة قبل أن يصيبه المرض وتلقى علاجا في إنجلترا وبعد النقاهة قرر الاستقالة من وظيفته، مفاجئا عائلته بقراره أنه لن يكون رجل شرطة وإنما سيصبح كاتباً.
وفي لندن عاش حياة المتسكع التائه التي تشبه حياة الشحاذين، ثم قرر أن يذهب إلى باريس وهناك أيضا عاش حياة المتسكعين التائهين قبل أن يصبح غسالا للصحون في أحد المطاعم، وفي تلك الفترة كتب أول مقال له بعنوان «الرقابة في إنجلترا» ثم عاد لإنجلترا ونشر أول كتبه في 1933 عن حياته الصعبة وذكرياته في كل من لندن وباريس ثم عاد ليعيش الحياة البوهيمية المتسكعة من جديد في إنجلترا هذه المرة، ممارسا أعمالا زراعية صغيرة في الريف الإنجليزي.
وبين عامي 1932 و1934 حظي لأول مرة بمنصب محترم وهو مدرس وفي هذه المرحلة اختار اسما مستعارا له وهو الذي اشتهر به ولازمة باقي حياته وهو جورج أورويل، وحين اندلعت الحرب الأهلية الإسبانية في 1936 ترك «أورويل» وظيفته في انجلترا وانخرط في صفوف المقاومة ضد الفاشية، وكانت الجماعة التي التحق بصفوفها جماعة ماركسية منشقة ومضادة لفرانكو، وأجبر على القتال ضد الشيوعيين عندما حاولوا القضاء على حلفائهم في اليسار المتطرف فهرب عائدا إلى إنجلترا عن طريق فرنسا.
وفي 1939 نشر كتابه «ثناء على كاتالونيا»، ثم سافر إلى المغرب وأقام 6 أشهر في مراكش، وألف كتاب «قليلاً من الهواء الطري» وبعد اندلاع الحرب العالمية الثانية عاد لإنجلترا حيث وقف ضد الذين يريدون الاستسلام لـ«هتلر» وحاول الانخراط في الجيش الإنجليزي لمحاربة الفاشية والنازية، لكن طلبه رفض بسبب مرضه فاستقر في لندن وتعيّش من مقالاته في الجرائد والمجلات وراح يعيش في الجزر مقسما وقته بين المشافي والقراءة والكتابة.
عكف «أورويل» على إنجاز كتابه الأشهر«1984» والذي نشر في 1948 ليصبح إحدى كلاسيكيات الأدب العالمي ولعل من أسباب تفرد إبداعاته أنه عايش كل التجارب التي عبرت عنها هذه الأعمال في تجربة إنسانية فريدة، وكان شاهدا كبيرا على زمنه، فقد عاش حياة البوهيميين والمتشردين في شوارع باريس، كما عاش حياة الشرطي في المستعمرات البريطانية، وحياة الفلاحين في الريف الإنجليزي، وتعرف على الظروف البائسة للعمال في المصانع الإنجليزية، وعاش تجربة الحرب الأهلية في إسبانيا وحاول بكل ما أوتي من إمكانات الدفاع عن الحرية وترك وراءه 9 كتب مهمة ونحو 700 مقال كتبها خلال 16 عاما، حيث لم يعش سوي 47 عاما حيث توفي «زي النهارده» في 21 يناير 1950.
%MCEPASTEBIN%