محمد سلماوي يكتب في «التايمز»: قفزة ديمقراطية تنبئ بعصر جديد

محمد سلماوي الأحد 19-01-2014 23:52

بالتزامن مع جريدة «التايمز» البريطانية، تنشر «المصرى اليوم» الترجمة العربية لمقال الرأى الذى يظهر اليوم فى الجريدة البريطانية العريقة، لمحمد سلماوى تحت عنوان «قفزة ديمقراطية تنبئ بعصر جديد»، والذى يتحدث فيه عن الدستور الجديد الذى أقره الشعب المصرى بأغلبية غير مسبوقة، وعن العصر الجديد الذى تنبئ به تلك القفزة الديمقراطية المصيرية فى تاريخ البلاد.

وقد وضعت «التايمز» المقال فى صفحة الرأى، وعرفت محمد سلماوى بأنه المتحدث الرسمى باسم لجنة الـ«50» لصياغة الدستور، وقالت إنه كاتب مصرى بارز يتولى حالياً رئاسة «اتحاد كتاب مصر»، وهو مؤلف رواية «أجنحة الفراشة» التى تنبأت بثورة يناير 2011، والتى تصدر بالإنجليزية فى شهر مارس المقبل.

يكتسب الدستور المصرى، الذى تمت الموافقة عليه مؤخراً بأغلبية غير مسبوقة فى استفتاء شعبى، أهمية تزيد على أى وثيقة أخرى فى تاريخ مصر الحديث، حيث سيتم من خلاله وضع الأساس لمجتمع جديد طالبت به الملايين التى خرجت إلى الشوارع فى يناير 2011، ومرة أخرى فى يونيو عام 2013، لكن ظلت تطلعاتها فى المستقبل غير ملباة حتى الآن.

فإذا كان هتاف يناير 2011 قد تركز على الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، ففى يونيو 2013، بعد مرور أكثر من عامين، وفى أكبر تظاهرة احتجاجية فى التاريخ، كان الهتاف واحداً لا ثانى له وهو: «يسقط حكم المرشد»، بمعنى إسقاط حكم الإخوان المسلمين واسترداد مصر، الدولة المدنية التى شاهد المصريون خطوات تحولها تدريجياً إلى دولة دينية تقوم على أساس التمييز الطائفى، فقد تم سحل إخوانهم المسلمين الذين ينتمون إلى الطائفة الشيعية فى الشوارع، وتعرضوا للضرب حتى الموت، وكان الدستور الذى تمت صياغته خلال ولاية الرئيس المعزول محمد مرسى يضع الأساس لتشريع تلك الطائفية الغريبة على مجتمعنا، ويُخضِع جميع حقوق الإنسان والحريات المدنية لأحكام الشريعة من وجهة نظر سُنية متعصبة.

والآن، وبعد رحيل رئيس الإخوان المسلمين، تظل مصر حريصة على بناء النظام الديمقراطى الذى تستحقه، وقد وضعت خارطة طريق تبدأ بصياغة الدستور ليكون حجر الأساس الذى يتبعه عقد انتخابات رئاسية فى الربيع وأخرى برلمانية فى الصيف.

وقد اتخذ الدستور الجديد منطلقاته من المبادئ التى نادت بها الثورة، فالفصل بين الكنيسة والدولة الذى أنهى عصور الظلام فى أوروبا وفتح الطريق لعصر النهضة، هو أساس الدستور المصرى الجديد الذى لم يعد يسمح بإقامة الأحزاب السياسية على أسس دينية، والذى يعتمد على مبدأ المواطنة، كما ينص فى المادة الثالثة منه على أن حرية الاعتقاد مطلقة، ويجرم التعذيب لأول مرة، وكذلك جميع أشكال التمييز على أسس الدين أو الجنس أو اللون أو أى شكل آخر.

أكثر من 48 مادة جديدة دخلت دستور مصر للمرة الأولى، وما لا يقل عن 18 مادة منها جاء ضمن باب الحقوق والحريات التى سيتمتع بها الشعب المصرى لأول مرة.

وبعد 30 عاماً من حكم مبارك، لم يعد من الممكن لأى رئيس منتخب تجاوز ولايتين رئاسيتين، وبعد الحكم الاستبدادى لمرسى، فالرئيس الآن عليه أن يشارك فى العديد من مسؤولياته مع رئيس الوزراء الذى لا يمكن ترشيحه إلا بموافقة الأكثرية البرلمانية.

إنها قفزة ديمقراطية كبيرة تدفع مصر إلى الأمام لتبدأ حقبة جديدة فى تاريخها، ستتمكن فيها مبادئ الثورة الفتية من أن تشق طريقها لأول مرة داخل المؤسسات الرسمية العتيقة لواحدة من أقدم دول العالم.

msalmawy@gmail.com