امتدت فضائح الاعتداء الجنسى على الأطفال والكبار فى الكنيسة الكاثوليكية من الولايات المتحدة إلى إيرلندا ومن المكسيك إلى كندا، وشملت النمسا وألمانيا والعديد من دول أمريكا الجنوبية وأفريقيا، إلى الحد الذى اعتذر فيه بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر عن الانتهاكات التى وقعت بحق الأطفال فى أيرلندا، كما اعترف المتحدث باسمه فيديريكولومباردى بعمق الأزمة التى تعانى منها الكنيسة الكاثوليكية.
وتوالى الكشف عن تلك التجاوزات منذ يناير الماضى وتمت تسوية بعضها ماليا، وطالت الاتهامات شقيق بابا الفاتيكان أثناء قيادته لإحدى الإبراشيات فى ألمانيا، وتفتح تلك الانتهاكات ملف قضية عزوبية الكهنة واستمرار الفاتيكان فى تأكيده ضرورة عدم زواجهم كمبدأ مقدس.
واحتدم الجدل فى ألمانيا بشأن جرائم الاعتداء الجنسى التى تعرض لها تلاميذ فى مدارس يسوعية بالبلاد فى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى، وكشف عن اعتداءات جنسية على أطفال فى 19 إبراشية من أصل الإبراشيات الكاثوليكية الـ27 فى المانيا، وبعد أن كشفت صحيفة «زوددويتشه تسايتونج» الألمانية أن بابا الفاتيكان الألمانى الأصل حمى قسا أدين بارتكاب انتهاكات جنسية بحق أطفال، عندما كان البابا يشغل منصب رئيس أساقفة مدينة ميونيخ، ورغم حمايته إلا أن القس ارتكب مجددا جرائم اعتداء جنسى على قصَّر ثم أدين عام 1986.
ورغم مسارعة الفاتيكان لنفى تلك الاتهامات، وتأكيد المتحدث باسمه أن البابا «لم تكن له علاقة بهذا الأمر»، إلا أن الاتهامات طالت شقيق البابا المونسنيور جيورج راتسينجر، لكنه أكد أن قضية الاستغلال الجنسى «لم تطرح يوما» فى الجوقة الألمانية التى كان يقودها فى ريجنسبورج وأدان العقوبات الجسدية التى تعرض لها التلاميذ.
وحاول بابا الفاتيكان تهدئة العاصفة التى اشتعلت بعدة دول مبديا اعتذاره للضحايا الأطفال فى أيرلندا وطالب بمحاكمة المتهمين عن تلك الفضائح، وقال إنه يشعر بالعار والأسف، بينما رأى الضحايا أن تصريحات البابا غير كافية، واضطرت تلك الجرائم عددا من القساوسة الألمان إلى الاستقالة من مناصبهم،
كما اعتذر رئيس المؤتمر الأسقفى الألمانى المونسنيور روبرت تسوليتش عن الانتهاكات. وتغاضى مسؤولون فى أسقفية دبلن عن تجاوزات جنسية ارتكبها كهنة بحق مئات الأطفال خلال عقود، وأوضحت إحصاءات أن عدد الضحايا يناهز 14 ألفاً و500 طفل.
وعرض 4 أساقفة تقديم استقالاتهم، ثم أسقف بوزنان المونسنيور يوليوس بايتوفى 2002، لاتهامه بالتحرش الجنسى. وانتشرت الفضائح بحق الأطفال فى إيطاليا وفرنسا وإسبانيا ودول أفريقية، خاصة السنغال.
فى هولندا تم جمع 350 شكوى من اعتداءات جنسية بحق أطفال ارتكبها رجال دين فى منتصف القرن الماضى.
وتعرضت الكنيسة الكاثوليكية بالنمسا إلى ضغوط شديدة جراء فضيحة التحرش الجنسى التى طالت بعض كبار المسؤولين عن الكنيسة بعد أن اعترف الأب «برونوبيكر» راعى كنيسة مدينة سالزبورج باستغلال أحد الأطفال جنسيا أثناء تواجده فى رحلة مع تلاميذ إحدى المدارس.
وفى الولايات المتحدة، تشير التقارير إلى أن عدد القساوسة المتورطين فى فضائح وانتهاكات جنسية يتراوح بين 2000 و3000، وتم عزل 60 منهم لثبوت التهم عليهم، وبلغ عدد الذين تقدموا ببلاغات رسمية يتهمون قساوسة بالاعتداء الجنسى 10667 شخصاً فى الفترة بين 1950 و2002، واضطرت الكنيسة إلى دفع عشرات ملايين الدولارات لتعويض الضحايا لتفادى الملاحقات القضائية، وأرغم الكاردينال برناردلا والمتهم بحماية كهنة اعتدوا جنسيا على أطفال، على الاستقالة من أسقفية بوسطن فى 2002، وكان البابا زار الولايات المتحدة فى 2008 لمحاولة مواساة الضحايا، ورأى المعارضون أن لقاء البابا ببعض الضحايا محاولة لتحسين الصورة إعلامياً دون التطرق لمشكلات الكنيسة الأصلية.
وفى كندا، اضطرت الكنيسة الكاثوليكية وكنائس أخرى والحكومة الى دفع مليار دولار كندى تعويضات فى 2002 للضحايا، ووقعت اعتداءات جنسية فى كنائس أستراليا فى السبعينيات والثمانينيات، ضد تلاميذ.
وحول الوصول لأسباب تلك الفضائح يقول الأسقف جيفرى روبنسون فى كتابه «مواجهة السلطة والجنس فى الكنيسة الكاثوليكية»، إن وجود كهنة يتمسكون برفض الزواج كان سببا مهما أدى لفضيحة الاعتداء الجنسى الشهيرة.