يرى الدكتور عبدالعزيز حجازي، رئيس وزراء مصر الأسبق، أن مشروع الدستور أخطأ عندما تحاشى تحديد الهوية الاقتصادية للدولة، مؤكدصا في حوار لـ«المصري اليوم» أن مصر تحتاج إلى «اقتصاد حرب» للخروج من الأزمة الراهنة.
■ ما رأيك فى تناول الدستور للمواد الاقتصادية؟
- الدستور تحاشى أن يحدد الهوية الاقتصادية للدولة، وأنا أعتبر هذا خطأ، وخوف غير مبرر من أن نسمى الأشياء بمسمياتها، وكان من الممكن أن يحدد الهوية الاقتصادية للمرحلة القادمة، بأن يأخذ مزايا اقتصاد السوق والملكية الخاصة ومزايا العدالة الاجتماعية معاً، وهذا ما يعرف حالياً بالطريق الثالث الذى يجمع بين مزايا الرأسمالية ومزايا الاشتراكية فى وقت واحد.
■ لكنه نص على الضرائب التصاعدية، فكيف تقيم ذلك؟
- لا يجب أن يدخل الدستور فى تفاصيل بهذا الشكل، وإلا لماذا لم توضع الزكاة مثلاً كأحد مصادر الدخل، مع أنه تم مناقشة موضوع الزكاة ورفعت المادة الخاصة بذلك للجنة الخمسين، ولم يؤخذ بها، فالزكاة هى العمود الفقرى للاقتصاد وتعتبر أحد العناصر المهمة فى تحقيق العدالة الاجتماعية، لذلك أنادى دائماً بضرورة وجود قانون ينظم عملية جمع الزكاة، بحيث يقنن طريقة جمعها ومتابعة استخداماتها لتحقيق العدالة الاجتماعية، فلماذا لم يؤخذ بهذه المقترحات فى الدستور الجديد، أم هو خوف من مجرد كلمة الإسلام؟!
■ وما أبرز عيوب الدستور من وجهة نظرك؟
- رغم أنه أعطى أولوية للزراعة والصناعة، لكنه لم يعظم الحديث عن الإنتاجية سواء للسلع أو للخدمات، أين السياحة وأين نظم المعلومات والتكنولوجيا الحديثة، كما أن مواده فيها إسراف لاستخدام مصطلح طبقاً للقانون، ومن سيضعون القانون لم يشاركوا فى وضع الدستور، وبالتالى لابد أن نجمع كل الإشارات الخاصة بالقوانين لكى يتم وضع كل بند من هذه البنود فى إطار خطة قومية يضعها مجموعة من الخبراء والأكاديميين. وفى بند الثقافة أعيب على الدستور أنه لم يتحدث عن القيم الحضارية إلا بشكل عام، فى حين أن مصر دولة حضارة، وقيم وأخلاقيات ومركز للأديان، وكان لابد أن يترجم كل ذلك.
■ وكيف ترى إلغاء نسبة العمال والفلاحين والموقف من مجلس الشورى؟
- أنا شخصياً أرحب بهذا ترحيباً كاملاً، فلا يجوز فى مثل هذه الفترة التى نمر بها أن نميز فئة على أخرى، ويجب على كل من يريد أن يكون له دور أن يطور قدراته ويجتهد ويؤهل نفسه حتى يضمن له موقعا فى المجتمع. وبالنسبة للشورى، أنا مع إلغائه لأنه كان يستنزف أموالاً بلا فائدة، وكان تكرارا فى الأدوار بينه وبين المجالس القومية المتخصصة.
■ كيف ترى مستقبل جماعة الإخوان بعد قرار إعلانها جماعة إرهابية؟
- القرار هو إنذار أخير لهم طالما يصرون على العنف، ولن يكون لهم وجود فى الحياة السياسية، ناهيك عن أن الشعب أساساً سيلفظهم، ولابد أن يتخلوا عن أعمال العنف والتخريب والهدم وإهدار أموال الدولة، وأن يطوروا رسالتهم إلى رسالة سلام وأمان.
وأنا حزين بسبب ما يدور فى الجامعات، لأن بعض الشباب مغيب، فعلى مدار عملى منذ 60 سنة فى الجامعة لم أر هذا العنف الذى ليس له أى مبرر.
■ كيف ترى وضع الاقتصاد الآن وهل نحتاج لاقتصاد حرب لكى نخرج مما نحن فيه؟
- بالفعل نحن نحتاج لاقتصاد حرب، ويجب إصدار بيان بالسياسات العامة ووضع برامج تنفيذية لكلٍ منها فى قطاعات الدولة المختلفة، ومتابعتها حتى يتحقق الخروج من الأزمة الحالية، وقد انتصرنا فى حرب أكتوبر لأنه كان أمامنا هدف واضح وهو تحرير الأرض، ولتحقيق هذا الهدف كان لابد من تقوية الجيش وتقوية الجبهة الداخلية والاستمرار فى التنمية وإرضاء الناس بتوفير الدعم المناسب لهم.
■ كيف نضمن نجاح مشروع تنمية قناة السويس خاصة أنك كنت مسؤولا عن لجنة لدراسة هذا المشروع فى الوزارة السابقة؟
- يحمد للدستور الجديد أنه أولى أهمية خاصة لقناة السويس واستغلالها، فهى تعتبر أحد الموارد الرئيسية للعملة الصعبة فى مصر، والمشروع يمثل نقلة نوعية فيما يتعلق بالمستقبل، لاستغلال إمكانيات الدولة المتاحة، لأن الثروة الطبيعية هى أحد مصادر الدخل الرئيسية. وسبق أن تقدمت باستقالتى من لجنة المشروع، لأنه لم يعجبنى فى حينها، حيث كان يؤسس لدولة داخل الدولة، أما اليوم وقد تم نقل تبعية المشروع إلى هيئة قناة السويس كهيئة مستقلة فلا شك أنها تستطيع أن تفعل شيئاً، ولضمان نجاح هذا الحلم ينبغى ألا نجرى وراء المشروعات لمجرد عمل مشروعات، ويجب أن ننظر أولاً ما هو العائد بالنسبة للمواطن وما هو العائد بالنسبة للناتج القومى وما هو العائد الاجتماعى الذى سيتحقق من تنفيذه.
■ كرئيس سابق للاتحاد العام للجمعيات الأهلية كيف ترى تجميد أرصدة جمعيات الإخوان وما ملاحظاتك على عمل الجمعيات بشكل عام؟
- القرار لم يكن صائباً، وكان متسرعاً ولم يدرس الدراسة الكافية، بدليل أنه تم تبرئة معظم الجمعيات، وبعدما أعلن عن تجميد أرصدة 1500 جمعية، أصبحوا 300 فقط والباقى اتضح أن تصنيفها كان خطأ، وهذا الكم من الجمعيات ظهر بعد تولى الإخوان الحكم ولم يكن موجوداً من قبل.
أيضا لدينا عدد كبير جداً من الجمعيات مجرد حبر على ورق، وحتى فى القوانين الجديدة مقترح أن تكون بالإخطار وهذا خطأ.
■ كيف تنظر لدور الأحزاب خاصة حزب النور وهل تتوقع اندماجه فى العملية السياسية وماهو شكل مجلس النواب القادم؟
- لدينا أحزاب كثيرة ورقية، ليس لها دور، وهو ما أسميه فوضى الأحزاب، ففى الخارج يوجد يمين ويسار ووسط، أما ما نراه الآن فهو فوضى حزبية، لا تتوجه إلى المواطن البسيط ولا تقدم له برامج تجذبه إليها.
وبالنسبة لشكل البرلمان المقبل، فسيظهر بوضوح أكثر بعد الاستفتاء، حيث ستتشكل لدينا صورة جديدة لهيكل النظام الجديد فى مصر، وسيظهر دور التيار الإسلامى وما إذا كانت شعبيته تنمو أم تقل، وسيتضح موقف القوى الليبرالية التى تحاول أن تتكتل فى جماعات، وأتوقع مجلس نواب متنوعا، أما كونه قوياً أو لا فلا أستطيع أن أجزم بذلك.
■ تزداد التكهنات بترشح الفريق أول عبدالفتاح السيسى للرئاسة ما موقفك من ترشحه؟
- أرى أنه أصلح من يتولى المسؤولية الآن فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد، لأنه شخص لديه كاريزما، ودارس مشاكل بلده، ولديه علاقة قوية بالشعب ليست متوفرة لكل من يطرح نفسه، واستطاع أن يفرض شخصيته وقدراته، فلم يحبه الناس من فراغ، وهو رجل وطنى، يقف ضد أى تدخل للقوى الأجنبية، وعلينا أن نستعرض الكفاءات الموجودة بيننا، وإذا كان بيننا من هو مناسب أكثر منه فأهلاً وسهلاً به.