حكايات من مصر «عن ذوى احتياجات خاصة»

السبت 20-03-2010 00:00

أسامة: كان عاشقاً ومعلماً لهم و«السكر» جعله واحداً منهم

كتب ـ البحيرة ياسر شميس وحمدى قاسم:

منذ صغره ارتبط بذوى الاحتياجات الخاصة، فبعد دراسته الموسيقى والتمثيل، عاش أسامة منصور حياة درامية انشغل فيها بتعليم ذوى الاحتياجات الخاصة، ووسط انشغاله لم يتنبه إلى مرض السكر الذى تسلل إلى جسده، وتسبب فى ضياع بصره، ليصبح واحداً من ذوى الاحتياجات الخاصة، الذين عاش معهم وتعاطف مع حالاتهم.

كون أسامة أول فرقة موسيقية تضم أسوياء وذوى احتياجات خاصة من جميع الإعاقات سواء الصم والبكم أو المكفوفين، وأطلق عليها اسم «عشاق الإرادة والتحدى» وأصبحت هذه الفرقة هى كل حياته، وأصبحت كل أحلامه مرتبطة بوجود كيان خاص بالمعاقين ووجود صوت قوى لهم: «بدأت علاقتى بذوى الاحتياجات الخاصة عندما كنت فى زيارة لوالدتى، التى تعمل مدرسة فى مدرسة (التربية الفكرية)، شعرت وقتها بنقاء وطيبة طلاب المدرسة، فأحببتهم وكنت أود العمل معهم، ولكن الوزارة رشحتنى للحصول على (دبلومة خاصة بصرى) للتدريس للمكفوفين، وتعلمت خلالها طريقة (برايل) وساهمت فى تكوين مدرسة المكفوفين فى دمنهور، وكنت مسؤولاً عن نشاط الصم والمكفوفين، وعلمتهم عزف الموسيقى وحصلنا على جوائز عديدة».

وبسبب مضاعفات مرض السكر أصيب أسامة بضعف فى الإبصار، ثم عجز عن الرؤية تماماً، ودخل عالم ذوى الاحتياجات الخاصة ليس كمعلم، ولكن كعضو صاحب إعاقة: «بعد هذه الإعاقة أحسست أكثر بأولادى من ذوى الاحتياجات الخاصة، رغم أننى كنت مندمجاً معهم، لدرجة أنهم ينادوننى: «بابا أسامة» وينادون زوجتى «ماما».

لم يقف نشاط أسامة بل واصله بالتفكير فى الحصول على حقوق المعاقين وطور فريق الصم والمكفوفين، وأصبح يضم خليطاً من الأسوياء وجميع فئات المعاقين، ويطمح أسامة حاليا فى أن يكون عضو مجلس شعب، لنقل مشاكل المعاقين، ويكون صوتاً لهم، ويطالب الحزب الوطنى بترشيحه فى الانتخابات القادمة، ويسعى لإنشاء جمعية تضم جميع المعاقين والأيتام والأسوياء لنشر ثقافة التعامل مع المعاق بين أفراد الشعب، لأن الناس لا تعرف حقوق المعاق داخل المجتمع.

أحمد: كان يحلم بأن يصبح طبيباً لولا ضربة عصا من مدرس

كتبت ياسمين القاضى:

عندما فرحت أمه بدخوله المدرسة وانتظرت يوم تخرجه فيها ليصبح طبيبا أو مهندساً مشهورا، لم تكن تتصور أن تلك المدرسة ستكون سر تعاستها وتعاسته، فعصا طائشة من مدرس تسببت فى تحوله من فئة الطلاب العاديين إلى فئة «ذوى الاحتياجات الخاصة»، ليقضى باقى سنوات عمره معاقاً.

أحمد سامى الطالب فى المرحلة الثانوية فى مدرسة «أحمد رفعت التجريبية»، تعرض لواقعة ضرب من مدرسه منذ 3 سنوات لا يزال يدفع ثمنها حتى الآن، حيث ضربه المدرس على رأسه بالعصا مما تسبب فى حدوث كسر فى الصفائح العصبية فى مخه، وأثناء العلاج حدثت له مضاعفات أدت إلى إصابته بالسرطان، وبعد أن كان طالباً فى مدرسة تجريبية أصبح الآن طالباً فى إحدى مدارس ذوى الاحتياجات الخاصة، وتم عقاب المدرس بالوقف عن العمل.

ورغم أن عقاب هذا المدرس لم يشف غليل الأم، فإنها لم تفكر فى مقاضاة المدرس لأنها لا تملك تكلفة رفع دعوى قضائية وأتعاب المحامى، ولا تثق فى عودة الحق لابنها الذى يرقد طريح الفراش منذ 3 سنوات: «أنا ماليش راجل.. ويا عالِم المحامى هيجبلى حق ابنى ولا تكاليف ع الفاضى»، وبدلاً من أن تقضى وقتها سعيا وراء القضية من محكمة لأخرى سعت بأحمد من طبيب لآخر ومن مستشفى لآخر.. وهى تقول: «لينا رب اسمه الكريم».

أحمد كان بالنسبة لأمه هو العوض عن الأب الذى توفى دون أن يترك للأسرة شيئا، سوى معاش لا يتعدى 450 جنيهاً شهرياً، فى حين تكلف مصاريف المواصلات لعلاج أحمد 100 جنيه فى الأسبوع: «أنا باجى من مدينة نصر بتاكسى علشان حالة أحمد.. دا غير مصاريف الأكل والشرب فى اليوم ده».