فاهيتا وسبايدر وسانتا كلوز

مروى مزيد الأحد 05-01-2014 19:57

قصة سانتا كلوز أو بابا نويل فى الولايات المتحدة تحديدا لها دلالة «الإيمان بسحر وحلاوة الحياة»، أن سانتا يأتى من القطب الشمالى ليترك هداياك التى تمنيتها تحت شجرة الكريسماس. فحين تحصل على ما أردت تتخيل بطفولتك أن «سانتا» نزل من المدفأة ووضع الهدية. والمفترض ألا يمزق الكبار تلك الأسطورة فى أعين الأطفال حتى تدوم الفانتازيا. حتى يكبروا ويدركوا أن كل هذا وهم.

فى علم النفس هناك من يتساءل هل تلك الرواية تُعد كذبا صريحا وضارا للأطفال سيجعلهم يشكّون فى كل ما يقوله الكبار الذين يوهمونهم بأن «سانتا حقيقى»؟ أم أنها جزء من متعة التخيل؟

هناك من الأطفال من يتغلب على هذه الصدمة ويدرك أن الحياة مليئة بالأوهام، لكن الوهم قد حقق مراده بأنه سلاّهم وأبسطهم وعيشهم فترة «سعيدة» و«ساذجة» ولم يُحرموا من مُتعة الإيمان البرىء بالرجل الطيب «سانتا» الذى يحبهم ويعطيهم الهدايا الخاصة.

المصريون يعيشون مرحلة سانتا كلوز إزاء ٣٠ يونيو. هل هى حقيقية أم وهم؟ هل هى الخطوة الحقيقية نحو ديمقراطية أم بلاها ديمقراطية أصلا نحن فقط نريد فانتازيا الأب الراعى المحب جزيل العطاء؟ ولكن هل نحن أطفال فى المقام الأول؟ لا أقصد التسفيه من أنفسنا وما اختاره ملايين من الناس فى إطار مفترض أنه «ثورى» قد يُبيح إجراءات شعبية استثنائية كما حدث فى ٣٠ يونيو. لكن ما تلى هذه الأحداث هو ما كاد يمزق الفانتازيا والقصة الجميلة فى مخيلة المصرى المؤمن بـ٣٠ يونيو.

تتابع عدم الاستقرار وكل الإجراءات الباترة، مع تنوعها وحيثياتها وصحتها فى أحيان وإخفاقها فى أحيان أخرى، كل هذا الخضم من الأحداث يهز أى فانتازيا ويجعل الشعب يتساءل هل يثق بكلام «الكبار» إزاء ٣٠ يونيو؟ أم تبدأ لديه الشكوك؟

العجيب أن الشخصيات المفترض أنها «هزلية» مثل برنامج باسم يوسف ومؤخرا أبلة فاهيتا- التى لم أكن أعرفها قبل عاصفة الأخبار الأخيرة- هذه شخصيات من الطبيعى أن تتولد مع انفتاح المجال السياسى فى مصر ما بعد ٢٥ يناير. بمعنى أصح متوقع لهم أن يظهروا كجزء من «الفانتازيا» الكبرى للديمقراطية والمشاركة السياسية، السيرك أو المسرح السياسى الذى قد بدأ يتبلور. وفى المطلق، ليس هذا بسيئ. لكن أحيانا تتحول الفانتازيا إلى فكرة فيلم رُعب، بطله نفسه يصبح «سانتا»، الذى لا يجلب الهدايا ولكن يخطف العيال.

فى الفيلم الذى نعيشه يواجه «سبايدر» اسما عجيبا آخر، «فاهيتا» التى يتهمها باستخدام الشفرة فى بث أفكار حول «الاختلاف على الويبة» أى الإنترنت، بل يزعم أنها تخطط لأعمال إرهابية إجرامية. السؤال الذى يشغلنى هو: باسم يوسف وفاهيتا كثيرا ما يدعيان أنهما شخصيتان هزليتان فى مجال الترفيه، كذلك سبايدر فهو فى نفس المجال الترفيهى، ماذا يحدث حين يتخذ هؤلاء أنفسهم على محمل الجد؟ حين يقول باسم يوسف فى برنامج «يسرى فودة» إنه ليس فقط أداة استُغلت ضد مرسى يعنى وبعد كده باى باى، فهو مش عيل وغلط مثلا. أو حين تبدأ أبلة فاهيتا فى الوعظ على برنامج «محمود سعد»، فتتحدث عن أهمية الاختلاف والكف عن «المشى جنب الحيط» فيقاطعها «سعد» ليقول إن كده بقى هى حتدخل نفسها فى مشاكل، حتى «سبايدر» الذى يتقمص دور جد، لضابط مخابرات وظيفته فعلا فك الشفرات. هنا تتمزق «فانتازيا» المشاركة السياسية. يشاهد المواطن المصرى كل هذا السيرك ويتساءل ماذا يصدق حقيقة وبمن يثق؟

marwa@u.washington.edu