العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية.. تكاليف باهظة وأزمات متجددة

الخميس 18-03-2010 00:00

أتى التوتر الأخير فى العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية ليثير اهتمام وسائل الإعلام العالمية، التى انقسمت فيما بينها، فرأت بعضها أن ما حدث يمثل تراجعاً فى علاقة واشنطن بشريكها الاستراتيجى الأول فى الشرق الأوسط، بينما رأت أخرى أن أوباما يفتقر للصرامة اللازمة للضغط على تل أبيب.

إلا أن غالبية وسائل الإعلام والصحف الغربية اتفقت على تأثر العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية بالتجاهل الإسرائيلى لنائب الرئيس الأمريكى جوزيف بايدن، خاصة فى ظل صدور تقرير أمريكى عسكرى غير مسبوق يحذر من أن الولايات المتحدة تفقد أرواح جنودها فى المنطقة بسبب السياسات الإسرائيلية.

«فورين بوليسى»: أمريكا ترى دماء جنودها تسيل بسبب تصرفات إسرائيل

كتب:خالد عمر عبدالحليم

كشفت مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية أن الجنرال ديفيد بترايوس قائد القيادة المركزية للجيوش الأمريكية تلقى تقريراً يكشف أن القادة العرب بدأوا يشكون فى أن الولايات المتحدة قادرة على اتخاذ أى موقف فى مواجهة إسرائيل، مما يقوض الموقف الأمريكى فى المنطقة.

وأضافت المجلة أن هذا التقييم الذى أعده الجنرال مايكل مولين، رئيس هيئة الأركان المشتركة، هو الأول من نوعه، إذ لم يسبق لعسكريين أن اهتموا بمثل هذه المسائل السياسية من قبل، وقال مولن فى تقريره «إن صورة الولايات المتحدة سيئة، أنهم (فى إشارة للعرب) يرون أن قوتها العسكرية تتراجع بل وأنها ضعيفة فى مواجهة تل أبيب».

ولم يتوقف بيترايوس هنا، ولكنه طلب من الإدارة الأمريكية توسيع نطاق صلاحياته بحيث تشمل الضفة الغربية وغزة، وقال فى خطابه للإدارة الأمريكية: «مع انتشار قواتنا فى العراق وأفغانستان فإن قادة المنطقة يتوقعون منا أن نتدخل فى أكثر أماكن المنطقة اشتعالاً».

وقام مولن بزيارة إلى تل أبيب اجتمع خلالها مع المسؤولين الإسرائيليين، وطالبهم بأن يروا صراعهم مع الفلسطينيين كجزء من الصراع الإقليمى ولا يتعاملون معه بشكل يقوض السيطرة الأمريكية على المنطقة، وعلى الرغم من أن الرسالة للإسرائيليين كانت واضحة إلا أن تل أبيب لم تستلمها، إذ قررت بناء 1600 مستوطنة بالتزامن مع زيارة نائب الرئيس الأمريكى جوزيف بايدن إلى المنطقة لتضيف على الإحراج الأمريكى إحراجا جديد.

وتضيف المجلة أن بايدن كان غاضبا خلال زيارته بسبب تقرير بترايوس ومولن، وأنه قال للمسؤولين الإسرائيليين: «إن ما تقومون به هنا يقوض الأوضاع فى العراق وأفغانستان وباكستان»، مضيفة أن الكثير من المسلمين أصبحوا يربطون بين التحركات الإسرائيلية ضد الحقوق الفلسطينية وبين حتمية مهاجمة الجيوش الأمريكية ومصالح واشنطن أى أن الرسالة أصبحت واضحة: «الدماء الأمريكية قد تسيل نتيجة للسلوك الإسرائيلى».

وتؤكد المجلة أنه على الرغم من قوة اللوبى اليهودى فإن اللوبى العسكرى فى واشنطن هو الأقوى، مضيفة أن بترايوس أمر بنقل رسالة لقادة البنتاجون معناها وفقاً لمصدر فى وزارة الدفاع الأمريكية «إن كانت علاقتنا بإسرائيل مهمة فإن أرواح جنودنا أهم».

«تايم»: حرب إرادات سياسية يصعب التراجع عنها

كتبت:غادة حمدى

ربما كان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يعتقد أن اعتذاره عن سوء اختيار توقيت الإعلان عن خطط التوسع الاستيطانى فى القدس الشرقية، كافٍ لتهدئة حالة التوتر التى شابت العلاقات مع الولايات المتحدة. لكن مجلة «تايم» الأمريكية رأت أنه، وعلى النقيض، انتهزت الإدارة الأمريكية الفرصة لتصعيد الأزمة بين البلدين إلى ما يشبه «حرب إرادات سياسية» بين نتنياهو والبيت الأبيض، والتى يصعب على أى من طرفيها التراجع عن موقفه بسهولة، على الرغم من المخاطر التى قد يواجهانها.

وتشير المجلة إلى حقيقة أن الإدارة الأمريكية اختارت أن تبقى المسألة على السطح حتى بعد مغادرة نائب الرئيس الأمريكى جو بايدن للمنطقة، مما يؤكد أنها ترى الأمر وكأنه «فرصة». فبعدما باءت المحاولات الأمريكية، لحمل الحكومة الإسرائيلية على إثبات حسن النية فى مفاوضات السلام مع الفلسطينيين - من خلال تجميد النشاط الاستيطانى فى الأراضى التى احتلت فى حرب 1967- بالفشل، يبدو أن البيت الأبيض مصمم على استخدام تلك «السقطة الإسرائيلية» كورقة ضغط لانتزاع تنازلات كبيرة لدفع عملية السلام ـ بحسب المجلة.

وتشير المجلة إلى أن ردود نتنياهو حالياً تبدو صارمة، بتأكيده أن «البناء فى القدس سيستمر كما هو معتاد منذ 42 عاماً»، لكن قلة فى إسرائيل فقط هم من يتوقعون أن تدوم الحرب الكلامية بين البلدين طويلاً.

فإسرائيل لا يمكنها أن تتحمل خرقاً فى العلاقات مع حليفتها الرئيسية وداعمها المالى ومورد الأسلحة لها فى الوقت الذى تصب فيه الحكومة الإسرائيلية جل اهتمامها على تركيز انتباه الولايات المتحدة على إيران، كما أن «مواجهة القدس»، كما تسميها الصحيفة، تنطوى أيضاً على مخاطر سياسية داخلية بالنسبة لإدارة أوباما، مع قرب الانتخابات التشريعية المقررة فى نوفمبر المقبل، والتى قد تجبر الرئيس الأمريكى على إرضاء قادة إسرائيل ومناصريها.

المشكلة الأعمق من ذلك هو أن موقف إسرائيل بشأن القدس يتناقض مع هدف الولايات المتحدة لإحداث اختراق بشأن اتفاق «حل الدولتين»، ففى حين أن مجموعة واسعة من الإسرائيليين إما يرفضون كلياًَ تقسيم القدس، أو يرغبون فى توسيع المستوطنات الإسرائيلية قبل أى اتفاق للسلام، لا يوجد بلد فى العالم - بما فى ذلك الولايات المتحدة- يعترف بالقدس الشرقية كأرض إسرائيلية.

واختتمت الصحيفة بقولها إن هذا الخلاف «بين الأصدقاء» قد لا يكون مشكلة كبيرة حال كانت هناك حكومة إسرائيلية ملتزمة بتحقيق السلام على أساس حدود عام 1967، أو إدارة أمريكية موالية لإسرائيل، مثل إدارة بوش، ولكن طالما أن إدارة أوباما ما زالت مصممة على الضغط من أجل «حل الدولتين»، فإن القدس ستظل مصدرا للاحتكاك بين إسرائيل والولايات المتحدة.

«نيويورك تايمز»: العالم الإسلامى ينتظر تنفيذ «خطاب القاهرة»

كتب:خالد عمر عبدالحليم

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إنه على الرغم من أن تصاعد الأزمة الحالية بين الولايات المتحدة وإسرائيل من شأنه أن يتسبب فى أزمات حقيقية للرئيس باراك أوباما داخليا وخارجيا، إلا أن هذا التصعيد يحمل فى طياته فرصة حقيقية لأوباما أيضا، وتتمثل فى أن يثبت الأخير أنه صانع حقيقى للسلام وأنه مستعد للضغط على الطرفين حتى يتمكن من تحقيق السلام بينهما.

وأضافت الصحيفة أن الضغوط الداخلية بدأت تتضح من خلال اجتماع أكثر من 20 عضواً ديمقراطياً فى الكونجرس مع أوباما للمطالبة بإزالة التوتر القائم فى العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ثم الاتصالات الجمهورية المتعددة للمطالبة بالشىء نفسه، مما دفع أوباما للحد من التوترات القائمة من خلال اتصال هاتفى بين نائبه جوزيف بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وتصريح لوزيرة خارجيته هيلارى كلينتون تؤكد فيه أن العلاقات الإسرائيلية الأمريكية لا يمكن المساس بها.

وتشير الصحيفة إلى أن موقف إسرائيل الأخير من واشنطن سيحدد موقف الدول الإسلامية منها، إذ إن المسلمين مازالوا يتذكرون كيف طالب أوباما فور وصوله للحكم بتجميد تام للاستيطان، ثم تراجع بعد ذلك وقبل بتجميد جزئى له لمدة 10 أشهر فقط، مضيفة أن التوتر الحالى سيؤكد للعالم الإسلامى ما إذا كان أوباما عازما على القيام بما أعلنه فى خطاب القاهرة لتحسين العلاقة بالعالم الإسلامى أم لا.

وتنقل الصحيفة عن أحد الخبراء السياسيين قوله: «بعد أكثر من 9 أشهر على خطاب أوباما للعالم الإسلامى مازال الناس يتساءلون أين هو الفعل؟» مضيفا أن هيبة (برستيج) أمريكا اهتزت كثيرا فى المنطقة بسبب عدم قدرتها على إدارة علاقتها بإسرائيل.

وتشير الصحيفة إلى أن بعض مؤيدى إسرائيل داخل الولايات المتحدة بدأوا يدركون تأثير العلاقات غير المتوازنة مع الدولة العبرية على الموقف الأمريكى فى المنطقة وأن الكثير منهم بدأوا يدعون إلى الضغط على الطرفين لتحقيق السلام، خاصة أن الكراهية العربية والإسلامية لأمريكا تتزايد بسبب الدعم المطلق لإسرائيل.

«تايمز»: قادة أمريكيون يتساءلون عن أهمية إسرائيل الاستراتيجية

كتب:خالد عمر عبدالحليم

قالت صحيفة «تايمز» البريطانية إن الأزمة الحالية بين الولايات المتحدة وإسرائيل أحدثت أثرا أقوى مما كان متوقعا على العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، إذ دفعت العديد من المسؤولين الأمريكيين للتساؤل عن جدوى العلاقات الاستراتيجية مع إسرائيل.

تضيف الصحيفة أن العالم العربى مغرم بالحديث عن التفضيل الأمريكى لإسرائيل، ويقحم نظرية المؤامرة دائماً فى هذا الأمر، وأن العرب يحبون نظرية المؤامرة كثيراً فى هذا الشأن ويستمرون فى الحديث عنها لفترة طويلة، خاصة بعد أن قامت الولايات المتحدة بتقديم دعم مطلق لإسرائيل طوال الفترة الماضية خاصة إبان الحرب الباردة، حيث جعلتها قوة عظمى عسكرياً.

وتشير الصحيفة إلى أنه على الرغم من الدعم المطلق لإسرائيل فإن الولايات المتحدة أوضحت مرارا أنه إذا تعرضت المصالح الأمريكية للخطر، فإنها ستلغى دعمها لتل أبيب، وهو ما بدا واضحاً فى أزمة السويس إبان العدوان الثلاثى عام 1956. وأضافت الصحيفة أن إسرائيل أخطأت بإعادة بايدن إلى بلاده خالى الوفاض وهو يشعر بالإهانة، مضيفة أن مثل هذه المواقف حدثت من قبل مع العديد من المسؤولين الأمريكيين إلا أنها لم تدفع المسؤولين الأمريكيين لنقاش جدى حول أهمية إسرائيل كحليف استراتيجى مثلما حدث الآن.

وبدأت الولايات المتحدة فى التنبه إلى أن الأسلوب الإسرائيلى فى التعامل مع قضايا المنطقة من شأنه أن يتسبب فى زيادة المأزق الأمريكى، وعلى إسرائيل أن تتنبه إذا كان الدعم الأمريكى لها سيتسبب فى سقوط قتلى أمريكيين فى العراق وأفغانستان فإنها فى مشكلة كبيرة.

فالولايات المتحدة لم تتردد أبداً فى تقديم كل أنواع الدعم للدولة العبرية، غير أنها لم تجد مقابلاً لهذا الدعم، وفى الأسبوع المقبل سيقوم الرئيس باراك أوباما بزيارة إلى إندونيسيا، موطن طفولته، من أجل مخاطبة العالم الإسلامى لإزالة الجروح التى خلفتها أحداث 11 سبتمبر بين العالم الإسلامى وواشنطن، وهو يحتاج فى ذلك إلى أن يعرف أن إسرائيل ستساهم فى تسهيل مهمته فى مخاطبة المسلمين، أو على الأقل أنها لن تزيدها تعقيداً.

«دير شبيجل»: أوباما وحّد الإسرائيليين والعرب.. فى الشعور بـ«الإحباط»

كتبت:غادة حمدى

علق الشرق الأوسط آمالاً كبيرة على الرئيس الأمريكى باراك أوباما لدى توليه منصبه العام الماضى، ولكنه بدلاً من أن يتقدم بخطىً ثابتة نحو تحقيق السلام فى المنطقة، أظهر أوباما نوعاً من التخبط والحيرة. وترى صحيفة «دير شبيجل» الألمانية أنه فى الوقت الذى يتوحد فيه الكثيرون حالياً ضد إيران، فإن أوباما يواجه خطر إضاعة «فرصة ذهبية» من بين يديه.

واسترجعت الصحيفة حالة الارتياح التى شعر بها العالم العربى بعد خطاب أوباما فى القاهرة الذى قطع خلاله وعداً على نفسه بمتابعة إقامة دولة فلسطينية، كما أشارت إلى إشادته - حينئذ - برئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بوصفه «رجلاً ذكياً جداً، يسهل التحدث إليه»، واعتقاده بأن نتنياهو «أدرك ضرورة تحقيق السلام»، وأوضحت الصحيفة أنه بعد مرور نحو 9 أشهر، اضطر الرئيس الأمريكى للاعتراف بأنه لم يقترب حتى من الوصول إلى الهدف الذى حدده لنفسه، قائلا: «إننا بالغنا فى تقدير قدرتنا على إقناع كلا الجانبين بالتفاوض».

وأشارت المجلة الألمانية إلى أنه لم يحدث من قبل أن تمتع رئيس أمريكى بهذا القدر من الثقة فى الشرق الأوسط، ثم غامر بها فى مثل هذا الوقت القصير، معتبرة أن أوباما ظل مترددا إلى حدٍ أربك «العدو والصديق» - على حد سواء.

واعتبرت المجلة أن فشل إدارة أوباما فى الشرق الأوسط ليس سوى مثال على سلسلة إخفاقاته فى تحقيق وعوده الانتخابية على صعيد قضايا العراق وأفغانستان وإيران ومشروع الرعاية الصحية وإغلاق معتقل جوانتانامو وغيرها.

وفى الشرق الأوسط، يضيع أوباما «المتردد» - كما تصفه المجلة - فرصة لإحلال السلام ربما لن تسنح مرة أخرى له - أو لخلفائه - بشكلها الحالى، حيث ترى الصحيفة أن لم يسبق أن اتفق اليهود والعرب على هدف واحد كما هو الحال اليوم، وذلك فى مواجهة التهديد النووى الإيرانى.

وعلى الرغم من ذلك، تقول «دير شبيجل» إن أوباما يقف وسط ذلك وحيداً على الساحة العالمية دون تحقيق هدف التقدم نحو السلام، معتبرة أن فرصه لإحراز ذلك التقدم محدودة، فى الوقت الذى فقد فيه كل من الفلسطينيين والإسرائيليين ثقتهم به.

ويبدو الأمر كما لو كانت الإدارة الأمريكية تفتقد القوة على إقناع إسرائيل بإحداث تغييرات ولو طفيفة لسياستها الاستيطانية، حيث تشير المجلة إلى أنه بينما لم يتورع بعض أسلاف أوباما عن تهديد إسرائيل بخفض المساعدات العسكرية لها، نأى أوباما بنفسه عن وضع شروط صعبة تجبرها على إحداث التغيير المأمول فى الشرق الأوسط.