منذ أكثر من عام وهو يأتى إلى مصر، يحاول أن يطرح حلا للوباء، مع كل وزير جديد للصحة له زيارة، خمسة وعشرون عاما مضت عليه فى مراكز الأبحاث الأمريكية، ومازال يحلم بمراكز أبحاث مصرية لعلاجات الكبد، إنه الطبيب المصرى طارق حسنين أحد أهم أطباء أمراض الكبد فى العالم، والذى شارك مؤخرا مع أكثر من 50 مركزاً بحثياً بالولايات المتحدة فى إنتاج وتطوير مجموعة جديدة من الأدوية ستمثل ثورة فى عالم علاجات الكبد حيث تصل نسبة الشفاء بالأدوية الجديدة إلى 95% خلال ثلاثة أشهر من الخضوع للعلاج.
تخرج دكتور طارق حسنين فى كلية طب جامعة الإسكندرية عام 1981 وسافر إلى الولايات المتحدة عام 1988 ليعمل بجامعة بتسبرج بولاية بنسلفانيا حتى عام 1995، حيث انتقل إلى جامعة كاليفورنيا ليعين رئيس قسم أمراض الكبد ورئيس وحدة زراعة الكبد بالجامعة، وفى عام 2009 أنشأ وحدات علاج وزراعة الكبد بجنوب كاليفورنيا وتوسع فى مركز الأبحاث لتطوير علاجات أمراض الكبد وفيروس سى وسرطان الكبد وعلاجات ما بعد زراعة الكبد وأنشا أول مركز لزراعة الكبد فى العالم.
■ ما درجة أهمية الأدوية الجديدة بالنسبة لمرضى فيروس سى؟
- أهمية الأدوية الجديدة أن كلا من حقن الإنترفيرون وأقراص الريبافيرين تصل نسبة النجاح فى العلاج بهما إلى 60%، أما الأدوية الجديدة والتى تم اعتماد دواءين منها وهما «سوفوسبوفير» و«سيمبريفير» فإن إضافتها إلى الدواءين السابقين ترفع نسبة الشفاء من فيروس سى إلى 95% وذلك خلال ثلاثة أشهر من تناول الأدوية الثلاثة: الإنترفيرون + الريبافيرين + الدواء الجديد كجرعة واحدة.
■ كم دواء من مجموعة الأدوية الجديدة تم إنتاجها بالفعل؟
- فى الأسبوع الأول من ديسمبر وافقت هيئة الأدوية والأغذية الأمريكية (FDA) على اعتماد الدواءين بعد انتهاء الأبحاث الإكلينيكية للمرحلة الثالثة فى تطوير الدواءين، وهناك ثلاثة أدوية مشابهة بنفس الكفاءة فى العلاج تنتظر شركاتها موافقة الـ(FDA) فى أوائل عامى 2014، 2015.
■ يتردد أن الدواءين الجديدين تم احتكارهما من الشركة المنتجة، فما تكلفة الدواء الجديد لمريض فيروس سى؟
- الدواءان تحتكرهما شركتان أمريكيتان هما اللتان قامتا بالإنفاق على أبحاثه بمبالغ طائلة وكان هدفهما الربح، وتكلفة الدواء الجديد من 60 إلى 90 ألف دولار إلى جانب تكلفة الإنترفيرون والريبافرين، وسوف يكون على الدولة التى تريد علاج مواطنيها به أن تشتريه بأسعاره العالمية، لذا فإننا نطرح اليوم أن تستفيد مصر من عروض الشركات التى لم تحصل على موافقة هيئة الأدوية والأغذية الأمريكية على الدواء وإجراء المرحلة الثالثة من تطوير المنتج فى مصر.
■ لماذا لا تتساوى مصر فى حالتها الوبائية بفيروس سى مع جنوب أفريقيا والهند فى وبائهما بالإيدز وتوفير الدواء لهما فى أواخر القرن الماضى؟
- صناعة الأدوية لها حق ملكية فكرية وما حدث فى الهند وجنوب أفريقيا أنهما قامتا بتقليد صنع دواء الإيدز، وعندها قامت الشركات برفع دعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية، ولكن المحكمة الدولية لم تقم بمعاقبة الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا لإثبات وبائية المرض فى الدول الثلاث، ومصر لا تسطيع تطوير الأدوية دون إذن الشركات المنتجة ولو حدث فلتتحمل المسؤولية الجنائية.
ونحن اليوم نريد أن نجنبها هذا بالمشاركة فى صنع الدواء فى مراحل تطويره الأخيرة.
■ كيف تستطيع مصر أن توفر هذه الأدوية للمرضى المصريين بسعر منخفض؟
- علينا أن نجذب شركات قامت بأبحاثها على أدوية ولم تدخل فى أدوية هيئة الأدوية والأغذية الأمريكية، ونحن لدينا مجموعة من أدوية الكبد الجديدة بالولايات المتحدة نريد أن نجذب مصنعيها لتطويرها فى مصر.
■ كان لكم لقاء سابق مع رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزورى فى إبريل من العام الماضى بخصوص دخول هذه الأدوية إلى مصر، فما هى نتائج هذا اللقاء؟
- اقترحت عليه فكرة دخول الشركات المتأخرة فى سباق إنتاج الأدوية بالولايات المتحدة إلى مصر والتى أمامها بعض الوقت لتحصل على موافقة الـ FDA، فرتب لنا لقاء مع وزير الصحة الأسبق ووزيرة البحث العلمى، وكانت الإجابة أننا ليس لدينا نظام أو سياسة لتطوير الأدوية فى مصر «هات المنتج النهائى وتعالى»، هذا ما قيل لنا، ولكن هذا المنتج النهائى لم يكن مجانيا، وإن أتيت بالمنتج النهائى فعلى مصر أن تشتريه بسعره العالمى، فإذا كانت مصر ليست شريكا فى صناعة أو تطوير الدواء فكيف تستفيد منه دون مقابل.
■ ماذا كنتم تقصدون بعبارة «الشركات المتأخرة فى سباق الأدوية»؟ وهل منتجها بنفس الجودة؟
- هناك شركات فى أول السباق أنجزت الدواءين السابقين وهناك شركات فى 2014 ستصل لخط النهاية فى أبحاثها، فلدينا من 5 إلى 7 أدوية مختلفة تتنافس على السوق الأمريكية، إلى أن تصل المنافسة إلى الدواء السابع مثلا، ستكون المنافسة صعبة جدا فى السوق وسوف تكون الأدوية الأولى قد انتشرت، لذا فإننا نريد أن نجذب هذه الشركات إلى مصر.
■ وما نوعية المشاركة التى ستشارك مصر بها فى تطوير هذه الأدوية؟
- مصر ستساعد فى عملية التطوير بالأموال وبتطوير بعض مراكز الأبحاث وبمساعدة الأطباء المصريين الأكفاء وسنساعد على تطوير الدواء على أعلى مستوى علمى يتوافق ومعايير الـFDA بهدف تسجيل الدواء فى مصر وبيعه للمواطنين المصريين بسعر مناسب، وفى نفس الوقت تستطيع مصر أن تتاجر بهذه الصناعة الجديدة لديها وتدر منها دخلاً قومياً.
■ هل قمتم بمحاولة أخرى لطرح تطوير الدواء فى مصر بعد حكومة الجنزورى؟
- نعم مع كل حكومة جديدة تقريبا نطرح الموضوع على وزير الصحة، وكانت آخر محاولة مع وزير الصحة فى عهد مرسى «محمد مصطفى حامد»، وقد استجاب ووافق على الفور ووعدنا بتسهيل الإجراءات والإمكانيات، واشترطت الشركة الأمريكية أن تأخذ وقتها للتحقق من صلاحية مراكز الأبحاث، ولكن ثورة 30 يونيو قامت بعد ذلك وتوقفت الفكرة مرة أخرى.
■ ما تكلفة تطوير المرحلة الثالثة من هذا الدواء فى مصر، وهل تستطيع مصر الإنفاق على إنتاج هذا الدواء؟
- بالفعل تستطيع مصر الإنفاق على هذا المنتج لأنه سيوفر عليها كثيرا من نفقات علاج فيروس سى، فالمشروع فى مصر سيتكلف من 10 إلى 20 مليون دولار فى حين تنفق مصر على مرض فيروس سى 125 مليون دولار سنويا.
■ هل تتوقع أن يقضى هذا الدواء على فيروس سى فى مصر؟
- مشكلة فيروس سى فى مصر تحتاج إلى حل غير تقليدى، حيث يجب تفعيل منظومة البحث العلمى وتطوير مراكز الأبحاث الخاصة بالكبد، على أن تقوم هذه المراكز بالعملية البحثية للأدوية، وعند انتهاء الأبحاث يمكن لمصر تسجيل الأدوية بها، وتوفيرها للمرضى المصريين الذين يقدر عددهم بـ13 مليون مريض كبد.
■ ما معوقات طرح فكرة تطوير الدواء بمصر الآن؟
- علينا أن ننتظر حتى تتم الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وتكون مصر أكثر استقرارا لأن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية أطلقت تحذيرات لمواطنيها من التواجد فى مصر الآن فى ظل الأحداث الأمنية مما أعاق عمل الشركات التى أبت أن تستقر فى مصر إلا عقب الاستقرار السياسى والأمنى بها، كما أن مصر غير جاهزة علميا ومعنويا لأن نطبق بها المراحل الأولى، لأننا بحاجة إلى مراكز بحثية عالية الكفاءة والخبرة مع نظام صارم يضمن أكبر قدر من الأمان للمرضى المجرب عليهم.
■ هناك بعض التصريحات انطلقت من مسؤولين بوزارة البحث العلمى بأن سبب رفضهم التعاون هو نية هذه الشركات استخدام المصريين كفئران تجارب لأدويتهم، فما مدى صحة ذلك؟
- هذا الكلام عار من الصحة، والدواء الذى عرض على الوزارة مسبقا كان قد تمت تجربته على مرضى أمريكيين ونجح بكفاءة، لذا فكرنا بنقله إلى مصر لأنه يعالج الجين الرابع من فيروس سى والمستوطن فى مصر حيث يمثل نسبة كبيرة من إصابات فيروس سى فى مصر.
■ قيل أيضا إن المرضى المجرب عليهم الدواء فى الولايات المتحدة هم مصريون مقيمون بأمريكا؟
- بحكم أن الجين الرابع مقترن بفيروس سى المصرى، فإننا كنا بحاجة إلى عدد من المصابين المصريين، ولكنهم لم يتجاوزوا العشرات ضمن 2000 مريض تمت تجربة الدواء عليهم.
■ هل توجد أعراض جانبية لمجموعة الأدوية الجديدة؟
- لكل دواء أعراض جانبية، والمعادلة هى ميزان النفع والضرر، فلا توجد أعراض جانبية خطيرة بالمقارنة بالمرض، ومعظم الأعراض الجانبية هى للإنترفيرون المستخدم حالياً، والذى لا يمكن الاستغناء عنه.