على الرغم من توصيات الإدارة الأمريكية بعدم إقرار وصف المجازر التى حدثت للأرمن بالإبادة الجماعية، أتى قرار لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكى ليناقض رغبة إدارة أوباما بألا توتر أجواء علاقاتها مع تركيا.
وجاء رد الفعل التركى متوافقا مع ما قدرته الإدارة الأمريكية، إذ قررت أنقرة سحب سفيرها للتشاور فى أعقاب القرار الأمريكى، وأعربت رئاسة الوزراء التركية عن استنكارها الشديد للخطوة الأمريكية، التى أكد الرئيس التركى أنها ستكون ضارة بالسلام فى الشرق الأوسط.
ويعد قرار لجنة النواب حلقة جديدة من حلقات «الإحراج» الذى يتسبب فى مجلس النواب للإدارات الأمريكية المتعاقبة، وهو ما يفسره البعض بأنها لعبة التوازنات بمعنى «الشد والجذب»، بينما يرى آخرون أنها تعكس الاستقلال النسبى لمجلس النواب الأمريكى.
الكونجرس الأمريكى كثيرا ما يقوم بإصدار قرارات أو توصيات يرفضها البيت الأبيض، وكان على رأس تلك القرارات قرار تخفيض المعونات الاقتصادية لمصر، الذى أصدره الكونجرس فى عهد الرئيس الأمريكى بيل كلينتون، فضلا عن الامتناع عن إقرار خطة الإصلاح الاقتصادى للرئيس بوش فى مواجهة الأزمة المالية عند طرحها للتصويت على الرغم من حرج الموقف حينها.
ولاشك أن تأثير إقرار مثل هذا القرار سيكون ضارا بشدة على العلاقات التركية - الأمريكية، مما يتضح من تصريحات مسؤول تركى –رفض الكشف عن هويته- بأن جميع الاحتمالات مطروحة أمام أنقرة للرد على التصعيد الأمريكى، والمقصود طبعا الردود الدبلوماسية.
ولم تكن الإدارة الأمريكية ترغب بأى حال فى أى توتر مع تركيا فى هذه الفترة، خاصة إذا كان حول مسألة تاريخية قديمة، فى ظل قيام تركيا بأكثر من دور مهم للمصالح الأمريكية فى المنطقة، يأتى فى صدارة تلك الأدوار التوسط بين سوريا وإسرائيل، وهو ما تعتبره واشنطن أمرا حيويا لفك عرى الارتباط بين إيران وسوريا لاستهداف إيران «وحيدة» فى مرحلة لاحقة.
كما أن مجلس النواب أخطأ فى تقدير رد الفعل التركى، حيث إن حزب العدالة والتنمية يسعى لاستغلال النزعة القومية التركية خلال المرحلة الحالية للتصدى للجيش، فغالبا ما يرد على ألسنة قادة الحزب تعبيرات من نوع «نحن أحفاد العثمانيين» و«المجد للعثمانيين» وما إلى ذلك من التعبيرات، مما يفرض على الحزب أن يتخذ موقفا قويا ضد أى تحرك ينال من «الكرامة العثمانية».