تصاعدت حدة الأزمة بين المحامين من ناحية، والقضاة وأعضاء النيابة العامة من ناحية أخرى، على خلفية اتهام اثنين من المحامين فى مدينة طنطا بمحافظة الغربية بالاعتداء بالضرب والسب والقذف على مدير نيابة قسم ثان طنطا، وتجمهر مئات المحامين أمام مكتبه، مما أدى لاحتجازه ساعات وترديد المحتجين هتافات معادية للنيابة والقضاء.
وقرر النائب العام المستشار «عبدالمجيد محمود» إحالة 19 من محاميى الغربية إلى التحقيق العاجل بنيابة استئناف طنطا، وذلك لاتهامهم بإتلاف المال العام والتجمهر والاعتصام والاعتداء على أشخاص ذوى صفة نيابية عامة، حيث قاموا بإتلاف منشآت مملوكة للدولة وتابعة لمحكمة استئناف طنطا، وقدرت قيمة خسائرها بنحو 200 ألف جنيه، حسب التقرير الهندسى الصادر من مجلس ومركز مدينة طنطا.
وواصل محامو الغربية اعتصامهم لليوم الثالث، اليوم الاثنين وإضرابهم عن العمل احتجاجاً على قرار النائب العام حبس المحاميين «إيهاب ساعى الدين» و«مصطفى فتوح»، وتقديمهما لمحاكمة عاجلة غداً «الأربعاء» بتهمة الاعتداء على مدير النيابة «باسم أبوالروس»، وطالبوا بالإفراج الفورى عنهما.
وانتقلت الأزمة إلى النقابة العامة للمحامين التى أعلنت ظهر اليوم تنظيم «إضراب عام» عن العمل اليوم فى جميع محاكم مصر.
وفى تطور جديد، تقدم المحاميان «المحبوسان» ببلاغ إلى المحامى العام الأول لنيابات طنطا، ووزير العدل، ضد «أبوالروس» يطالبان بتمكينهما من الحصول على تعويض مدنى منه بمبلغ 10 آلاف جنيه تعويضاً مؤقتاً عن الأضرار الناجمة عن التعدي عليهما.
وعقد نحو 17 من رؤساء نوادى القضاة بالمحافظات فى مقدمتهم المستشار أحمد الزند، رئيس نادى قضاة مصر، اجتماعهم الطارئ، مساء أمس الأول فى طنطا، لبحث ما سموه «كيفية التصدى لوقائع التعدى على رجال النيابة العامة والقضاة وإرهابهم بالتجمهر والتظاهر والهتافات»، غير أن بيان المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام بإحالة المحاميين الاثنين استطاع تهدئة رجال القضاء والنيابة الغاضبين.
ووصف عدد من القضاة قرار النائب العام بـ"الاستباقى" الذى أنقذ الموقف هذه المرة بعكس مرات سابقة، وأشاروا إلى أن رؤساء نوادى القضاة كانوا مصممين فى اجتماعهم على اتخاذ مواقف وقرارات، موضحين أن النائب العام لم يلتفت فى الحوادث السابقة المتكررة، لإحالة المعتدين إلى النيابة العامة للتحقيق، ومحاكمتهم أمام القضاء.
فى سياق متصل، أعلن نادى قضاة المنوفية، فى بيان أصدره عقب اجتماع طارئ لمجلس إدارته مساء أمس ، عن "انزعاجه وقلقه وفزعه" من تلك الأحداث المتكررة كثيراً مؤخراً، والتي وصفها بأنها تعبر عن شريعة الغاب والفوضى وغياب القانون واعتداء على كرامة وهيبة ووقار رجال القضاء والنيابة العامة.
وأشار مجلس الإدارة في بيانه إلى "أن ضبط النفس ليس محتملاً ولم يكن ذا جدوى فى حدث واحد، فما بالكم بتلك الأحداث المتكررة، وما قد تؤدى إليه من عواقب وخيمة وفوضى شاملة تطول المجتمع والنظام كله".
فى المقابل، قررت نقابة المحامين تنظيم إضراب عام عن العمل اليوم فى جميع المحاكم، تحت إشراف النقابات الفرعية للمحامين فى المحافظات، احتجاجاً على حبس المحاميين "دون مبرر".
وعقد «حمدى خليفة» نقيب المحامين، مؤتمراً صحفياً بمقر النقابة، اليوم أعلن خلاله صدور قرار من النقابة بالإضراب، مشيراً إلى أن تلك الخطوات هي أولى خطوات التصعيد - على حد تعبيره - وأضاف: "ستعقبها خطوات أخرى ما لم يتم حل المشكلة".
وأكد «خليفة» فى الوقت نفسه أن الأزمات التى تعيشها النقابة لم تؤثر فى حماية النقابة لأعضائها، مشيراً إلى أنه التقى النائب العام، وأكد له ضرورة إحالة عضو النيابة للمحاكمة، أسوة بإحالة المحاميين لمحاكمة عاجلة، خاصة أنه اعتدى عليهما أيضاً - بحسب «خليفة».
ونظمت نقابة المحامين الفرعية فى الغربية، اليوم، إضراباً عن العمل فى جميع دوائر المحاكم على مستوى المحافظة، وصل إلى 100٪ فى محاكم بسيون وقطور وزفتى، فيما رفض بعض القضاة تسجيل إضراب المحاميين فى سجل الجلسات.
وهدد المحامون بتصعيد الأمر إلى إضراب عن الطعام فى حالة عدم الاستجابة لمطالبهم بالإفراج الفورى عن المحاميين، إضافة إلى تنظيم مظاهرة حاشدة غداً بالتزامن مع نظر الجلسة العاجلة التى يحاكم فيها المحاميان، وأعلن مجلس النقابة أنه فى حالة انعقاد دائم.