هجمات إسرائيلية جديدة لتهويد القدس

الأربعاء 03-03-2010 00:00

وسط حالة الغليان المستمرة فى الشارع الفلسطينى والعربى إثر الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة فى القدس المحتلة، وبعد ساعات من انتقاد الولايات المتحدة لإسرائيل على خلفية مواصلتها بناء مئات الشقق السكنية الجديدة فى المدينة، يعتزم رئيس البلدية الإسرائيلية للقدس اليمينى «نير بركات» خلال ساعات الإعلان عن مخططه لتهويد حى «سلوان» فى محيط البلدة القديمة القريبة من أسوار المسجد الأقصى، القاضى بهدم عشرات المنازل الفلسطينية فى «حى البستان»، بهدف إقامة «متنزه أثرى» يحمل اسم «حديقة الملك»، حيث يدعى رئيس البلدية أن المكان المذكور هو موقع أثرى تاريخى قديم لليهود أقام فيه «الملك سليمان»، وهى الخطوة التى أثارت احتجاجاً شديداً لدى السكان الفلسطينيين من جهة، ونواب عرب إسرائيليين من جهة أخرى، بينما اعتبرته حركة «السلام الآن» الإسرائيلية بمثابة «قنبلة سياسية».

وتدّعى البلدية الإسرائيلية أن الفلسطينيين أقاموا 88 منزلاً فى الحى دون الحصول على تراخيص بناء «ما يستوجب هدمها». ويعتزم بركات الإعلان خلال ساعات فى مؤتمر صحفى عن هدم 40 منزلاً، وإبقاء 50 أخرى ومنحها التراخيص اللازمة، على أن تلزم البلدية أصحاب البيوت بهدمها على حسابهم الخاص، بحسب صحيفة «الحياة» اللندنية.

ووضع مخطط هدم حى البستان قبل 7 سنوات ضمن مخطط أوسع للبلدية الإسرائيلية بتحويل جميع المناطق المحيطة بالبلدة القديمة إلى «حدائق وطنية» وسياحية. وكشفت مصادر فلسطينية أن لدى البلدية مخططات مماثلة لهدم منازلهم فى عدد من الأحياء الفلسطينية فى القدس مثل حيى «وادى الحلوة» و«رأس العامود».

من جهتها، ربطت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بين مخطط الهدم فى بلدة سلوان والأمر الذى أصدرته المحكمة الإسرائيلية العليا قبل عامين للبلدية بهدم «بيت يوناثان» الاستيطانى الذى أقامه المستوطنون (من 7طوابق) قبل 6سنوات فى قلب سلوان دون ترخيص. وهدد بركات بأنه فى حال تم إرغام البلدية على هدم المنزل الاستيطانى، فإنه «سيطبق القانون» فى كل المنطقة، أى هدم المنازل غير المرخصة فى الجانب الفلسطينى أيضاً، رغم أنه من المعلوم أن سلطات الاحتلال الإسرائيلى امتنعت منذ احتلال القدس الشرقية فى عام 1967 عن إعداد - أو السماح للفلسطينيين بإعداد - خرائط هيكلية لتنظيم البناء.

وكان رئيس البلدية الإسرائيلية أعلن منذ تسلمه منصبه قبل 15 شهراً عزمه «معالجة البناء غير المرخص» فى القدس المحتلة مدعياً أن عددها يفوق 20 ألف منزل، بينها نحو 700 فى بلدة سلوان.

وأشعل القرار الإسرائيلى الجديد موجة الغضب الفلسطينى، حيث أعرب النائب الدكتور أحمد الطيبى عن قلقه البالغ من المخطط، وقال لصحيفة «يديعوت أحرونوت»: «بركات يتصرف تصرف المهووس بإشعال الحرائق ويعمل على إشعال الموقف والخصام فى شرقى القدس فيجب لجمه قبل أن يفوت الأوان» .

وذكر موقع «محيط» الإلكترونى أن حركة «السلام الآن» الإسرائيلية عقبت على خطة بركات فى سلوان بقولها: «إن هذا المخطط يشكل قنبلة سياسية، فرئيس البلدية يدفع قدماً بمصالح اليمين المتطرف ومن شأنه أن يشعل لهيب الفتنة فى المدينة».

ويبدو أن أحزاب اليمين ذاتها غير راضية أيضاً عن مخطط بركات ولكن لسبب آخر، إذ ادعى عضو البلدية عن حزب الليكود اليمينى إليشع بيلغ أنه يحظر إعطاء «جائزة لمخالفى القانون ومنحهم أرضا بديلة فى مكان آخر من أجل حل مشكلة البناء غير المرخص فى المكان»، مطالباًَ بهدم جميع البيوت الفلسطينية التى لا يمكن استصدار تصاريح بناء لها. ويأتى قرار بلدية القدس بعد يوم واحد من إعلان وزارة الخارجية الأمريكية أن مشروع بناء 600 وحدة سكنية فى القدس الشرقية «غير بناء»، و«يزعزع الثقة بين الأطراف».

ومما يزيد الوضع فى القدس تعقيداً أنه وقع فى «وادى حلوة» ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى بالقدس الشرقية انهيار أرضى جديد جراء أعمال الحفريات الإسرائيلية المتواصلة فى المنطقة، التى تقوم بها الجماعات الاستيطانية بحماية سلطات الاحتلال فى المنطقة، والتى أدت إلى وقوع عدد كبير من الانهيارات والتشققات فى منازل المواطنين هناك. وقال مسؤول لجنة الحى فخرى أبوذياب إن الانهيار الأرضى وقع فى الشارع الرئيسى من وادى حلوة بالقرب من مسجد عين سلوان الكبير.

وفى الوقت ذاته، حذر الشيخ تيسير التميمى، قاضى قضاة فلسطين، رئيس الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، من استعدادات يجريها غلاة التطرف اليهودى فى مختلف أنحاء العالم لاقتحام المسجد الأقصى المبارك فى 16 مارس الجارى.

وقال التميمى فى بيان صحفى أمس: «إن أكثر من 30 منظمة يهودية تعمل وتنشط فى محاولات بناء الهيكل المزعوم بدأت بنشر إعلانات وملصقات على المواقع الإلكترونية تدعو لاقتحام المسجد الأقصى المبارك يوم 16 مارس، واصفين هذا اليوم بأنه يوم عالمى من أجل بناء الهيكل».

وأضاف التميمى أن المئات من اليهود فى مختلف دول العالم وصلوا بالفعل إلى إسرائيل وسيشاركون فى عملية الاقتحام فى التاريخ المذكور، منوها بأن هذه الجماعات بدأت بحملة لجمع التبرعات لإقامة الهيكل المزعوم بدعم من الملياردير اليهودى المتطرف أرفين موسكوفيتش الذى يمول جميع النشاطات التحضيرية لإقامة «الهيكل».

واعتبر التميمى فى بيانه أن ما جرى أمس الأول فى المسجد الأقصى من حصار للمعتكفين داخله واقتحامه من قبل الجماعات اليهودية بمساندة من شرطة وجيش الاحتلال بذريعة الاحتفال بعيد المساخر اليهودى، والاعتداء على المصلين داخله وإغلاق بوابات البلدة القديمة وفرض حصار عسكرى عليها، هو لقياس ردود الأفعال العربية والإسلامية فى حال تقسيمه على غرار الحرم الإبراهيمى الشريف أو هدمه. ودعا التميمى منظمة المؤتمر الإسلامى ولجنة القدس وجامعة الدول العربية إلى التحرك الجاد على وجه السرعة لتدارك الخطر المحدق بالمسجد الأقصى ولإنقاذه من المؤامرات والإجراءات التى تستهدف تهويده.