«هيكل» لـ«المصري اليوم»: كل ما يحدث في المنطقة مرصود ومسموع في لبنان

كتب: اخبار الخميس 05-12-2013 22:39

عبر المفكر السياسى والكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، عقب عودته بعد ظهر الخميس من بيروت، عن سعادته بزيارته للبنان، ولقاءاته مع الرئيس اللبنانى ميشيل سليمان والقيادات السياسية ورؤساء الأحزاب، وقال إن النقاش خلال هذه اللقاءات تناول المتغيرات الجارية فى المنطقة والمستجدات فى إيران والموضوع اللبنانى والتأثيرات عليه.

وأضاف الأستاذ هيكل فى تصريح خاص لـ«المصرى اليوم» أنه التقى مرتين مع حسن نصر الله، زعيم حزب الله، وكان اللقاء الثانى الأربعاء على مأدبة غداء، كما التقى مع السفير السورى فى بيروت الذى نقل إليه رسالة من الرئيس السورى بشار الأسد تضمنت شرحاً للموقف الرسمى السورى.

والتقى أيضاً مع السفير الإيرانى، غضنفر ركن عبادى، الذى نقل له رسالة من آية الله على خامنئى، مرشد الثورة الإيرانى، تتعلق بالموقف الإيرانى والاتفاق النووى ومجريات الأمور فى المنطقة، وتتضمن توجيه الدعوة له لزيارة إيران.

وقال «الأستاذ» إن كل ما يحدث في المنطقة مرصود ومسموع ومرئي في لبنان، موضحاً أن المنطقة تتغير وأنه ذهب ليرصد ويناقش، خاصة أن الأحزاب اللبنانية تصب عندها مواقف كل التيارات الفاعلة فى المنطقة.

كان الأستاذ هيكل قد التقى الأربعاء مع أسرة صحيفة «السفير» اللبنانية فى حوار مفتوح تناول فيه الواقع العربى ومجريات الأمور فى مصر.

وقال «هيكل» إن «حركة الشباب فى مصر جزء من حركة عالمية بعضها قد يبدو جامحاً، فنحن أمام ردّ فعل على شيخوخة طويلة جداً وبطيئة، استمرت كثيراً فى العالم العربى، وبسطت سيطرتها، ليس ذلك فقط، بل نحن فى العالم العربى أمام انتفاضة ضد مجرد الشعر الأبيض. هى ثورة، ثورة من المشاعر والأفكار، التى ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بحركة انتقالها، وهى حركة سريعة جداً»، هكذا اختصر «هيكل» موجة الشباب العربية خلال السنوات القليلة الماضية.

وليس غريباً بالنسبة لـ«هيكل» أن نشهد حالة انتقالية فوضوية إلى حد ما، فلا يمكن لأحد أن يتوقع تغيير الواقع بكبسة زر فقط، فقد ثار «الشباب الغاضب، لأن مسيرته عُطلت لفترة طويلة، ولذلك فهو مستعجل جداً بطلب التغيير، ومعه كل الحق فى ذلك».

من هنا يشرح «الأستاذ» واقعنا الحالى بالقول: «نحن أمام ثورة شباب، أولاً فى العالم، وثانياً فى العالم العربى، وهى متدفقة أكثر هنا، لأنها عُطلت طويلاً، ثالثاً، نحن أمام شباب لديه طموحات كثيرة ولكن بسبب غيابه عن الساحة لفترة طويلة، أصبحت طموحاته غير محددة، ما خلق مشكلة. فنحن أمام قوة شبابية راغبة فى التغيير، لكنها لم تستطع أن تحدد صلتها بالعصر».

وبطريقة تجمع بين الواقعية والكثير من الخبرة، شرح «هيكل» أن «صناعة الدستور غير مرتبطة بمزاج اللحظة، بل هى تعبير عن كل قوى الأمة. الدستور الذى تتم كتابته الآن ليس دستوراً دائماً، فالدستور الدائم يحصل فى لحظة توافقية، ونحن فى لحظة خلافية. لكن وضعت خطة طريق للانتقال مما كنا فيه إلى ما نتصور أن نكون فيه فى مرحلة معينة، ووضعت فى مناخ فى منتهى الصعوبة، ولكن هذا هو الطريق».

لا يتفق «هيكل» مع ما يدور فى مصر من اتهامات بعسكرة البلاد، أو حتى تدخل الجيش وبقائه فى السلطة، بالنسبة إليه يجب إعطاء الجيش حقه. يقول متسائلاً «إن القوات المسلحة قامت بدور رئيسى فى حماية شباب الثورة، فهل المطلوب منها أن تقف جانباً وتنتظر أن يُكبس زر تدخلها؟ الإخوان المسلمون انزلقوا إلى السلطة فى حكم المجلس العسكرى الأول، ثم دخلوا إلى سلطة لم يستحقوها، حتى ديمقراطياً، أليس صحيحاً أن الجيش مكّن الإخوان المسلمين من الوصول؟ فعليه مسؤولية أن يتدخل فى حال فشلوا، فهل المطلوب منه أن يساعد الثورة فى تغيير حسنى مبارك، وليس فى دفع شر معين؟».

ويرفض «هيكل» إقصاء التيار الإسلامى، سواء فى مصر أو فى العالم العربى، ولكن ذلك لا يعنى ألا يعرف هذا التيار حدود قدرته. وبالنسبة له إن «إقصاء التيار الإسلامى، فى مصر أو العالم العربى، يضع المنطقة فى مشاكل لا حدود لها، فهو فاعل أصيل فى هذه المرحلة، ويجب أن يعطى حقه بمقدار ما يستحق. وهو فى ظرف معين أخذ أكثر مما يستحق وارتكب الأخطاء أكثر مما هو محتمل». ويضيف: «أعتقد أن الإخوان، وللأسف، قفزوا فى ظرف معين إلى أكثر مما يستطيع التيار الإسلامى أن يحصل عليه، وتصوروا أنهم باقون إلى الأبد. التيار الإسلامى كله يجب أن يعرف حدود قوته الحقيقية».

وقبل الدخول فى أى تحليلات عن مستقبل الدولة وعلاقة الدين بالدولة، لا يجدر أبداً أن يغيب المتابع عن واقع المجتمعات، «نحن أمام شعوب يقوم الدين فيها بدور لا مجال لإنكاره. هناك قوة دينية، ولكن ليس هناك ضرورة للدخول فى حرب دينية، أو فى صراع أفكار، بين المستقبل والموروث».

وبحسب هيكل، فإنه «فى الصراع داخل لجنة الدستور بين علمانية وإسلامية، تم التوصل إلى صيغة مدنية، وأُبعد الشبح الدينى، فى محاولة لإضفاء التوازن بين أحوال الشعب وطموحاته». ومن هنا يتساءل «فى الأحوال الراهنة، هل من الممكن فى مصر أو أى بلد عربى أن تعلن فى هذه اللحظة الحرجة عن فصل الدين عن الدولة؟».

ماذا عن مستقبل السلطة فى مصر، وما هى البدائل المطروحة؟ يبدو أن هذا التساؤل هو ما يشغل بال الجميع، وهو ما يسبب الأزمة الحقيقية فى مصر، حيث إنه هناك فعلياً غياب لأى بديل قوى. ومن هنا يشرح هيكل أنه «أسىء استخدام السلطة فى العالم العربى، وكانت النتيجة أن ضعفت ووهنت البدائل السياسة، ومن بينها جميع الأحزاب المدنية فى مصر، وهى تحولت إلى أحزاب من دون جماهير، غير قادرة على أن تقدم نفسها كبديل».

وغياب البدائل يعنى أيضاً أن الطريق المصرية طويلة، خصوصاً أن الثورة ليست لحظة واحدة فقط، وبالنسبة للأستاذ «إذا تصورنا أن كل ثورة هى عملية جراحة، فهذا أمر غير صحيح، بل هى بحاجة إلى وقت طويل لتعبر عن فكرها ورجالها وقدرتها على تحقيق الانتقال. هناك تصور أن المسائل تتحقق بكبسة زر، ولكن هذا لا يصح. نحن نتحرك نحو الاستقرار. وُضع دستور فى مرحلة غير مستقرة، بشكل ما علينا أن نتخطى الفجوات بين الأجيال، وأن نتفق على طريق نستطيع أن نخطو منه إلى حيث نستطيع- على الأقل- أن نفكر بعقل».