الحرية هى الحرية: بلا سقف ولا حدود والجماعات «المحظورة» بين الواقع والقانون

الإثنين 01-03-2010 00:00

تعبر مجلة «روزاليوسف» عن موقف حازم ضد التطرف الدينى، وضد الدعوة إلى قيام دولة دينية إسلامية فى مصر، وهو موقف كاتب هذه السطور أيضاً.

ولكن فى عدد، أمس الأول، من المجلة مقال أشبه بالبلاغ عن وجود فيلمين روائيين قصيرين ثم وصفهما بأنهما يرفعان شعار «الإسلام هو الحل»، وأن أحدهما وضعه عمرو خالد على موقعه، ورغم أن المقال لا يوضح إن كان الفيلمان من الإنتاج المستقل، أم من الإنتاج الحكومى (المركز القومى للسينما أو الهيئة العامة لقصور الثقافة)، فقد تضمن تصريحاً للدكتور خالد عبدالجليل، رئيس المركز القومى، بأنه «لا يتحمل مسؤولية اختيار الأفلام أو التدخل فى رؤية أى مخرج من المخرجين»، وهو تصريح زاد من غموض علاقة الحكومة بالفيلمين.

لا يحق لأى جهة حكومية إنتاج أفلام متطرفة، أو تدعو إلى قيام دولة دينية إسلامية فى مصر، لأن الحكومة القائمة ضد التطرف ولا تمثل حزباً دينياً أو دولة دينية. ولكن من حق أى شركة غير حكومية أو أى منتج مستقل إنتاج أفلام تعبر عن أى وجهات نظر حتى لو كانت متطرفة دينياً أو تدعو إلى قيام دولة دينية إسلامية فى مصر: الحرية هى الحرية من دون سقف ولا حدود، ومن يؤمن بحرية التعبير حقاً هو من يدرك أن الحرية ليست فى التعبير عما يوافق عليه، وإنما عما يرفضه أيضاً.

وفى تاريخ السينما المصرية أكثر من مخرج كان يعبر، فى أفلامه، عن وجهة نظر دينية، لعل أهمهم إبراهيم عمارة (1910- 1972) الذى تحتفل مكتبة الإسكندرية بمئوية ميلاده فى يونيو القادم. صحيح أنه وغيره من مخرجى مدرسة السينما المصرية (1933 - 1963) كانوا يعبرون عن المفاهيم الدينية الصحيحة غير المتطرفة، والتى لا تكفر الآخرين ولا تدعو إلى العنف ولا تبرر قتل الأبرياء كما هو حال بعض التيارات الدينية الإسلامية اليوم، ولكن يظل الأصح مواجهة الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة، ولا حق لأى دولة فى احتكار أى شىء إلا السلاح، فمن يرفع السلاح لا يواجه إلا بالسلاح.

ومأزق الديمقراطية الأكبر أن تؤدى الحرية إلى انتخاب أعداء الحرية الذين يقضون عليها فور تولى السلطة فى انتخابات حرة نزيهة، كما حدث عندما نجح حزب هتلر النازى فى ألمانيا فى انتخابات عام 1933.

وقد كان الحل فى ألمانيا بعد هتلر «حظر» إنشاء حزب نازى جديد، تماماً مثل جماعة الإخوان المسلمين «المحظورة» فى مصر. ولكن النازيين موجودون فى الواقع رغم الحظر القانونى، وكذلك الإخوان فى مصر ولا حل لمشاكل الحرية إلا بالمزيد منها، وعلى كل شعب أن يختار، ويدفع ثمن اختياره.

samirmfarid@hotmail.com