«فتح الله كولن».. «شوكة في حلق أردوغان» (بروفايل)

كتب: مريم محمود الجمعة 29-11-2013 19:34

«إنهم يريدون غلق كل شيء، حتى أبواب الجنة»، كان هذا تعليق الشيخ فتح الله كولن، العالم التركي، على قرار حكومة رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، إغلاق المدارس التى أنشأتها، في أحدث خلافاته مع أردوغان، رغم انتمائهما لنفس المدرسة الفكرية.

وصفه المستشار، طارق البشري، بأنه يمثل الخبرة الدينية الاجتماعية لتركيا، وهو أحد أشهر علماء الإسلام المصلحين على مستوى العالم، واحتل المرتبة الأولى في قائمة أهم 100عالم في الاستطلاع الذي أجرته مجلة «فورين بوليسي»، عام 2008، وأنشأت له عدة جامعات في الولايات المتحدة، وإندونيسيا، وأستراليا، أقساماً خاصة باسمه، ومراكز علمية متخصصة.

بدأ «كولن» نشاطه الدعوي والتربوي في عدة مدن غرب تركيا بداية ستينيات القرن الماضي، وانتشرت أفكاره وأحلامه لدى كل الطبقات الاجتماعية، وكثر محبوه في أنحاء العالم.

ولد «كولن» في 11 نوفمبر 1938، لأسرة معروفة بالتدين والصلاح في قرية «كوروجك» بمحافظة «أرضروم» شمال هضبة الأناضول، وتلقى دروسه الأولى في حفظ القرآن الكريم وهو في الرابعة، على يد والدته «رفيعة هانم» التي عرفت بأخلاقِها الحسنة، ثم عمل إمامًا وهو في العشرين من عمره وله أكثر من 65 كتابًا تناول فيها القضايا الكبرى في الفكر الإسلامي، ومشكلات العصر.

وغادر «كولن» إلى الولايت المتحدة، بسبب متاعبه مع السلطات التركية التي بدأت في يونيو 1999، عندما تحدث في التليفزيون التركي، وأطلق تصريحات اعتبرها البعض انتقادًا ضمنيًا لمؤسسات الدولة، ثم اعتذر بعدها، إلا أن البعض شكك في أهدافه، ووجهت له اتهامات بمحاولة تحقيق مكاسب سياسية على حساب مؤسسات الدولة بما في ذلك الجيش.

وتورط «كولن» في أزمة أخرى، حيث ظهر في فيديو قال فيه لعدد من أنصاره إنه سيتحرك ببطء من أجل تغيير طبيعة النظام التركي من نظام علمانى إلى نظام إسلامى.

 ونجح «كولن» في التأسيس منذ سنوات لتيار «الخدمة الإيمانية»، ثم ظهر بعد ذلك ما يسمى بـ«حركة كولن». ويمتلك هذا التيار 2000 مدرسة و20 جامعة متميزة في مختلف التخصصات منتشرة في تركيا و160 دولة عبر العالم، كما يمتلك العديد من المؤسسات الإعلامية الكبيرة وحتى الاقتصادية.

وهناك رغبة من الحكومة التركية في إغلاق مراكز الدروس الخاصة التي أسسها كولن، مما فجر أزمة غير مسبوقة بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وجماعة كولن، وبدأت الجماعة تشن حملة انتقادات ضد هذا القرار عبر وسائل إعلامها المقروءة والمرئية مستغلة نفوذها الواسع، بينما ترى الحكومة أن تلك المدارس «نظام تعليم غير شرعي» لايفيد «إلا أولاد العائلات الثرية في المدن الكبرى».

وجعلت الأزمة الأخيرة كلا الطرفين يصعد لهجته تجاه الطرف الآخر وتحولت المشكلة إلى صراع سياسي ومعركة نفوذ، قبل أشهر على الانتخابات البلدية المقبلة، فهناك من يرى أن رغبة الحكومة تهدف إلى ضرب معاقل جماعة كولن، وتجفيف المنابع التي تمد الجماعة بالمال والكوادر، بينما تصعد الجماعة لهجتها ضد الحكومة لتلعب دور الحزب المعارض لحكومة «أردوغان» إلى درجة وصفه البعض بأنه «شوكة» في حلق «أردوغان».