مباحث الأموال العامة تكشف تورط 11 نائباً فى الحصول على رشاوى فى «قرارات العلاج»

السبت 27-02-2010 00:00

كشفت مباحث الأموال العامة مفاجآت كثيرة فى قضية «العلاج على نفقة الدولة»، إذ تبين ـ حتى الآن ـ أن 11 نائباً بمجلسى الشعب والشورى و27 من أنصارهم فى 7 محافظات، متورطون فى الحصول على رشاوى من المرضى مقابل توفير قرارات بالعلاج على نفقة الدولة.

وأكدت التحريات أن مبالغ الرشوة تراوحت بين 1000 و10 آلاف جنيه وفقاً لقيمة العملية الجراحية المطلوبة، وعلمت «المصرى اليوم» أن فريقا من أفراد الشرطة السريين التابعين لإدارة الأموال العامة فى المحافظات نزلوا إلى عدد كبير من المدن والقرى وسألوا الأهالى الذين حصلوا على قرارات علاج على نفقة الدولة عن العمليات التى أجروها والقيمة المادية التى كانت محددة لهم، والنائب الذى وفر لهم القرارات، وما إذا كان ذلك مقابل أموال.

وأفادت التحريات بأن فريقاً آخر من ضباط الأموال العامة بوزارة الداخلية توجهوا إلى وزارة الصحة وحصلوا على ملفات العلاج على نفقة الدولة الصادرة فى الفترة من يناير 2009 وحتى يناير 2010، وجار حصرها وتحديد قائمة بالنواب الذين حصلوا على القرارات وقيمتها، وتبين أن 9 وزراء وشخصيات عامة ثرية حصلوا على علاج على نفقة الدولة، كما توجه فريق ثالث إلى عدد من المستشفيات الحكومية والخاصة والجامعية، وحصلوا على المستندات التى تشير إلى إجراء عمليات على نفقة الدولة وتكلفة تلك العمليات والقيمة التى استردت من وزارة الصحة.

أفادت التحريات التى بدأتها الإدارة العامة للأموال العامة بوزارة الداخلية بناءً على طلب الدكتور فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب بأن المجالس الطبية المتخصصة وهى الجهة المنوط بها الموافقة على استصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة وافقت على جميع الطلبات التى قدمها نواب مجلس الشعب دون عقد لجنة ثلاثية أو التأكد من مدى أحقية المريض المتقدم باسمه الطلب للعلاج من عدمه، ووافقت على قرارات علاج داخل مستشفيات استثمارية بمبالغ ضخمة وقرارات علاج لنفس العمليات لمرضى آخرين داخل مستشفيات حكومية بمبلغ زهيد.

وقالت مصادر ـ شاركت فى جمع تلك التحريات ـ إنهم تتبعوا الإجراءات التى من شأنها حصول المريض على قرار علاج على نفقة الدولة من خلال عضو مجلس شعب أو شورى، إذ تبدأ الرحلة بحصول المريض على شهادة أو تقرير طبى من مستشفى حكومى أو خاص تتضمن حاجة المريض إلى إجراء العملية وتحدد المستشفى الذى يريد إجراء العملية به، ويوقع 3 أطباء عليها وتختم بخاتم شعار الجمهورية.

ويقدم المريض تلك الشهادة إلى النائب فيلجأ إلى مدير مكتبه أو من له صله بالنائب، ورصدت التحريات أن عدداً كبيراً من مديرى مكاتب النواب وآخرين حصلوا على مبالغ مالية على سبيل الرشوة مقابل توصيل طلب العلاج إلى النائب، وأن آخرين أخذوا تلك الأموال بحجة توصيلها للنائب وادعوا أنها مصاريف ينفقها النائب للحصول على قرار العلاج.

وأوضحت التحريات أن تلك المبالغ تراوحت بين 1000 و10 آلاف جنيه ويتحدد ذلك طبقاً للقيمة المالية للعملية المطلوبة، ودونت التحريات أن 11 نائباً بمجلسى الشعب والشورى حصلوا عن طريق أنصارهم ـ طبقاً لكلام المرضى ـ على رشاوى مقابل قرار العلاج.

وهؤلاء النواب من محافظات القاهرة والغربية والإسكندرية والفيوم وبنى سويف والمنيا وقنا، وهى المحافظات التى تم الانتهاء من جمع التحريات فيها وجار جمع التحريات فى باقى المحافظات، وفى المقابل شكر عدد ليس بالقليل فى نوابهم الذين وفروا لهم علاجاً على نفقة الدولة ونفوا حصول النواب على مبالغ منهم، وأوضح المصدر أن فريقا من رجال الشرطة يجمعون تحرياتهم فى القرى من المرضى الذين حصلوا على قرارات علاج.

وتبدأ الخطوة الثانية فى العلاج على نفقة الدولة فى مكتب نائب مجلس الشعب أو الشورى الذى يقدم طلباً معداً سلفاً لذلك ويرفق معه تقرير المريض وصورة بطاقته الشخصية إلى المجالس الطبية المتخصصة بوزارة الصحة، والتى توافق على القرار وتدون كود النائب فى قرار العلاج على نفقة الدولة، ولا تحدد قيمة العملية الجراحية إذا كان القرار موجهاً إلى مستشفى حكومى، نظراً لوجود بروتوكول محدد سلفاً بقيمة العمليات، أما إذا كان القرار موجهاً إلى مستشفى خاص أو جامعى أو استثمارى فيتم تحديد المبلغ، وتبين من التحريات أن 80٪ من قرارات العلاج موجهة إلى المستشفيات الاستثمارية والخاصة وبأرقام مالية مبالغ فيها.

وثبت أن قرارات علاج على نفقة الدولة صادرة مثلاً لإجراء عملية انفصال فى شبكة العين بأحد المستشفيات الاستثمارية بمبلغ 20 ألف جنيه، ونفس المجالس الطبية تصدر قراراً بإجراء نفس العملية فى مستشفى حكوم بقيمة 4 آلاف جنيه، ما يعنى أن هناك إهداراً للمال العام.

وتبين أيضاً أن نواباً بالمجلس متورطون فى تقاسم المبالغ المالية الزائدة فى تلك العمليات الجراحية مع مسؤولى المستشفيات الخاصة، وأن عدداً من أنصار هؤلاء النواب هم الذين ينفذون تلك الإجراءات ويحصلون على تلك المبالغ باسم النواب، وحصلت مباحث الأموال العامة على صور تلك القرارات من المستشفيات الخاصة، وجار رصد أسماء النواب نظراً لأن كود النائب هو المدون على القرار وليس اسم النائب، وتحتفظ «المصرى اليوم» بأرقام أكواد النواب المتورطين فى تلك الواقعة.

وقال النائب محمد العمدة، عضو مجلس الشعب، إن قرارات العلاج على نفقة الدولة التى يتم إجراؤها فى المستشفيات الاستثمارية والخاصة هى التى ينتج عنها تلك المخالفات وإهدار للمال العام، وأكد أن نفس العملية الجراحية التى يجريها المستشفى الاستثمارى تتم فى المستشفى الحكومى ولكن بربع الثمن. وتساءل لماذا تحول المجالس الطبية القرارات إلى المستشفيات الاستثمارية؟.. وأضاف أن قرار الدكتور سرور بطلب تحريات وزارة الداخلية عن النواب يعد مخالفة دستورية، وكان يتعين عليه مناقشة الموضوع فى المجلس أولاً قبل إحالته إلى وزارة الداخلية فهذا يتناقض مع حصانة النائب.

وتواصل مباحث الأموال العامة جمع التحريات عن تلك القرارات وربما تكشف الأيام المقبلة مفاجآت عن نواب مجلسى الشعب والشورى.