انتقد الرئيس حسنى مبارك، مؤتمرات الحوار بين الأديان التى تعقد فى الكثير من دول العالم، بسبب «عدم وصولها إلى قلوب وعقول الجماهير وبقائها حبيسة القاعات المغلقة».
وقال مبارك، فى كلمته أمس فى افتتاح فعاليات المؤتمر الإسلامى الدولى الثانى والعشرين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إنه على الرغم من العديد من مؤتمرات الحوار بين الأديان التى تعقد فى كثير من بقاع العالم، فإن الرسالة التى تحملها لم تصل إلى قلوب وعقول الجماهير، وظلت فى إطار النخبة حبيسة القاعات المغلقة، مما أدى إلى سوء الفهم والأحكام السابقة التى لاتزال تحكم العلاقة بين أتباع الأديان.
وأضاف مبارك فى كلمته بالمؤتمر، الذى حمل عنوان «مقاصد الشريعة الإسلامية وقضايا العصر»، والتى ألقاها نيابة عنه الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء: «لقد كان للإسلام النصيب الأكبر من سوء الفهم السائد فى عالم اليوم مما يحتاج الى جهود مضاعفة من جانب العلماء المسلمين لتصحيح هذه الصورة المغلوطة عن الإسلام والمسلمين».
وجدد الرئيس دعوته إلى «خطاب دينى مستنير يرتكز على التسامح وقبول الآخر»، وقال: «نؤكد الحاجة الماسة إلى خطاب دينى مستنير يرتكز على المقاصد الشرعية، ويدعمه نظام تعليمى وإعلامى يؤكد التسامح وقبول الآخر، ويسانده عقلاء الأمة من الكتاب والمثقفين ورجال الفكر من أجل محاصرة الجهل والأمية الدينية والتعصب الأعمى».
ودعا مبارك إلى التصدى لكل عوامل الفرقة والانقسام والتطرف التى تهدد أمن واستقرار العالم الإسلامى، وتسىء أبلغ إساءة لصورة ديننا الحنيف، منبها إلى أن انتشار موجات التطرف والتعصب فى أوساط الشباب يتسبب فى تعويق جهود التنمية فى العالم الإسلامى، وفى إبعاد المسلمين عن العمل الجاد من أجل تقدمهم ونهضتهم فى عالم اليوم عن طريق العلم والعمل وتحكيم العقل.
وقال إن «عالم اليوم لم يعد فيه مكان للضعفاء والمنغلقين على أنفسهم».
وأشار إلى حاجة الأمة الإسلامية إلى التعرف على جوهر العقيدة الإسلامية التى تحمى حقوق الإنسان، وتحميها أيضا من الوقوع فريسة لأفكار متطرفة بعيدة كل البعد عن جوهر هذا الدين وسماحته. وأكد «أنه من الظلم للإسلام اختزاله فى مسائل هامشية تبتعد به عن جوهر تعاليمه، أو تشوه تعاليمه من بعض أتباعه بجعله عنوانا على تصرفات يقومون بها بزعم أنها دفاع عن الإسلام.. فهذا يعد من ناحية إساءة للدين، ومن ناحية أخرى تشجيعا لتيارات الانغلاق والتطرف».
وطالب الدكتور محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف، رئيس المؤتمر، فى افتتاح المؤتمر، بالكشف عن حقيقة الشريعة الإسلامية «لإزالة ما يحيط بها من سوء فهم وأحكام مسبقة، لإزالة سوء الفهم بأن الشريعة ما هى إلا تطبيق للحدود المعروفة، وإعلان الجهاد لنشر الإسلام فى كل مكان»، موضحا أن هذا الأمر «بعيد عن مفهوم الشريعة الحقيقى السمح التى أتت لترسخ دعائم المجتمع».
وانتقد زقزوق فى كلمته، التيارات فى العالم الإسلامى «التى تعمل جاهدة على ترسيخ مفاهيم دينية خاطئة فى أوساط الشباب، وتدفع قلة منهم للقيام بتصرفات حمقاء وتهدر بسببها أرواح الأبرياء مما يضر بالإسلام والمسلمين».
من ناحيته، أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوى، شيخ الأزهر الشريف، أن أهم مقاصد الشريعة الإسلامية هو تحقيق سعادة الإنسان فى حياته، وتأكيد مفاهيم الأخوة الإنسانية بين البشر جميعا، وتبادل المنافع والمصالح لنشر الرخاء والأمان والأمن، باعتبار ذلك أساساً لتقدم المجتمع ومواكبة مستحدثات العصر. وأضاف شيخ الأزهر فى كلمته أمام المؤتمر أن الاختلاف بين العقائد لايمنع من التحاور بين أتباعها، ولكل إنسان عقيدته التى لا تمنعه من التعاون مع أصحاب الرسالات السماوية من أجل نشر الخير والمصلحة .
وأوضح شيخ الأزهر أن الإسلام يدعو إلى البر والقسط والتعامل بإحسان مع الآخرين، وينهى عن الاعتداء عليهم ويدعو المسلم إلى رد التحية من الأخرين بأفضل منها.
بينما حرص البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، على الاستشهاد بالكثير من الآيات القرآنية فى كلمته، ولكنه أخطأ فى الكثير من الآيات مما أثار غضب واستياء الحضور، وقام شيخ الأزهر بالتصويب له، ومنها قول المولى عز وجل: «من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون»، حيث قالها البابا «يتلون آيات الكتاب».
وركز البطريرك فى كلمته على دعوة الإسلام إلى حرية العقيدة لقوله تعالى: «لا إكراه فى الدين»، مؤكداً أن الإكراه على العقائد «لا يأتى بمؤمنين صادقين وإنما بمنافقين».
وأكد أن عدم الإكراه فى الدين هو أساس الإيمان ويعكس علاقة الإنسان بخالقه، مشيرا إلى أن من يعتنق دينا معينا فهو مؤمن، والله لايريد أن يكون المؤمن منافقا إذا تم إجباره على دين يكرهه.