لم تستطع صفية الفايد شقيقة رجل الأعمال الشهير محمد الفايد أن تكمل الحوار فور أن ذكرت لها اسم ابن أخيها دودى الفايد، الذى لقى مصرعه فى حادث سيارة مع الأميرة ديانا، وتحشرج صوت سيدة الأعمال الإسكندرانية، وانهمرت دموعها وطلبت ألا نتكلم عن دودى وقالت: «مازلت لا أستطيع الحديث عنه، ولا أحتمل فكرة أنه مات».
ربت صفية الفايد ابن شقيقها دودى وارتبط بها فكان يناديها بكلمة ماما، ومن شدة حبها له سمت ابنها عماد، على اسمه، وأثرت فيها وفاته، وأصيبت وقتها بنزيف حاد، وتأثرت عيناها بشدة جراء نزيف كما فقدت نصف قدرتها على السمع تقريباً.
فى جمعيتها الخيرية لعلاج أطفال مرضى السرطان تقضى صفية الفايد معظم وقتها، وتشعر بالراحة النفسية هناك أكثر من أى مكان آخر.
■ أنت من أسرة ثرية كلها رجال أعمال لماذا تركت البيزنس وركزت فى الأعمال الخيرية؟
- عشقت الأعمال الخيرية، وبدأت علاقتى بها منذ أكثر من 10 سنوات وقتها كنت فى مستشفى التأمين الصحى فى «سبورتنج»، وشاهدت سيدة تنام على رصيف المستشفى ومعها طفلان فسألتها عن سبب جلوسها على الرصيف مع ابنيها، قالت لى أنا من «أبوحمص» والفقر والمرض جعلانى أجلس هنا لأنى لا أستطيع أن أسافر، ولا يوجد مكان لى فى الإسكندرية أنام فيه، واعتصر الألم قلبى بشدة، كانت حالة السيدة وطفليها صعبة جداً،
وقتها وجدت حول المستشفى 9 حالات نائمين على الرصيف، يعالجون فى النهار أبناءهم داخل المستشفى وفى المساء ينامون على الرصيف، كنت وقتها رئيسة الهلال الأحمر فى «محرم بك»، كان المكان بسيطاً جداً وحولناه إلى مستوصف وحضانة ودار استضافة للأسر، التى تأتى إلى الإسكندرية لعلاج أبنائها، وكنت رئيسة «روتارى فاروس»، وساعدنى منصبى فى إنشاء أماكن لاستضافة المرضى وأسرهم، بدأنا بـ 18 سريراً، وعملنا إقامة كاملة لكل الأطفال المحتاجة وأسرهم، يعنى بنسمح بمرافق واحد فقط، عندنا الآن مرضى من جميع المحافظات والقرى وكلهم تحت خط الفقر، والآن أصبح لدينا حضانة ومستوصف، وأماكن علاج لمرضى السرطان كل شىء عندنا مجانى، تأثرت جداً وتغيرت حاجات كثيرة فى حياتى منذ تلك اللحظة، واندمجت فى المشروع، وأنا الآن كل وقتى وجهدى للمشروع، ولخدمة هؤلاء المرضى، خاصة أن أولادى تزوجوا ويعيش كل منهم حياته.
■ لماذا رفضت السفر والحياة فى الخارج مثل كل أفراد أسرتك الذين فضلوا الحياة والعمل خارج مصر؟
- فضلت وأختى أن نبقى فى مصر، فأنا أحب بلدى جداً وأعشق الإسكندرية، ولا أستطيع أن أتركها وأعيش بعيداً عنها لأننى مرتبطة بحى بحرى حيث تربيت ومازلت أذهب إلى هناك للآن، واعتبر «بحرى» هو الإسكندرية الحقيقية، حيث كنت أسافر على فترات مع أولادى وهم يدرسون فى الخارج، وبعد انتهاء دراستهم استقررت فى الإسكندرية ولم أخرج منها.
■ كيف تصفين شكل علاقتكم الأسرية، خاصة أن كل عائلتك خارج مصر؟
- نحن أسرة مرتبطة جداً وعلاقتنا متينة، ورغم السفر لا نشعر أبداً أننا بعيدون عن بعضنا البعض، إحنا دايماً على اتصال أنا وسعاد أختى نعيش هنا، وأخوتى الثلاثة الذكور يعيشون فى الخارج.
■ لماذا ابتعد شقيقك محمد الفايد عن مصر كل هذه السنوات؟
- هو لم يبتعد عن مصر، وكان عندى منذ 4 سنوات، قضى وقتا ممتعاً فى الإسكندرية، وتوجه إلى حى بحرى حيث ولدنا وتربينا، وذهب إلى مكانه المفضل فى نادى اليخت، إحنا كلنا مرتبطين بحى بحرى بشكل خاص، لكن الحقيقة الناس تغيرت والمكان نفسه تغير، زمان كان أحلى بكتير.
■ كيف استقبلت خبر بيع محال هارودز؟
- الحقيقة هو كده باعه فى الوقت المناسب، لأنه تأثر جداً بوفاة أخى صلاح، وقال إن الحياة لا يجب أن تكون عملاً فقط، هناك أشياء أخرى ممكن نستمتع بها وكان عنده العرض الخاص ببيع هارودز، فوافق عليه، وقال خلاص: «أنا أريد أن أستمتع بعائلتى وأحفادى»، ولأن أولاده لن يستطيعوا تحمل هذه المسؤولية الكبيرة وحدهم، كانت وجهة نظره أنه لا يريد لأولاده أن يتحملوا المسؤولية من بعده، وقال «خلاص أنا أبيع فى حياتى وأعطى كل واحد حقه وخلاص كده أفضل».
■ هل باع الفايد فندق الريتز؟
- لا أبداً لم يبعه.
■ لكن هناك أنباء عن بيع الفندق؟
- لم يحدث محمد لم يبع «الريتز».
■ سافرت إلى لندن بعد إبرام صفقة البيع مباشرة، كيف كانت حالة محمد الفايد؟
- كان مرتاحاً وسعيداً جداً، وكان يهذب إلى هارودز بشكل مستمر فالقطريون الملاك الجدد، متمسكون به جداً، ودوره إشرافى.
■ أنت شخصياً ألم تحزنى لبيع هارودز؟
- زعلت جداً، ولكن لما وجدت وجهة نظر شقيقى محمد صحيحة، لم أتدخل، لكن عندما ذهبت لزيارة «هارودز» فى رحلتى الأخيرة وكنت أتناول غذائى هناك كل يوم، صحيح شعرت ببعض الضيق والحسرة، لكن أحسن ما فى الأمر، أن المكان لم يتغير والصبغة المصرية فيه لم تتبدل، ومحمد اشترط ذلك فى العقد بشكل رسمى، لأنه يريد أن يحافظ على نفس شكل ورائحة المكان وعلى الصبغة المصرية الموجودة به.
■ هناك أنباء نشرت مؤخراً عن أن الملاك القطريين قرروا رفع النصب التذكارى لدودى الفايد من هارودز؟
- لا لا أبداً لا يمكن، أنا لم أسمع بذلك، وأشك أن شيئاً مثل ذلك يمكن أن يحدث.
■ بصراحة شديدة هل تعرض محمد الفايد لأى ضغوط لبيع هارودز؟
- لا أبداً هو باع بمحض إرادته تماماً، وهو سعيد بهذه الصفقة، ولم يكن هناك أى ضغوط.
■ منذ أيام مرت الذكرى السنوية الثالثة عشرة لوفاة دودى الفايد كيف تحيينها؟
- صمتت واكتسى الحزن وجهها وذرفت دموع حزينة، صامتة، وقالت بحزن.. لا أستطيع أن أتكلم عنه، حتى الآن، عندما تأتى سيرته لا أستطيع أن أتكلم.
■ هل تكلمين شقيقك محمد فى ذلك اليوم؟
- نعم أكلمه، وكلمته يومها، لكنه يوم صعب علينا جميعاً، وهو لاعلى أى مكالمات فى ذلك اليوم، ويعيش هذا اليوم مع ذكرياته.
■ منذ 4 سنوات لم يأت محمد الفايد إلى مصر الآن.. ألا يفكر فى الحضور لأيام؟
- هو يفكر بشكل جدى فى قضاء إجازة وبعض الوقت فى الإسكندرية، وهو الآن مركز كل نشاطه للأعمال الخيرية، ويفكر جدياً الآن فى تحويل فيللا كبيرة نملكها فى فيكتوريا إلى مستشفى، ولكنه ينتظر بعض الوقت لترتيب أوضاعه، هو طلب منى أن نقيم مستشفى خيرياً كبيراً على أن أتولاه، لكنى رفضت لأنى مرتبطة بهذا المكان ولا أستطيع أن أتركه.
■ ألم يفكر فى الاستقرار فى مصر؟
- لا أشك أنه لن يستقر فى مصر، عنده أولاد وعنده حياته هناك، وأعتقد أنه لا يفكر فى الوقت الحالى فى ذلك.
■ لكن البعض ينتقد محمد الفايد لندرة أعماله الخيرية فى مصر؟
- هو فى الأول كان موجهاً كل أعماله الخيرية لمصر، وكان أول من أدخل الكراسى المتحركة إلى مصر، وكان ينوى تحويل مستشفى الملكة نازلى إلى مستشفى دولى كبير، ويمده بأحدث الأجهزة، وبدأت فى الترتيب وتلقى طلبات الأطباء لتدريبات مكثفة فى الخارج، وكان ينوى أن يحوله إلى مستشفى عالمى ورصد له حوالى 12 مليون جنيه وقتها كان مبلغاً ضخماً، محمد اختار ذلك المستشفى تحديداً لأننا كنا نعالج به ونحن أطفال، وبعد أن بدأنا فى التصميمات والعمل الإنشائى لترميمه واتفقنا مع المحافظ و«الصحة» ووضعت التصميمات وتم نقل بعض المرضى بالفعل إلى أماكن أخرى لبدء عمليات الترميم، وكان اتفاقنا مع الحكومة أننا سنتولى كل ذلك على أن نضع اسم دودى الفايد على المستشفى كصدقة جارية له، ووافق الجميع وبدأنا العمل لتطوير المستشفى، وفجأة جاء إلى وزير الصحة وطلب مقابلتى فى فندق رمادا وذهبت لمقابلته، فوجدته يقول لى: «مايصحش محمد الفايد يصلح مستشفى محمد.. يبنى مستشفى، لو هو عايز أرض يبنى عليها نعطيه لكننا لن نستطيع تغيير اسم مستشفى الملكة نازلى، لأن أسرتها اعترضت على ذلك»،
وقال لى ممكن نعطيكم أرض تبنوا مستشفى جديدة، وتضعوا عليه الاسم الذى تريدون، كلمت ساعتها محمد وقلت له ما حدث، قال لى خلاص هما بيعطلوا كل حاجة لى، أنا لست فى حاجة إلى أرض اسحبى العرض الخاص بنا، وأنا لن أفعل شيئاً لهم» هو زعل وقرر ألا يكمل المشروع، وقال أنا مش أعمل حاجة تانى، وكان يريد قبل ذلك أن يبنى فندق سان استيفانو، وكان يريد تحويله لفندق الريتز الشهير، وفى آخر لحظة المحافظ رفض وقال له لا نستطيع أن نعطيك نفق المشاة الواصل بين الفندق وشاطئ البحر، بحجة أنه للمشاة، ورغم أنى مررت منه منذ أسبوع واحد، يعني أعطوه للفندق الجديد، وجاء مرة أخرى وعرض على الحكومة أن يأخذ فرع هانو الصغير اللى فى المنشية، وعرض أن يحوله إلى فرع من فروع هارودز، وبالفعل أحضر مصمماً إيطالياً لتصميم المكان ووضع التصور النهائى له، وجاء المحافظ وأوقف المشروع، وأنا ذهبت وقتها له، وسألته عن السبب فى تعطيل أعمال محمد الفايد، فقال لى «دى أوامر عليا».
■ هل كان يقصد مشروع هانو فقط ولا كل مشاريعه؟
- لا كان يقصد مشروع هانو وقتها، ولكن كل الشغل الآخر توقف أيضاً، وكانوا يتركوننا نعمل فى البداية ثم يوقفون كل شىء.
■ هل تعتقدين أن هناك تعمداً لعرقلة محمد الفايد فى مصر ومنعه من العمل فيها؟
- لا ماعرفش ولا أعتقد ذلك لكنها البيروقراطية والقوانين المعرقلة.