الشباب: كمون أم انكفاء؟

نادين عبدالله الثلاثاء 12-11-2013 21:21

تسود حالة من التشاؤم العديد من الأوساط الشبابية والتيارات المدنية. فالجميع يدرك إنه بعد عامان من الصراع المستمر ولم يتحقق شىء تقريبا، وكل هذا الجرى المرهق لم يكن سوى جرى فى المكان! فلم يتحول النظام السياسى إلى الديمقراطية بل عادت لتسيطر عليه أجنحة محافظة، ولم تصلح الدولة بل ترهلت وعادت إلى طريقتها القديمة فى العمل.

والحقيقة هى أن من أكثر ما يؤلم الشباب شعورهم «بالزنقة» فى ملعب ليس ملعبهم. فملعبهم الأساسى هو الشارع الذى عرفوا طوال الفترة الماضية استغلاله عبر التعبئة والتظاهر. الآن تغيرت قواعد استغلال هذا الملعب لاسيما أن العودة إليه قد تصب فى مصلحة طرف سياسى استغل ثوريتهم (المبالغ فيها أحيانا) لصالحه سابقا، كما أن التظاهر بات ممقوتا مجتمعيا. فبجانب إشكالية نجاحهم التنظيمى المحدود، لم يعتادوا أيضا ممارسة التفاوض السياسى وعقد الاتفاقات السياسية العملية. كما أن جزءا يعتد به منهم يشعر أن المعركة الحالية الدائرة بين الدولة وجزء كبير من المجتمع من جهة و«طائفة» الإخوان من جهة أخرى، لا يستطيعون التأثير على مجرياتها حاليا لصالح مسار سياسى أكثر انفتاحا وتقدمية.

نظريا هذه الملاحظات قد تكون فى محلها ولكننا نميل إلى تحليلها من زاوية الكمون السابق للحظة الانطلاق، وليس الانكفاء السابق لوقت الاختفاء. فإذا كانت نقطة ضعف الشباب خاصة والتيارات المدنية عامة هى ضعف التنظيم والقدرة على التواصل الجماهيرى، فإن الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة لابد أن تكون نقطة التركيز والارتكاز. فلابد أن يعى الجميع أن هذه الانتخابات هى لحظة تاريخية لن تتكرر، ولابد من استغلالها لبناء قواعد اجتماعية. صحيح أن الحصول على أغلبية فى البرلمان أو الإتيان بمنصب الرئاسة هو حلم جميل، إلا أن تحقيقه لا يجب أن يكون الهدف الأوحد. فالمشاركة فى هذه الانتخابات لابد أن تكون بمنطق تكوين قاعدة اجتماعية صالحة لصناعة بديل سياسى طويل الأمد يخرجنا من مأزقنا التاريخى. فرغم كل الإحباطات لابد أن ندرك حقيقة مؤكدة: المصريون عموما والأحزاب السياسية خصوصا انتزعوا حقا سلب منهم لأكثر من 60 عاما، ألا وهو الحق فى التجمع. فرغم تضييق بعض من المساحات السياسية إلا أنه لا قدرة لأى سلطة على مصادرة هذا الحق.

وهو ما يعنى ضرورة استغلال هذه المساحة على أكمل وجه بهدف التواصل مع الناس وجذبهم فى أطر تنظيمية جديدة بدلا من البكاء على اللبن المسكوب. هذا بالإضافة إلى أنه خلال الفترة المنصرمة تغيرت طبيعة المجتمع ذاته لأنه عاش خبرة جماعية مختلفة قوامها النضال ضد الاستبداد ورفض القهر. فولدت فى ثناياه بذور التغيير حتى وإن لم تثمر بعد. فلا تيأسوا، الفترة المقبلة هى فترة لريّها وتغذيتها كى تنضج. لا تستعجلوا فلم يحن وقت الحصاد بعد.

nadine_hani@yahoo.com