جسدها النحيل وقصر قامتها يجعلان كل من يراها يعتقد أنها طفلة لم يتجاوز عمرها عامين، رغم أنها أكملت عامها التاسع، فالمرض الذى أصاب «فرحة» وهو ضمور فى المخ جعلها لا تزال طفلة صغيرة تحملها والدتها على كتفها وتمشى بها إذ توقف نموها منذ سنوات.
«فرحة» هى الابنة الوسطى لأب يعمل مزارعاً باليومية فى قرية «البرشا» فى المنيا، ولها ثلاث أخوات بنات وثلاثة أولاد نصفهم أصيبوا بالمرض نفسه. صباح والدة فرحة تروى مأساة ابنتها قائلة: كانت لى ابنة توفيت منذ فترة قريبة لإصابتها بالمرض نفسه، وابنة أخرى بلغت التاسعة عشرة من عمرها وهى ترقد أيضا فى منزلنا فى المنيا مصابة بهذا المرض، ولكن عندما أصيبت فرحة قررت السفر بها إلى القاهرة، خوفا من تعرضها لمصير شقيقتيها، وأضافت: «أخشى على ابنتى تدهور حالتها الصحية، فضمور المخ والعضلات جعلها طفلة رضيعة، وبمرور الوقت لم تعد تسمع أو تتكلم فهى تكتفى بالنظر إلينا، ولكن قوائم الانتظار فى المستشفيات والعلاج جعلتنى أتجه للإعلام لمساعدتنا قبل أن تموت».
رحلة «فرحة» انتقلت من أطباء الأعصاب إلى الأمراض النفسية والباطنة، ولكن دون فائدة وقالت صباح: «جميع الأطباء نصحونا بألا تتناول فرحة أى طعام سوى الزبادى والأرز الأبيض الخفيف، ولكن حتى هذا الطعام البسيط لا نقدر عليه، فأصبح والدها يشترى لها الزبادى (شكك)، لأننا لا ننسى أن أختها تحتاج للرعاية نفسها وإن كانت أكبر منها سنا، كما أن بقية أخواتها فى حاجة إلى طعام أيضا، وراتب زوجى لا يكفى كل الطلبات».. صباح لا تتمنى سوى علاج فرحة وتوفير مصدر دخل للإنفاق عليها، وشقة صغيرة يسكنها أطفالها المرضى بدلا من الغرفة الضيقة التى يقيمون فيها.