مدحت العدل: مسؤولون وصفوا «قصة حب» بأنه «القاتل الصامت»

كتب: ريهام جودة السبت 04-09-2010 00:15

التطرف وتدهور التعليم وعلاقة حب بين امرأة منتقبة ورجل وسطى.. موضوعات شائكة يطرقها الكاتب د. مدحت العدل فى مسلسل «قصة حب» للنجم السورى جمال سليمان.. والذى استطاع منذ حلقاته الأولى أن يجذب المشاهد وسط زحمة الأعمال المعروضة فى رمضان، رغم أنه ظلم فى مواعيد عرضه على التليفزيون المصرى.. وفى هذا الحوار يتحدث العدل عن المسلسل الذى كتبه وأنتجه، وما يحمله من قضايا مجتمعية شائكة.

■ فى «قصة حب» تقدم العديد من المشاكل المجتمعية.. فأى منها كان هدفك الأساسى؟

- وضعت أمامى قضايا وموضوعات شائكة كثيرة، التطرف والنقاب والوسطية وفساد التعليم، لكننى فكرت فى أننا فى الفترة الأخيرة فى المجتمع أصبحنا «بنزعق» عند الحديث عن أى قضية دون الوصول لشىء، لذلك وضعت على عاتقى فكرة طرح كل تلك القضايا ومناقشتها بهدوء كما كنا نتناقش زمان فى جيلى وجيل جمال سليمان، حيث كنا نتقبل الآخر ونحترم رأيه، نختلف حول الأشياء، لكن دون أن نتخانق أو نخسر بعضا، وقررت أن أقدم عملا عن الأسرة المصرية التى تشبه الأسر التى تربينا فيها، والتى لم تعد تتصدر المشهد حاليا، الناس الطبيعيون الذين نقابلهم فى كل مكان، لكنهم تواروا إلى الخلف، وحل محلهم من لهم قضايا قتل ونهب ورشوة، والذين يلفتون أنظار برامج التوك شو وأصبحوا مادة خصبة للحديث عنهم فيها.

■ لكن البعض يرى برامج التوك شو السبب فى تحريك الفن لتناول الموضوعات المطروقة على الساحة بجرأة خلال العامين الأخيرين..

- برامج التوك شو قلّت جاذبيتها كثيرا، ومعظمها أصبح يقدم فضائح وليس قضايا، وقد اجتذبت الجمهور لفترة ليست قصيرة، بما قدمته من قضايا الفساد والرأى العام والكثير من النماذج السيئة والصارخة، لكن سرعان ما تحول الجمهور لما فطر عليه من حب للخير والجمال والحق، فبات يبحث عن تلك القيم فى الأعمال الفنية، وكذلك البرامج الحوارية التى فقدت نجاحها هذا العام، بعدما ملَّ الجمهور من ظهور الفنان عشان ياخد فلوس، فيتحدث فى أموره وحياته الشخصية بهذا الشكل المسف.

■ لماذا قدمت وسيلة الاتصال بين الناظر «يس» والمنتقبة «رحمة» عبر الإنترنت وليس الموبايل، رغم أن الاثنين من مستحدثات العصر بالنسبة للمنتقبات؟

- لأننى قمت ببحث عن طبيعة سلوكيات المنتقبة، وطلبت من المخرجة إجراء مثله فى أوساط المنتقبات، ووجدنا أنهن لا يستخدمن الموبايل فى التعامل مع الرجل، لأنهن يعتبرن أصواتهن عورة، و«رحمة» بيئتها متشددة، كما أن استخدامها للشات جاء تدريجيا للاطمئنان على ابنها «عبدالرحمن» من «يس»، وشيئا فشيئا وجدت نفسها تتبادل الاتصال معه، إلى أن وقعت فى حبه.

■ اخترت أن يكون تدهور التعليم نقطة انطلاقك فى العمل.. فلماذا؟

- لأن التعليم حجر الزاوية، والتردى الذى نلمسه فى جميع مناحى الحياة سببه تدهوره، وحال المدارس لا يخفى على أحد، وإذا قررنا إصلاح حال البلد، فعلى الأقل نبدأ بالتعليم، «فما لا يدرك كله لا يترك كله» كما يقال، وهناك دول أفقر منا تفوقوا علينا بسبب اهتمامهم بالتعليم مثل ماليزيا والهند، وقد حاولت طرح حلول، وليس الاكتفاء بعرض المشاكل.

■ لكن بعض هذه الحلول كان غير منطقى مثل تقديم مجموعات تقوية مجانية، وهو أمر لن يقبله أى مدرس فى الواقع

- هى ليست مجانية، ولكنها بمقابل رمزى، و«يس» شخصية إيجابية اقترح تقسيم الطلاب حسب فئاتهم الاجتماعية لمساعدة من لا يقدرون على الدروس الخصوصية بتلك المجموعات، وهو يحاول ألا يكون «دون كيشوت» الذى يحارب طواحين الهواء، وأن يترجم أفكاره إلى سلوكيات.

■ لكن شخصية «يس» وسلوكياتها تبدو شبيهة بأجواء «أبوالعلا البشرى» و«ضمير أبلة حكمت» حيث النماذج المثالية المفقودة على أرض الواقع.

- «يس» ليس مثالياً بنسبة 100%، فله أخطاؤه أيضا، ونحن لا نقدمه بطلا خارقا أو مدرسته رقم (1) فى العالم، وتلك الشخصيات التى تحاول أن تكون إيجابية موجودة فى الواقع، وليس فى الدراما فقط، لكن المشكلة أننا أصبحنا نقول على الرجل الذى يحاول عمل شىء إيجابياً أو الذى لم يخن أو يقتل أو يرتشى إنه «مش موجود»، وهذه كارثة فى حد ذاتها، لأن الدراما والميديا عامة لم تعد تقدم سوى رجل الأعمال الفاسد، كى يشعر المتفرج أنها «حراقة» وعناصر جذب، ولازم نؤمن بوجود تلك الشخصيات الإيجابية، التى استعدتها من الزمن الجميل، فـ«يس» يشبه مدرس اللغة العربية الذى كان يدرس لى، وكنا نتكلم فى كل شىء، حتى السياسة.

■ لماذا لم يتضمن المسلسل ما شهدته المدارس مؤخرا منذ تولى أحمد زكى بدر وزارة التعليم ؟

- حين تولى بدر الوزارة كنت قد انتهيت من كتابة المسلسل الذى استغرق منى عاما ونصف العام، وبالتالى لم ألحق الأحداث الأخيرة، وبصراحة أنا متفائل ببدر، ويكفى أنه لا يجلس فى مقعد مكيف، وقد حاولت أن أضم كثيرا من المشاكل التى تؤثر على العملية التعليمية، من مافيا الدروس الخصوصية وتعاطى الطلاب البانجو، وتعامل الطلاب مع مدرسيهم، وكل ما جاء فى المسلسل أحداث حقيقية وقعت بالفعل، وعلمتها من خلال جولاتى فى مدارس فى جسر السويس ومصر الجديدة، حيث جلست مع طلاب ومدرسين ونظار، وكانوا مرحبين جدا بعرض مشاكل العملية التعليمية، وأفادونى بشكل كبير.

■ لماذا لم تختر مدرسة فى منطقة شعبية؟

- منذ 6 سنوات أجريت دراسة بعيدا عن المسلسل وزرت مدارس كثيرة، خلصت منها لمجموعة من الآراء، وحين بدأت العمل على المسلسل اخترت مدرسة حكومية يدرس بها طلبة من طبقة متوسطة فأقل، لذلك كان اختيارى لمدرسة فى جسر السويس.

■ هل تلقيت أى رد فعل رسمى تجاه العمل؟

- كلمنى مسؤولون بصفتهم أصدقاء يثنون على العمل، وأحدهم قال لى المسلسل مثل «القاتل الصامت»، حيث لم تتح فرصة مشاهدته بشكل جيد فى الأيام الأولى لرمضان، لكن بمرور الوقت تصاعد الاهتمام به بشكل كبير.

■ لكن العمل ظُلم فى مواعيد وقنوات عرضه على التليفزيون المصرى.. وشوهد بشكل أكبر على «دبى»؟

- بالفعل.. المسلسل ظُلم فى عرضه وسط هذه الزحمة، حيث عرض على قناة «نايل دراما 2»، ولم يعرض على القناتين الأولى أو الثانية الأرضيتين، و«نايل دراما2» كانت جديدة على المتفرجين فى بداية رمضان، ومعظمهم كانوا يبحثون عن ترددها، وعرضه على التليفزيون المصرى كان فى توقيت سيئ بعد الإفطار مباشرة، لكن مسؤولو التليفزيون وعوا أهميته وأبلغونى بإعادة عرضه بدءا من رابع أيام العيد على القناة الأولى، بعدما أدركوا الخطأ الذى وقعوا فيه متأخرا.

■ كان هناك تقصير فى الدعاية للمسلسل.. فما ردك؟

- من جانبنا كشركة منتجة لا.. فقد قمنا بالدعاية له مثل مسلسل «بالشمع الأحمر» ليسرا الذى أنتجناه هذا العام أيضاً، كما «أن العمل اتشاف كويس على (دبى) وجمهوره عالى فى الخليج»، ويوميا أتلقى اتصالات تشيد به وبما يحمله من رسائل مجتمعية جيدة، وهذا معناه أن الرسالة التى يحملها وصلت للناس، وستصل لغيرهم مع عرضه مجددا، لكن المشكلة أن عدد المسلسلات هذا العام ضخم بشكل مرعب، والناس صعب تتفرج على عملين أو ثلاثة، فنحن أمام 130 عملاً عربياً، منها 72 عملاً مصرياً ما بين مسلسلات وست كوم، وعلى الأقل هو من أنجح خمسة مسلسلات بين 130 عملا عرضت فى رمضان.