قال صلى الله عليه وسلم: «إذا أفطر أحدكم، فليفطر على تمر، فإن لم يجد، فليفطر على ماء فإنه طهور»، وفى روايات أخرى جاء ذكر الرطب أولاً، يليه التمر، ثم الماء فى حالة عدم وجودهما، فالرطب أو التمر يحتوى على كميات كبيرة من السكريات (حوالى 75%) التى يحتاجها جسم الصائم الذى بدأ مستوى السكر عنده ينخفض مع غروب الشمس وصيامه طوال النهار، والرطب يحتوى على سكر الفركتوز البسيط الذى لا يحتاج إلى الأنسولين عند استخدامه لتوليد الطاقة،
ولذلك فهو لا يمثل عبئا على مرضى السكر الذين لا تنتج أجسامهم الأنسولين بالكميات المطلوبة، أما البلح والتمر فيحتويان على سكر السكروز الذى يحتاج إلى الأنسولين، ولذلك فيجب ترشيد استخدامه فى مرضى السكر وهذا النوع من السكريات سهل الهضم وسريع الامتصاص دون أن يسبب أى نوع من عسر أو سوء الهضم.
كما يحتوى التمر على كمية كبيرة من الفسفور، وهو عنصر مهم وضرورى لعمل خلايا المخ والجهاز العصبى، خاصة تلك الخلايا المسؤولة عن الذاكرة والتفكير، فيعود إلى الصائم نشاطه الذهنى وتركيزه الذى بدأ يفقده مع نهاية يوم كامل من الصيام، كما أن الفسفور، وبعض المعادن الأخرى الموجودة فى التمر مثل الماغنسيوم والحديد والبوتاسيوم،
وكذلك فيتامينات أ، ب1، ب2، ب6، تعد ضرورية جداً لسلامة وإتمام عملية التمثيل الغذائى للأعصاب، وأيضاً ضرورية لتوصيل الإشارات العصبية التى تنقبض وتنبسط وتنفذ أوامر المخ كما يحتوى التمر على الحامض الأمينى «الأرجينين» الذى يجعل الدم يتدفق فى الشرايين، فيحسن من الأداء والقدرة الجنسية، كما يدخل فى تكوين البروتينات المكونة لنواة الخلية بصفة عامة.
والماغنسيوم الموجود فى التمر له دور كبير فى تهدئة أعصاب الجسم بصفة عامة، وتهيئة النهايات العصبية عند التقائها بالعضلات، لكى تؤدى وظيفتها على أكمل وجه وبكفاءة تامة، أما البوتاسيوم والصوديوم فلهما تأثير على تنظيم الإشارات الكهربائية والكيميائية التى تنتقل من المخ إلى العضلات عبر الأعصاب، وأيضاً من خلال جدار الخلية فى كل أعضاء الجسم المختلفة بما فيها القلب.
والرطب والتمر يحتويان على فيتامين «أ»، وهو من الفيتامينات التى تمنع الأكسدة- مثل فيتامين «ج»، وفيتامين « ه»- والتى يرجع لها الفضل فى تخليص الجسم من الشوارد الحرة، وهى عبارة عن ذرات الأكسجين المنفردة التى يؤدى تراكمها إلى الإصابة بالأمراض المختلفة بدءاً من تصلب الشرايين وجلطات القلب والمخ وحتى الأورام السرطانية المختلفة. وإذا أضيف اللبن إلى التمر كان غذاءً كاملاً، وذلك لتعويض ما ينقص التمر من بروتينات حيث يحتوى على كمية قليلة من البروتينات (20%) فقط، مما يمد الجسم بالمكونات الغذائية الكاملة دون حدوث تخمة أو قل فى الجسم يمنع الصائم من تأدية العبادات وقيام الليل.
أما بالنسبة للسيدات فان التمر يحتوى على هرمونات مهمة مثل هرمون الأوكسيتوسين الذى له خاصية تنظيم الطلق عند النساء، بالإضافة إلى أنه يقلل من النزيف أثناء وعقب الولادة، وهو مخفض لضغط الدم عندما تتناوله الحوامل، ويحتوى على هرمون الإستروجين الذى ينشط المبيض، ويساعد على تكوين البويضة،
ويعتبر التمر أيضا مفيداً جداً للأم ورضيعها فى فترة النفاس، فهو منبه لحركة الرحم لكى يعود لحجمه الطبيعى، وهو مهم لتكوين لبن الرضاعة، وتعويض الأم عما ينقصها بسبب الولادة والنزيف وذلك لاحتوائه على عنصرى الحديد والكالسيوم وفيتامين أ، وهذه عناصر مهمة لنمو الطفل الرضيع وتكوين الدم ونخاع العظام، لذا نستطيع أن نفهم المغزى الطبى من الآية الشريفة التى يقول فيها المولى عز وجل: «وهزى إليك بجذع النخل تساقط عليك رطباً جنياً» مريم: (الآية 25).