محمد عزيزية: «سقوط الخلافة» اعتذار للدولة العثمانية

كتب: ريهام جودة الجمعة 27-08-2010 08:05

بعد تقديمه المسلسل الدينى «صدق وعده» العام الماضى، يعود المخرج الأردنى محمد عزيزية هذا العام بمسلسل «سقوط الخلافة»، الذى يتناول الحقبة العثمانية والسنوات التى سبقت سقوط الخلافة الإسلامية، وهو عمل تاريخى ضخم حشد خلاله كل أسلحته الفنية للخروج بأفضل شكل ممكن، مما شجع قنوات عديدة على عرض المسلسل، منها التليفزيون المصرى الذى يبدو عزيزية أنه الأوفر حظا معه بين المخرجين العرب، فهو أكثر مخرج عربى عرضت له أعمال عليه منذ مشاركته فى الدراما المصرية بثلاثة أعمال هى: «قضية رأى عام» و«فى إيد أمينة» و«صدق وعده».

 

لماذا تحمست لتقديم المسلسل بعد اعتذار باسل الخطيب عن عدم إخراجه؟

- مكانة يسرى الجندى ككاتب، والعمل العربى ككل وراء تقديم «سقوط الخلافة»، ومنذ البداية كنت ملتزما بتقديم هذا المسلسل، لكننى لظروف العمل بتقديم جزء ثان من مسلسل «صدق وعده» الذى قدمته العام الماضى، اضطررت للاعتذار عن عدم إخراجه، حيث لم يكن النص كاملا والحوار لم يكن مكتوبا، فرشح باسل الخطيب لإخراجه، لكنه اعتذر، وتلقيت اتصالا من المنتج الدكتور محسن العلى، يقول لى: «أنا فى ورطة بعد اعتذار الخطيب»، فقررت العودة لإخراجه.

وما الذى أعجبك فى نص المسلسل؟

- الفكرة الأساسية جميلة ونادرة، لأن هذه الحقبة التاريخية عليها غبار، وليست واضحة بالنسبة لنا، وما كتب عنها كان كارثة، فالكتب التى صدرت عن تلك الفترة التاريخية المهمة والحساسة فى تاريخ الأمة العربية ككل صدرت بواسطة الاستعمار الفرنسى أو البريطانى، وقد كُتبت فى سرية خاصة، وبعد فترة زمنية أخرجوا أوراقهم المليئة بالدسائس والمغالطات لما جرى، ولما أحدثوه من خراب فى الدول العربية واقتصادها، حيث ضربوا أسواقنا التجارية ببضائعهم، بعدما استولوا على بضائعنا بأسعار زهيدة، وأصبحنا مدينين لهم.. أيضا قضية تقسيم الدول العربية لتتبع دول الاستعمار، وما شابها من تدمير ومغالطات بدعوى أنهم جاءوا لتحريرنا من الاحتلال العثمانى، ولعبوا على وتر مصر والشام، وحاولوا فصل الاثنين، أيضا فلسطين قسموها من البحر، وبالتالى حاولنا من خلال المسلسل تقديم نوع من الاعتذار للدولة العثمانية.

البعض يربط بين ما تقوله عن تقديم اعتذار للدولة العثمانية وما يتردد عن المد التركى فى المنطقة خلال الفترة الأخيرة بعد موقف تركيا الرافض الهجوم الإسرائيلى على أسطول الحرية.

- لا أقصد الاعتذار لتركيا حاليا، بل الاعتذار للدولة العثمانية، وذلك عن طريق تعريف الناس بحقيقة ما حدث، وكيف أننا انسقنا وراء فرنسا وبريطانيا، ولذلك تعهدنا بتقديم الدولة العثمانية بالشكل الذى كانت عليه، وليس كما أجبرتنا دول الاستعمار على قراءته من وجهة نظرهم وتآمرهم لاحتلال الدول العربية والإسلامية، بعدما كتبوا التاريخ وفقا لمصالحهم وخريطة التقسيم.

لكن البعض قد يظن أن المسلسل يدعو لوحدة الدول العربية مجددا تحت لواء تركيا.

- نحن فقط نقول ما حدث، ولا ندعو للوحدة، ولا نريد العودة للوصاية العثمانية مرة أخرى، و«مش عايزين حد تانى يحكمنا.. كفاية البلاوى اللى عندنا»، و«مش عايزين منقذ من الخارج أو حماية أو رئاسة، خلينا مننا فينا».

هل صورت المسلسل فى الأماكن الحقيقية التى شهدت الوقائع التاريخية التى يتناولها العمل؟

- صورنا فى تركيا وسوريا ومصر، ولكن ليس فى الأماكن الحقيقية، لأن هذه الأماكن تغيرت مما يقرب من 130 أو 140 عاما، ولذلك اخترنا أماكن شبيهة للتصوير فيها بناء على الصور والوثائق الخاصة بتلك الفترة.

كيف استعددت لتقديم هذا العمل التاريخى الضخم؟

- قرأت الكثير من المكتوب عن تلك الفترة من قبل الأطراف جميعها محل الصراع، سواء كانت مصادر بريطانية أو فرنسية أو تركية، بعضها فى كتب وأخرى على الإنترنت لأستطيع تكوين عدة آراء تساهم فى إخراج المسلسل بوجهة نظر معينة، وقد بدأنا الإعداد للمسلسل فى أكتوبر الماضى، ثم توقفنا وعدنا فى يناير.

هل عدلت على السيناريو الذى كتبه يسرى الجندى؟

- لم يحدث منى أى تعديل على نص السيناريو، كل ما طلبته هو تكثيف الحوار فقط، لأن السيناريو كان به زخم كبير جدا وأيضا الحوار، ولذلك كثفناه كى لا يأخذ وقتا أطول، خاصة أن 60% من مشاهد المسلسل تصوير خارجى، أى يعتمد على الصورة البصرية أكثر، وبالتالى الصورة السينمائية التى نفذتها تحتاج حوارا مكثفا.

لماذا صورت العمل بأسلوب سينمائى؟

- صورت المسلسل بكاميرتين«HD» من النوع نفسه وتم وضعهما بالزاوية نفسها، وابتعدت عن الأسلوب التليفزيونى، مفضلا أسلوب السينما لأنه يعطى نتيجة أفضل للأعمال بشكل عام، وأسلوب الإخراج التليفزيونى يتم العمل به حين يكون الديكور محكوما، والممثل يقف فى موضع معين، ولكننى لا أحب العمل به، رغم أن تنفيذ المشهد على مرة واحدة قد يفقدنا أشياء وتفاصيل جميلة ودقيقة، والأسلوب السينمائى بكاميرا واحدة يخرج نتائج أفضل، والبعض ينتقد أسلوب السينما فى أنه يفقد الممثل تركيزه فى الأداء، وهذا ليس صحيحا.

اخترت طاقم الممثلين من جنسيات عربية مختلفة، فهل كان هذا اختيارك أم بدافع من الشركة المنتجة؟

- المسلسل عمل تاريخى، وأيضا إنتاج مشترك، ويتناول تاريخ المنطقة العربية ودولها، وبالتالى لا يمنع من مشاركة عدد من الممثلين العرب.

ما أبرز الصعوبات التى واجهتك فى نقل تلك الفترة التاريخية إلى الشاشة؟

- مشكلة الأسلحة التى كانت موجودة فى تلك الفترة، ولذلك صورنا فى سوريا وتركيا، وأيضا البيئة التى كانت موجودة فى البلقان وروسيا، صورناها فى سوريا لأنها كانت الأقرب.

اعتمادك على التصوير فى سوريا بشكل كبير.. هل يرجع إلى رخص تكلفة التصوير هناك؟

- بالعكس، فالأسعار أعلى، صحيح أن الممثلين أجورهم أقل، لكن المجاميع الذين يقدمون المشاهد الخطرة والقتال بالأسلحة والضرب مكلفون جدا.

ما مدى استعانتك بالكمبيوتر فى إخراج مثل هذا العمل؟

- مسألة الاستعانة بالكمبيوتر فى إخراج الأعمال التاريخية ليست لها حدود، فهى تزداد على قدر ما يتوفر لدى المخرج من خيال وقدرة على تنفيذ الخدع التصويرية، واستعانتى به فى إخراج «سقوط الخلافة» كانت «تطعيماً» واستغلالاً للمؤثرات الخاصة التى تتيحها إمكانيات وتقنيات الكمبيوتر، والجرافيك مهم جدا ولابد من العمل به حاليا، فمثلا فى قلب القاهرة صعب التصوير حاليا.. وأن يقف ممثل ليقول حواره، فبدلا من تجمهر الناس، يكون الجرافيك أفضل حل، فبقليل من الخيال يمكن أن أقدم الشارع بصخبه وبشكل طبيعى وواقعى عبر المؤثرات الخاصة، لكن هناك بيئات لا يمكن تنفيذها بهذه الطريقة مثل العشوائيات مثلا، التى قدمت فى الاستديو كثيرا فى عدة مسلسلات، وظهرت بشكل غير واقعى، فلابد من الخروج فيها إلى خارج الاستديو.

هل تتفق مع ما يراه البعض من أن أحد أسباب نجاح الدراما التركية فى الدول العربية هو خروجها من الاستديو؟

- بالتأكيد.. فجزء من نجاحها هو التحرر والخروج من الاستديو، وكون السيناريو بصرياً أكثر من أى شىء، مع ملاحظة أن فى مصر يمكن الاستفادة من كثير من المواقع الخارجية مثل كورنيش النيل والكبارى وغيرهما.

هل انشغلت بتسويق المسلسل؟

- بالطبع يهمنى أن يشاهد العمل على عدة قنوات.

لأى درجة أنت راض عن العمل؟

- دائما يؤرقنى الشعور بضرورة تحقيق الصدق فى الشكل والمضمون، ومثل هذا العمل تطلب اجتهادا ومتابعة بصورة دائمة واتصالا مباشرا مع الكاتب يسرى الجندى، لأن لديه إلماماً، وقرأ أكثر، وعلى اطلاع دائم.

أخيرا.. لماذا تفرغت لتقديم الأعمال التاريخية خلال الأعوام القليلة الماضية؟

- أحب الأعمال الاجتماعية جدا، لكن لابد أن يكون لها هدف وغاية وتناقش قضايا تهم المجتمع، فمثلا قدمت «فى إيد أمينة» عن قضايا سرقة الأعضاء وأطفال الشوارع.