عام ونصف.. هى المدة التى قضاها أفراد العصابة الدولية المكونة من 11 متهماً، فى تكوين عصابتهم والتخطيط لسرقة مساكن الأثرياء فى القاهرة وتهريبها إلى إسرائيل، جمعهم اللقاء الأول أمام جهاز الحاسب الآلى.. وكان اللقاء الثانى منذ 6 شهور فى منطقة الأهرامات بالجيزة.. اتفقوا على عمليات سرقة وحددوا موعد تنفيذها.. وكان بين اللقاءين تفاصيل مثيرة كشفها المتهمون فى اعترافاتهم أمام رجال المباحث والنيابة العامة بعد الاستعانة بـ«مترجم» بسبب تحدثهم اللغة الإسبانية.
داخل غرفة الشات الخاصة بأحد المواقع الشهيرة.. تجمع أفراد العصابة بالمصادفة فى وقت واحد.. بدأ كل منهم يروى تفاصيل حياته الصعبة فى بلده.. منهم من تلخصت مأساته فى أنه لا يجد عملاً، وآخر تحدث عن راتبه البسيط الذى يحصل عليه بعد عمل شاق فى التسويق، ورغم ذلك لا يكفى لتلبية احتياجاته، ومنهم من تحدث بمرارة عن زوجته التى تحمل له طفلا فى الطريق، ولا يعرف كيف سيحضر طبيباً لإجراء عملية الولادة، وكيف سيدبر المصاريف وأتعاب الطبيب، المصادفة واللغة الإسبانية وظروف المعيشة السيئة كانت الأشياء المشتركة بينهم.. وخلال شهر واحد تكررت المحادثات بين المتهمين، وانتهت برسالة أرسلتها «كارمن» زعيمة العصابة إليهم جميعا، تعرض عليهم خطة لتكوين عصابة للسرقة، على أن تتولى هى تدريبهم.. الموافقة على عرض «كارمن» كانت سريعة، على الرغم أنه لم يسبق لأحدهم أن اشترك فى أى عمل إجرامى.. وبعد يومين اجتمع المتهمون فى منزل «كارمن» بالمكسيك.. جلسوا يعرف كل منهم نفسه أمام الجميع، وبعدها بدأوا فى اختيار الدول المرشحة لتنفيذ عمليات السرقة.
استمر الاجتماع 10 ساعات، وانتهى إلى اختيار مصر من بين 6 دول وقع عليها الاختيار، وكان اختيارهم لمصر بسبب ـ على حد قولهم فى التحقيقات- ضعف الإجراءات الأمنية، وعدم وجود كاميرات مراقبة فى الشوارع وسهولة الحصول على تأشيرة سفر منها وإليها، اتفقوا على أن تقوم «كارمن» وصديق لها بتدريبهم على أساليب السرقة وكسر أبواب الشقق، وإخفاء المسروقات عن أجهزة التفتيش بالمطار، وبعد 10 أيام من التدريب نجح جميع أفراد العصابة فى التدريب على تنفيذ أى عملية سرقة بسهولة ودقة ومهارة.. عادوا إلى منازلهم، أخبروا أسرهم بأنهم سيتوجهون إلى القاهرة للسياحة.
وفى شهر فبراير الماضى حضروا إلى القاهرة لبدء تنفيذ مخططاتهم، اشتروا معدات حديثة تستخدم لأول مرة فى مصر، واستأجروا 3 شقق فى العجوزة والمهندسين ومصر الجديدة، حتى لا يتشكك فيهم أحد، وأمام أهرامات الجيزة، جمعهم اللقاء الثانى، وبحوزتهم خريطة توضح أهم ميادين القاهرة وشوارعها الرئيسية، ووقع اختيارهم على منطقة مصر الجديدة بسبب هدوئها، خاصة أن معظم سكانها من الأثرياء، بشرط أن تكون الشقة المستأجرة هناك مخزناً للمسروقات، وأعدوا خطة للهروب، تفاصيلها هى أنه إذا ألقى القبض على أحدهم، يجمع الآخرون حقائبهم ويسافرون إلى طابا للهرب هناك.
قرر المتهمون الاستقرار فى منطقة مصرالجديدة، نظرا لسهولة العملية الأولى، ولكنهم فى المرة الثانية، استهدفوا 3 شقق مرة واحدة، ما بين 15 و20 دقيقة، كانت عملية السرقة التى تبدأ بصعود «كارمن» زعيمة العصابة إلى باب الشقة للطرق عليه والتأكد من خلوها من السكان، لتنتهى بنزول أفراد العصابة بالمسروقات، لوضعها داخل سيارتين والهروب من مكان الجريمة، جمعوا 5 ملايين جنيه خلال يومين فقط، بالإضافة إلى بضائع ومسروقات اتفقوا على إرسالها مع أحدهم إلى المكسيك لبيعها، وتصريفها، استخدم المتهمون ورق «الفويل» لإخفاء المسروقات، ووضعوها داخل حقائب السفر، حتى لا تكتشفها أجهزة التفتيش والمراقبة.. فصديق «كارمن» ينتظرهم بالمكسيك، ليتولى هو بيع المسروقات وإرسال الأموال لهم لاستكمال جرائمهم.
نقل المتهمون نشاطهم الإجرامى إلى منطقة مدينة نصر، ووقع اثنان منهم فى قبضة رجال المباحث بالعجوزة، اعترفا بالسرقة فى مدينة نصر ومصر الجديدة، ليبدأ فى مناقشتهما العميد أشرف عز العرب، مفتش مباحث مصر الجديدة ومدينة نصر والمقدم محمود هندى، رئيس المباحث، ويحصلا على معلومات خطيرة، ويتوصلا إلى تفاصيل عمليات السرقة التى نفذها أفراد العصابة.. أخطر اللواء فاروق لاشين، مدير الإدارة العامة لمباحث العاصمة لتبدأ أجهزة الأمن فى وضع خطة للقبض على جميع المتهمين، ألقى القبض على 3 متهمين آخرين داخل فندق شهير و2 آخرين داخل شقة بالمهندسين، اعترفوا أن زعيمة العصابة و3 آخرين فى طريقهم إلى طابا للهرب، أخطر اللواء إسماعيل الشاعر، مساعد أول الوزير لأمن القاهرة مصلحة الأمن العام ليتولى ضباط مباحث الإسماعيلية القبض عليهم بأحد الكمائن الثابتة على الطريق. ليدلى جميع المتهمون باعترافات تفصيلية ومعلومات مثيرة ويكتشف رجال المباحث أن الأدوات التى كانوا يقومون باستخدامها فى عمليات السرقة جديدة وحديثة ولم يسبق استخدامها فى مصر.
اعترف المتهمون أمام اللواء سامى سيدهم، نائب المدير بارتكابهم 12 واقعة سرقة، وسيواجهون اتهامات تصل عقوبتها إلى الحبس 7 سنوات.. ولكن المتهمين كشفوا عن مفاجأة أمام اللواء أمين عز الدين، مدير المباحث الجنائية واللواء طارق الجزار، مفتش مباحث الشرق، وهى أنهم استطاعوا تهريب جزء كبير من المسروقات إلى المكسيك من خلال مطار القاهرة، وأن 4 متهمين كانوا معهم سافروا إلى المكسيك قبل القبض على العصابة.