فى رده على سؤال حول مدى جواز توجيه أموال الزكاة لليتامى والفقراء والمساكين والمحتاجين للإنفاق عليهم فى مجال التعليم وإتمام دراستهم قال الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية: للعلماء فى مقدار ما يُعطاه الفقير والمسكين من الزكاة مسلكان، فمنهم من يرى أن الإعطاء حَدُّه «الكفاية» فلا يُعطَى المحتاج إلا بمقدار ما يسد كفايته ويقضى حاجته، ومنهم من يرى حد العطاء هو «الإصلاح» فرأوا أن الفقير يُعطَى من الزكاة حتى تخرجه من حد الحاجة إلى حد الغِنَى، بل ويُعطَى ما يغنيه عمرَه كله بتقدير العمر الغالب لأمثاله.
وأضاف جمعة: فإن كان المحتاج صاحب حرفة أُعطِىَ من الآلات فى حرفته ما يكفيه لتمام النفقة عليه وعلى عياله، وإن كان صاحب علمٍ أُعطِىَ من المال ما يغنيه وعياله ويفرغه لهذا العلم طيلةَ عمره من كتب وأجرة تَعَلُّمٍ ومعلِّمٍ وغيرها، ومن ذلك مِنَحُ التفرغ التى تُعطَى لمن أراد الحصول على مؤهل علمى معين يناسب كفاءته العلمية وقدرته العقلية، أو حتى لمن يحتاج إلى هذا المؤهل العلمى للانسلاك فى وظيفة تُدِرُّ عليه دخلاً يكفيه ومن يعوله، حيث اقتضت طبيعة العصر وابتناء الوظائف فيه على المؤهلات العلمية أن صار المؤهل بالنسبة له كالآلة بالنسبة للحِرفى مع ما يكتسبه فى ذلك من علم يفيده ويفيد أمته.. وهكذا.
وأشار جمعة إلى أن هذا المسلك هـو مسلك الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضى الله عنه الذى كان يقول: «إِذَا أَعْطَيْتُمْ فَأَغْنُوا» كما أخرجه عنه أبوعبيد القاسم بن سلاّم فى كتاب «الأموال»، وهذا هو ما عليه الفتوى من أن الزكاة لبناء الإنسان وتحقيق المستوى اللائق لمعيشته وحياته، لا لمجرد سد رمقه وكفاية عوزه.
وبناءً على ذلك فإنه يجوز إنفاق زكاة المال على مصروفات تعليم الأيتام المحتاجين إلى ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم.