نجحت الانتفاضة الشعبية لأهالى منطقة «بن قردان» الحدودية بين تونس وليبيا فى دفع وزراء الداخلية والخارجية والتجارة التونسيين على رأس وفد رسمى للتباحث مع نظرائهم فى الجماهيرية الليبية حول سلسلة الإجراءات التى اتخذتها طرابلس مؤخرا، والتى أثرت سلبا على حركة التعاون التجارى لتلك المنطقة الحدودية لاسيما لأبناء تلك المدينة.
فقد نجح مسؤولو البلدين فى التوصل أمس لاتفاق أنهى التوتر الأمنى بعد إعادة فتح معبر «رأس جدير». وأفاد شهود عيان من تلك المنطقة الحدودية الساخنة بأن الاشتباكات مع رجال البوليس تواصلت إلى منتصف ليلة الخميس الماضى، ولم تتوقف إلا فى أعقاب إعلان تليفزيون الجماهيرية عدول السلطات الليبية عن القرار الذى اتخذته مطلع شهر رمضان الحالى بمنع المسافرين التونسيين من جلب بضائع غير مدعومة من ليبيا.
وقبل حوالى عام، فرضت السلطات الليبية ضريبة مالية على جميع السيارات التونسية التى تدخل إلى الجماهيرية وبعد أشهر من تنفيذ ذلك القرار.
صدم أهالى «بن قردان» وغيرهم من التونسيين بقرار أكثر مرارة من الأول، حين علموا أن السلطات الليبية تشترط على كل تونسى يرغب فى دخول أراضيها برا أو بحرا أو جوا أن يصرف على جوازه ما قيمته ألف دولار تحول إلى الدينار الليبى قبل اجتيازه الحدود الليبية وتصاعدت تلك الإجراءات مع القرار الجديد.
ولأن السيارات الليبية يسمح لها فى المقابل بدخول تونس بكل حرية فإن أهالى بن قردان قرروا الانتفاض، مرددين شعارات «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق». ووصل الأمر إلى حد وقوف بعض الشباب المندفعين أمام السيارات الليبية المقبلة من طرابلس عبر بوابة رأس جدير ليمنعوها من دخول تونس، قاطعين الطريق أمامهم بالإطارات المطاطية المشتعلة والحجارة.
ولوقف الفوضى العارمة على الحدود والتمرد الشعبى، الشبيه بـ«ثورة الخبز» فى 1982، لم يكن أمام السلطات التونسية إلا التدخل الأمنى السريع حيث تحولت بن قردان الحدودية إلى «غزة تونسية» كما وصفها البعض. وتم اعتقال نحو 160 مواطنا. وفى تسجيلات تم توزيعها عبر شبكة الإنترنت تضمنت لقاءات مع بعض العائلات، ذكروا أن رجال الشرطة دخلوا بيوتهم عنوة فى إطار حملات التمشيط، الأمر الذى ترفضه الأعراف القبلية لتلك المنطقة فى بن قردان، لذلك قررت القبائل التضامن مع بعضها فى مواجهة البوليس بشكل أعنف، وهو ما يفسر تصاعد الوضع الأمنى فى تلك المنطقة على مدار الأسبوع الماضى.