كوميديا الانتخابات.. موضة دراما رمضان

كتب: اخبار الخميس 19-08-2010 08:00

بقدر ما حرص صناع الدراما على الاقتراب من قضايا الواقع الشائكة فى أعمالهم هذا العام، حضرت الانتخابات المرتقبة خلال الأسابيع القليلة المقبلة بقوة فى تلك الأعمال، لتشكل هاجسا يؤرق المؤلفين، ورغم أن التطرق إلى الانتخابات الرئاسية فى المسلسلات هذا العام كان معدوما، ففى المقابل، تتناول بعض الأعمال الانتخابات البرلمانية، وما يدور فى دهاليز السياسة وكواليس عالم المرشحين من تربيطات وإغراءات للمواطنين بمنافع وقتية، تتلاشى بمجرد فوزهم، وكأن صناع الدراما يدقون ناقوسا يتزامن مع الاستعدادات لانتخابات مجلس الشعب التى بدأ بالفعل تكثيفها فى الشارع المصرى منذ بدء رمضان، حيث عشرات اللافتات والهدايا العينية من قبل المرشحين، كما اتفقت تلك الأعمال على الصورة السلبية التى يقدم بها المرشحون واستغلالهم حاجة الفقراء إلى المال فى شراء أصواتهم للوصول إلى المقاعد البرلمانية، وبعضها مر مرور الكرام على الانتخابات أو أعضاء مجلس الشعب، لكن ذلك لم يمنع من تقديمهم فى صورة سلبية.

اللافت أن كثيرا من المسلسلات تتناول الانتخابات فى إطار كوميدى واختارت بعض الأعمال أن تملأ اللافتات والهتافات الانتخابية كادراتها منذ الحلقات الأولى، وأن تكون الدعاية والوعود الانتخابية هى بداية وانطلاقة للأحداث مثل «الكبير أوى» لأحمد مكى، فرغم أن الانتخابات فى قرية المزاريطة هى لاختيار عمدة البلد، فإن كواليس العملية الانتخابية من صراعات وإغراءات وتربيطات، واختيار الأهالى فى النهاية لـ«جونى» الأمريكى، بدلا من العمدة الحالى، ليست إلا نموذجا مليئا بالإسقاطات على الصراعات الكبرى فى كواليس انتخابات مجلس الشعب.

وفى «العتبة الحمرا» يطرح المؤلف فداء الشندويلى الانتخابات من زاوية محددة وهى أن القرية التى تنطلق من خلالها الأحداث – «تمشيش» فى المنوفية – هى دائرة المرشحين المتصارعين على كرسى البرلمان كامل وصالح المنزلاوى، وهما أبنا عمومة، بينما تقف «منصورة» – مى كساب – رمزا للشعب المطحون ويتعرض العمل لما يطرحه المرشحون من وعود لا تنفذ، استغلالا للناخبين والحصول على أصواتهم، حتى الفوز فى الانتخابات ثم التملص منهم.

ويرى الشندويلى الانتخابات مادة ثرية ومتشعبة المفردات لصناع الدراما، خاصة فى حالة الحراك التى تشهدها مصر حاليا، وهى رمز لما يحدث، لكن تقديم عمل كامل عنها مرتبط بتوفير حريات أكبر، لأن تناولها أمر فى غاية الحساسية، حيث إنها مسؤولية النظام، خاصة بعد إلغاء الإشراف القضائى الكامل عنها، وقال: سياسيا لا أستطيع أن أكتب فيها أو أن أقول الحقيقة كاملة، لأننا عادة نحتاج إلى وقت طويل، كى نرصد زمنا واقعيا ودقيقا.

«أزمة سكر» بطولة أحمد عيد، عمل آخر يتناول الانتخابات البرلمانية من خلال شخصية «سكر»، الشاب القروى المعدم، الذى يقود الحملة الانتخابية لأحد الأثرياء المستبدين «الحاج عوض»، الذى يتخذ «المركب» رمزا انتخابيا له.

مجدى الكدش، مؤلف المسلسل، قال: قصدت منذ البداية تناول كواليس العملية الانتخابية، وما يشوبها من فساد وتربيطات، حتى نجاح الحاج «عوض» – الممثل فايق عزب – فى الوصول إلى كرسى البرلمان، وممارساته السيئة للاستيلاء على الأراضى الزراعية وتحويلها إلى أراضى بناء، وذلك باستغلال مكانته، رغم افتقاده الإمكانيات والشروط المطلوبة، حيث تكشف الأحداث بعد ذلك أنه متهرب من التجنيد، وقد جمعنى عيد بنائب فى بلدته «سلمون القماش» فى المنصورة، يرتدى الجلباب والخاتم الذهبى، كما قدمت «عوض» فى المسلسل، والنائب فعلا «مش فاهم حاجة»، لكنه يملك قدرة كبيرة على الإقناع.

أضاف الكدش: تلك الصورة السلبية لنائب البرلمان لا تعنى الإجماع على تقديم النواب بهذا الشكل، وإلا «كانت البلد خربت»، فهناك نواب جيدون ويبذلون جهدا لأهالى دائرتهم.

أيمن سلامة، مؤلف «قضية صفية»، يقدم هو الآخر ملمحا عن عضو مجلس الشعب الفاسد الذى يتذرع بالحصانة البرلمانية لتغطية أعماله غير المشروعة، ولم يتطرق «سلامة» إلى الانتخابات بشكل كبير وهو ما فسره بعدم وجود مبرر درامى، لذلك قدم رجل الأعمال الفاسد، الذى يتخذ من البرلمان قلعة تحميه.

فى «كابتن عفت» – الجزء الأول من «حكايات بنعيشها» بطولة ليلى علوى – يتطرق مؤلفه د.محمد رفعت للانتخابات داخل النادى الرياضى، الذى تديره «عفت» كنوع من الإسقاط على الانتخابات البرلمانية، وما يشوبها من فساد، وذلك من خلال طرح فكرة استغلال بعض المسؤولين مواقعهم فى الفوز بها لتحقيق مصالح معينة، إلا أن رفعت قال: لم أفكر فى الإسقاط الفنى على الانتخابات فى المسلسل بشكل كبير وأساسى، لأنها فى النهاية تدار بطريقة أبعد ما تكون عن الدراما وما يقدم خلالها، كما أننى فكرت فى المسلسل منذ عملى على «مجنون ليلى» – الجزء الثانى من «حكايات بنعيشها» العام الماضى أى منذ عام ونصف العام - ولم أكن وقتها أضع الانتخابات على أجندتى، لكن ذلك لا يمنع من أن الانتخابات داخل النادى فى المسلسل يمكن اعتبارها بالفعل رمزاً للانتخابات المقبلة.

محمد سليمان، مؤلف «القطة العامية»، يرى الانتخابات أداة درامية موجودة بكثرة فى الأعمال الدرامية دائما وهى توفر مادة ثرية عند تناولها، حيث إنها غالبا ما ترتبط بالصراعات، وهى مليئة بالشخوص والتنافسات والحكايات الشيقة، وفى «القطة العامية» لم أقدم الانتخابات بشكل صريح، لأننى لم أكن فى حاجة درامية إلى ذلك، لكننى قدمت عضو مجلس الشعب الفاسد فى شخصية فرعية هى «حسان أبوشامة» الذى يمتلك شركات مقاولات، والذى يختصم مع أحد المحامين، ويدور بينهما صراع لتشويه كل منهما صورة الآخر فى وسائل الإعلام.

وحول الصورة السلبية لعضو مجلس الشعب، التى تقدم دائما فى الدراما، والمنتشرة بكثرة فى مسلسلات هذا العام، قال سليمان: ذلك لأن أغلب من نسمع عنهم من النواب، خاصة فى الدورة الحالية وما قبلها بدورتين كانوا فاسدين، وهذا مناخ نعيشه، لا يمكن تجاهله.