قد يتصور البعض أن نقل قصة مصورة عن الكلية الحربية المصرية هو أمر سهل، ولكنه ليس كذلك، فإذا قمنا بإخباركم بأن الانضباط والالتزام هما السمتان الأساسيتان فى طلاب الكلية الحربية مع التقاط بعض الصور التى توضح ذلك، لن تضيف تلك المعلومة شيئاً جديداً لأن هذا هو المتوقع من مصنع الرجال، مكان يقوم بتأهيل وتجهيز شباب مصر ليحموا مصر. ولكننا أردنا منذ اليوم الأول أن نقدم صورة واقعية لطلبة الكلية الحربية، مستقبل جيش مصر، عن طريق وجودنا بالقرب منهم لأطول مدة ممكنة، حتى نرى ونعيش ما يمر به الطالب منذ لحظة استيقاظه فى الخامسة إلا الربع صباحاً، على صوت نفير الصباح حتى ميعاد «نوبة النوم» الساعة التاسعة إلا الربع مساء، مروراً بكل الأنشطة والمحاضرات التى يمر بها طلبة الكلية الحربية فى مختلف فرق وأقسام الكلية.
استغرق عملنا هذا مدة قاربت ثلاثة أشهر، ولم يكن ليظهر بهذه الصورة إلى النور بدون التسهيلات التى قدمها لنا مدير الكلية اللواء أركان حرب عصمت مراد، وتعاون ضباط الكلية فى مختلف الأقسام. الكلية الحربية المصرية تم إنشاؤها عام 1811 عن طريق محمد على، وهى الأقدم فى أفريقيا والشرق الأوسط، وواحد من أقدم المعاهد العسكرية فى العالم «أول معهد عسكرى تم إنشاؤه سنة 1751 فى النمسا».
يحمل طلبة الكلية الحربية لقب «طالب مقاتل»، للتأكيد على احترافيتهم القتالية. مدة الدراسة بالكلية ثلاث سنوات، بها أربع مراحل دراسية، وبالكلية حالياً سبعة تخصصات: المشاة، المدرعات، المدفعية، الأسلحة والذخيرة، الإشارة، الشؤون الإدارية، والحرب الإلكترونية. فى الكلية الحربية كل شىء محسوب، فمنذ أن يستيقظ الطالب لا توجد دقيقة تمر هباء، فبعد طابور اللياقة الصباحى يبدأ اليوم الدراسى للطلبة الذى لا يقتصر فقط على محاضرات نظرية، ولكن أيضاً على التدريب العملى والتدريبات البدنية والرياضية وتدريبات المارشات والعروض العسكرية، حتى أماكن المحاضرات والتدريبات محسوبة، ويتم الحرص على أن تكون فى أماكن متباعدة داخل الكلية حتى يتسنى للطلبة القيام بالجرى ما بين المحاضرات للحفاظ على اللياقة البدنية «وهى فخر الكلية الحربية» فى كل الأوقات. أما بالنسبة للطعام فهو أيضاً محسوب بقدر، فالوجبات يتم حساب السعرات الحرارية التى سيحصل عليها الطالب مع الحرص على التنوع فى المقادير، وبالطبع كل الوجبات يتم تحضيرها داخل الكلية الحربية.
لم يعتمد القائمون على الكلية الحربية على أن الجندى المصرى هو خير أجناد الأرض، كما قال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، لكن قاموا بالأخذ بالأسباب ليكون هذا الجندى على استعداد وجاهزية للموت لحماية هذا الوطن، وأنهم أسود ومصر هى عرينهم، وأنهم إذا حرصوا على الموت فى سبيل رفعة الوطن ستوهب لهم الحياة، وأنهم جميعاً ليسوا مجرد مقاتلين ولكنهم مشروع شهيد.
دقائق قليلة بعد ميعاد نوبة النوم.. وتجد الجميع فى سبات عميق استعداداً ليوم جديد