إذا كانت هي زيارتك الأولى أو الثانية أو العاشرة إلى مدينة العريش بعد ثورة 25 يناير، تأكد أنه عندما سيقترب سائق التاكسي أو الميكروباص من مدينة الريسة وبالتحديد عند مدخل المدينة على الطريق الدولي سيشير لك بابتسامة بسيطة على الكمين وهو يقول: «هو ده بقى كمين الريسة اللى بينضرب كل يوم وبتسمعوا عنه في الجرايد والتليفزيون». اكتساب الكمين صفة «المزار السياحي» ليس له إلا سبب واحد وهو عدد تعرضه لإطلاق النيران من قبل المسلحين بالمنطقة ،حيث وصل إلى 49 مرة على مدار العامين الماضيين، حياة صعبة يعيشها أهالي المنطقة خوفاً من رصاصة طائشة قد تصيبهم من هنا أو هناك، وحياة أخطر يعيشها مجندو الكمين رصدتها «المصري اليوم» بعد مفاوضات استمرت لمدة يومين لتحصل على تصريح بقضاء يوم كامل داخل الكمين بعد تعرضه لـ48 عملية هجوم آخرها كانت منتصف شهر سبتمبر الماضى ولم يصب أي من المجندين وقتها ولكن في المرة الـ49 التي تم تنفيذها الأسبوع الماضي استخدم المسلحون طريقة جديدة للهجوم وهى تفجير سيارة أثناء مرورها بالكمين انتهت باستشهاد 4 من المجندين وإصابة 5 آخرين.
داخل منزله المواجه للكمين مباشرة جلس أحمد محروس، أحد سكان مدينة الريسة، خمسيني يظهر على وجهه تفاصيل حياته الصعبة التي عاشها في سيناء عاملاً بلزراعة، جلس يتذكر تفاصيل الهجمات على الكمين طوال العامين الماضيين.
«منذ شهور قليلة كان هناك موعد محدد لضرب هذا الكمين بعد أذان المغرب مباشرة، لدرجة أن أطفالنا كانوا يخرجون قبل هذا التوقيت بدقائق معدودة لانتظار بدء ضرب النار ومشاهدته من البلكونات المجاورة للكمين. كان المسلحون يعتلون أسطح المباني ويطلقون الرصاص على الجنود والضباط في الكمين، ولكن قائد الكمين استأذننا في اتخاذ مواقع ثابتة أعلى أسطح مساكننا لمواجهة المسلحين ووافقنا على الفور، وشيد الجنود (دشماً) من الرمال لكي تحميهم من الرصاص أثناء التعامل مع الإرهابيين فوق الأسطح».
يضيف: «تعودنا على أصوات طلقات الرصاص وصواريخ الـ(آر بي ي)، لكننا نتعاون مع الجنود أثناء المواجهة ونحميهم بكل ما نملك ولو طلبوا منا الاستحواذ على شققنا السكنية لاتخاذها كمواقع للمواجهة فلن نتأخر، الجنود هنا يطلقون الطلقات التحذيرية في الهواء ببعض الأوقات كنوع من التمشيط لكي لا يقترب المسلحون من الكمين».
يستطرد وهو يشير إلى سطح العمارة التي يقيم بها: «هؤلاء 2 من الجنود ومعهم ضابط صف، أحدهم يحمل بندقية آلي، والآخر يخدم على مدفع 14 مللي، وضابط الصف يراقب عبر منظار رؤية، كل منهم يعرف دوره جيداً عند بدء أي هجوم على الكمين، ونحن الأهالي علينا دور عند الهجوم، حيث نؤمن المداخل ونمنع اعتلاء أي مسلح أسطح العمارات للاعتداء على الجنود، ونغلق الأبواب جيداً والنوافذ خوفاً من إصابتنا. الحياة هنا في البداية كانت رعباً ولكننا تعودنا على أصوات الرصاص بمرور الوقت، ومع استمرار العمليات والهجوم اجتمع ضابط الكمين بعدد من الأهالي في المدينة وقدموا بعض النصائح والتعليمات كان ذلك تقريباً منذ عام، ملخص النصائح أنه على السكان الالتزام بالمنزل مع بداية إطلاق نيران المسلحين على الكمين وعدم الخروج من البلكونات أو الصعود إلى أسطح العمارات حتى لا يصاب أحد».