تقرير «الصحفيين العرب»: «الحسبة» من أخطر القضايا أمام الصحفيين.. وقانون النقابة يحتاج تغييرا جذريا

كتب: محمد عبد الخالق مساهل الثلاثاء 27-07-2010 20:10

قال تقرير الحالة الصحفية فى مصر، إن الصحفيين لايزالون يعانون من «ترسانة ضخمة من القوانين المقيدة للحريات»، مشيرا إلى أنها موزعة على قوانين العقوبات والصحافة.

وأشار التقرير الذى صدر ضمن تقرير الحريات الصحفية فى الوطن العربى للعام 2009، إلى أن هامش حرية التعبير اتسع – رغم هذه الترسانة – بصورة تمكن الجميع من التعبير عن آرائهم وتضمن لكل كاتب معارض أن يعبر عن وجهة نظره كاملة، وتتيح فرصة واسعة لنشر الرأى والرأى الآخر، سواء فى الصحف القومية أو الصحف الحزبية أو الخاصة، مضيفا أن حالة النقد اتسعت لتشمل السياسات العليا والسياسات التنفيذية وجميع قرارات وتصرفات جميع المسؤولين فى جميع المستويات ابتداء من النسق الأعلى إلى مستويات الحكم المحلى.

وأوضح التقرير - الذى أطلقه اتحاد الصحفيين العرب، وأعده مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين - أن عقوبة الحبس فى جرائم النشر تشكل «عاملا رادعا»، رغم الوعود التى تلقاها الصحفيون المصريون قبل ستة أعوام من رئيس الجمهورية بإلغاء تلك العقوبة، والذى نفذ منه جزء «ضئيل» قبل ثلاثة أعوام على أمل تواصل الحوار بين النقابة والمجلس الأعلى للصحافة لتنفيذ الوعد الرئاسى بما يضمن الإلغاء التام لها.

وأكد التقرير أن تلك العقوبة لم يعد معمولٌ بها فى معظم دول العالم وفى عدد من الدول العربية، وبات ضروريا شطبها من ترسانة القوانين التى تحكم الصحافة فى مصر، والتى تضم 32 مادة تتيح «جرجرة» الصحفيين إلى المحاكم.

ونبه التقرير إلى أن نقابة الصحفيين لاتزال تضع إلغاء الحبس فى جرائم النشر «أول أهدافها» وتلح على ضرورة تحقيق ذلك، مشيرا إلى أنها تطالب المجلس الأعلى للصحافة بتنفيذ الوعد الذى أطلقه الرئيس وتواصل جهودها فى دوائر عديدة للتنديد باستمرار العقوبة، خصوصا فى أوساط القضاء والرأى العام ودوائر الحكم العليا.

وأشار التقرير إلى أن الجهد الذى بذلته النقابة أثمر عن قدر من التفهم المتزايد، خاصة من جانب القضاء الذى يحرص الآن على استبدال عقوبة الحبس فى معظم القضايا بأحكام الغرامة، كما يحرص على إلغاء أحكام الحبس فى درجات الاستئناف فى معظم القضايا واستبدالها بالغرامة.

واستدرك التقرير بأنه رغم أن استبدال أحكام الحبس بالغرامة يشكل «خطوة متقدمة» من جانب القضاء المصرى تساير تطور التشريع العالمى الذى لا يحبذ عقوبة الحبس، فإن أحكام الغرامة كثيرا ما تكون «شديدة الوطأة»، خصوصا بالنسبة لمؤسسات صحفية صغيرة يصعب عليها أن تتحمل هذه الأحكام.

وحذر التقرير مما سماه بـ«قضايا الحسبة» التى وصفها بأنها «أخطر» القضايا التى يواجهها الصحفيون المصريون الآن، والتى يرفعها بعض دعاة التشدد الدينى ضد أى أفكار أو آراء لايرضون عنها أو بعض أصحاب المصالح السياسية فى إطار العلاقة بين الحكم والمعارضة وراغبى الشهرة خصوصا من صغار المحامين.

ولفت التقرير إلى أن عضوية النقابة من «أكثر مشكلات القيد صعوبة» بسبب التزام النقابة بالشروط التى حددها القانون، والتى يتم اختراقها من بعض أصحاب الصحف الخاصة، من خلال عقود صورية، يجرى إرغام الصحفيين على توقيعها، مشيرا إلى أن تلك العقود تسقط جميع حقوقهم القانونية بما فى ذلك حق الأجر العادل اعتمادا على بدل التدريب والتكنولوجيا.

وقال إن مواجهة المشكلة على نحو «حاسم» تتطلب تغيير بعض شروط الإصدار لضمان حقوق الصحفيين فى هذه المؤسسات التى تفتقر فى الأغلب إلى هياكل التمويل الصحيحة التى تمكنها من الوفاء بالتزامات الصحفيين إذا أغلقت الصحيفة أبوابها لأسباب اقتصادية.

وأكد التقرير أن قانون نقابة الصحفيين يحتاج إلى «تغيير جذرى»، موضحا أن القانون الراهن رقم 76 لسنة 1970 لايزال يشترط عضوية الاتحاد الاشتراكى للعمل فى الصحافة، مضيفا أن كثيرا من شروط القيد بالقانون يحتاج إلى إعادة نظر فى ظروفٍ، تطور فيها العمل الصحفى، منبها إلى أنه «ثبت عجز القانون الراهن عن حصار الجحيم المتزايد لحالات التحايل على حقوق العاملين فى بعض الصحف والمؤسسات الصغيرة».

واستدرك التقرير بأن هناك عددا آخر من المؤسسات الخاصة يفى بحقوق العاملين فيها على نحو صحيح، مؤكدا فى الوقت نفسه أن مساحة الحرية اتسعت فى الصحافة المصرية على نحو «غير مسبوق»، تمكّن كل صاحب رأى من قول رأيه، وتُسقط أى حصانات مسبقة لجميع المسؤولين وتعفيهم من النقد.

ونبه إلى أنه تم تخفيف القيود على إصدار الصحف بحيث ارتفع عدد «اليومية» منها من 14 صحيفة قبل إنشاء المجلس الأعلى للصحافة إلى 24 صحيفة، وارتفع عدد الصحف الأسبوعية إلى 118 صحيفة بزيادة 87 وارتفعت «الشهريات» إلى 377 بزيادة 260 صحيفة وتضاعف عدد الصحف التى تصدر عن المؤسسات القومية ليصل إلى 55 بدلا من 31، فى حين زاد عدد الصحف الحزبية إلى 62 صحيفة بدلا من أربعة صحف، كما زاد عدد الصحف التى تصدر عن هيئات حكومية إلى 84 صحيفة وارتفع عدد الصحف فى المحافظات إلى 14.

لكن التقرير استدرك بأنه «مع الأسف لاتزال الصحافة المصرية تشكو من «غياب» قانون للمعلومات يمكّن الصحفيين المصريين من الحصول على المعلومات من مصادرها الصحيحة»، مشيرا إلى أنه رغم أن قانون الصحافة به نص يعطى للصحفى هذا الحق، فإنه «نص ساكت أخرس» لا يحدد آلية واضحة لإنفاذ هذا الحق، ولا يفرض عقوبة على الممتنعين ولا ينظم طرق استفادة الصحفيين بهذا الحق.

ولفت إلى مطالبة نقابة الصحفيين للمجلس الأعلى للصحافة والحكومة بضرورة الإسراع فى إنشاء قانون جديد للمعلومات، تكون النقابة طرفا فى صياغته، ويمكّن الصحفى من الحصول على المعلومات فى فترة زمنية وجيزة ويعطيه الحق فى أن يلجأ إلى قاضى الأمور المستعجلة إذا امتنع المسؤول عن إعطائه المعلومات أو قدم أعذارا «غير حقيقة».