شهدت العلاقات العربية – الأفريقية فى الفترة الأخيرة بعض التوترات، خاصة علاقة مصر والسودان بدول منابع النيل، ما دعا المهتمين بالشأن العربى – الأفريقى إلى المطالبة بإعادة النظر فى هذه العلاقات، ومراجعتها وتقييمها، لمنع أى تغلغل صهيونى فى القارة السمراء من شأنه التأثير على دولتى المصب أو يشتت العلاقات بين مصر والدول الأفريقية وينتقص من حصتها والسودان من مياه النيل.
وفى هذا الإطار يحاول كتاب «صورة العرب فى الذهنية الأفريقية» للدكتور الخضر عبدالباقى محمد، الصادر عن سلسلة «محاضرات الإمارات» بمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الوقوف على جذور الخلافات التى نشبت بين الطرفين والاتهامات التاريخية المتبادلة من الجانب الأفريقى للعربى.
واختص الكاتب، الذى يشغل منصب مدير «المركز النيجيرى للبحوث العربية فى نيجيريا»، الصورة الذهنية لدى الشعوب بالتحليل والدراسة، ويقول: «عند استعراض الدراسات السابقة فى مراجعتنا لأدبيات تراث العلاقات العربية - الأفريقية على وجه العموم، والنيجيرية منها على وجه الخصوص، والتى أجريت فى فترات زمنية متباينة، وفى مجالات مختلفة يتكشف لنا أن هناك حالة تقصير وغموض فى الرؤية، بشأن الصورة المقدمة عن كل طرف لدى الطرف الآخر»،
وتظهر الدراسة المسحية التى قام بها الخضر عبدالباقى وأرفقها بعدة جداول فى الكتاب، متخذاً خلالها عينة عشوائية غير احتماليه من المجتمع النيجيرى، تبين أنه عند ذكر كلمة «العرب» و«البلاد العربية» يتبادر إلى الذهن الأفريقى ومنه النيجيرى، الحج والأماكن المقدسة وبلغت هذه النسبة ٦٨%، ويتبادر إلى أذهان ما نسبته ٤٨% أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وما نسبته ٤٤.٦% الثروة النفطية،
أما توصيف التطور والمدنية فقد حصل على نسبة ٢١.٣%، والنظم الملكية ١٧%، فيما حصل البدو والصحراء على نسبة ١٤.٦% من العينة، والإرهاب والعنف نسبة ١٢%، ووصف الخداع والنفاق بنسبة ٤% عند ذكر كلمة العرب، من خلال الرصد والفرز لإجابات المبحوثين النيجيريين التى قامت عليها الدراسة-
كما يشير المؤلف – عن طبيعة الصورة الذهنية التى يحملونها عن العرب والدول العربية، تبين أنها تنطوى على العديد من الصفات والانطباعات الإيجابية منها: العرب شعب مبدع فى مجال إنتاج الفكر الدينى الإسلامى بدرجة كبيرة، وبدرجة أقل فى العلوم الطبيعية والحياة المدنية والتقنية الحديثة، الدول العربية تمثل واحة الأمن والاستقرار السياسى والاجتماعى، وتتمتع بمظاهر التقدم والمدنية..
العرب قوم يتمتعون بثقافة عالية واطلاع واسع على الثقافات الأخرى، أما السلبيات - كما يوضحها المؤلف - فجاءت: أنظمة الحكم فى البلاد العربية محتكرة ووراثية فى أسر وقبائل معينة، بالرغم من وجود مشاعر الاهتمام بالإنسانية لدى العرب، هناك تعصب وعنصرية ضد السود، ونزعة الكراهية ضد الأفريقى الزنجى فى بعض الأوساط والمجتمعات العربية، وأيضاً العرب شعب منقسم على نفسه بكثرة الخلافات والنزاعات البينية وضعف الإرادة السياسية بين قادتهم..
العرب أناس بيروقراطيون يحبون الروتين والجمود فى طبيعة معاملاتهم الإدارية، وأخيراً الدول العربية مقصرة فى القيام بالواجب الكافى نحو القضية الفلسطينية، كما أن الهوية العربية بعيدة تماماً عن الهوية الأفريقية، ولا يمكن أن تلتقيا لطبيعة كل منهما المتنافرة والمتضادة مع الأخرى.