باكستان تخوض انتخابات «تاريخية» بـ«لون الدم».. (تقرير)

كتب: منة الله الحريري, وكالات السبت 11-05-2013 22:06

أدلى الناخبون الباكستانيون بأصواتهم، السبت، في الانتخابات العامة لاختيار أعضاء الجمعية الوطنية، وأعضاء 4 مجالس إقليمية، في أول انتخابات وصفت بـ«التاريخية» تنتقل فيها السلطة من حكومة مدنية إلى أخرى منذ 66 عاماً، على وقع عدد من الانفجارات فى كاراتشى وبيشاور وكويتا أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من حركة طالبان الباكستانية، التي هددت الناخبين من الذهاب لمراكز الاقتراع.

وشهدت الانتخابات نسبة إقبال مرتفعة نسبياً، مقارنة بالانتخابات السابقة، وأعلنت اللجنة الانتخابية أن نسبة المشاركة بلغت حوالي 30%، وتوقعت أن تصل إلى 60% عند إغلاق صناديق الاقتراع، وهي النسبة التي اعتبرها المسؤول في اللجنة الانتخابية، خورشيد علام «مشجعة جداً»، مقارنة بمشاركة نحو 44% خلال الانتخابات الماضية عام 2008.

ويتنافس نحو 45 ألف مرشح ينتمون إلى 114 حزباً سياسياً، للفوز بمقعد في الجمعية الوطنية المؤلفة من 342 مقعداً، وفي المجالس الإقليمية المكونة من 728 مقعداً، في بلد يصل عدد الناخبين المسجلين فيه إلى 86 مليوناً.

وقال زعيم حزب «الحركة القومية المتحدة»، فاروق ستار، إن هناك تزويراً في الانتخابات في مدينة كراتشي، وإنه تمت سرقة تفويضهم، ويتم منع الأفراد من ممارسة حقهم فى التصويت، موضحا أنه تمت السيطرة على 37 مركزاً انتخابياً من دائرته الانتخابية، وكانت لجنة الانتخابات الباكستانية قررت إلغاء تصويت 200 ألف امرأة في منطقة «دير»، الخاضعة لسيطرة القبائل، لمنع وقوع هجمات ينفذها انتحاريون بملابس النساء.

وأشار وزير الإعلام فى إقليم خيبر باختونخوا إلى أن «هناك اتفاق لمنع المرأة من التصويت في منطقة دير السفلي، ونعرف بأمر اتفاقيات مماثلة في مناطق أخرى»، مضيفاً «حتى إذا سمحنا لهن بالتصويت، فلن يتمكن من الإدلاء بأصواتهن، نظراً لأن مراكز الاقتراع في مناطق نائية للغاية».

ورغم الإجراءات الأمنية المشددة، وقع انفجاران في كراتشى (جنوب) وبيشاور (شمال غرب)، الجمعة، استخدمت فيهما قنابل، وتسببا في مقتل 11 شخصاً على الأقل، وإصابة 31 آخرين، وتبنى الاعتداء الأول متمردو حركة «طالبان»، الذين يعارضون إجراء الانتخابات، بعد أن سبق لهم أن هددوا بشن اعتداءات يوم التصويت، واستهدف الاعتداء مرشحاً علمانياً، وأصيب 23 شخصاً بهجوم استهدف مراكز الاقتراع في كراتشي، كما أصيب بانفجار قنبلة في بيشاور 8 أشخاص على الأقل.

وتركز هجمات طالبان على 3 أحزاب سياسية هي حزب «الشعب الباكستاني» و«الحركة القومية المتحدة» وحزب «عوامي الوطني»، مما أجبر هذه الأحزاب على تقليص حملاتها الانتخابية، بينما لم يستهدف مسلحو الحركة حزبي «رابطة مسلمي باكستان»، الذي يتزعمه رئيس الحكومة الأسبق نواز شريف، وحزب «حركة الإنصاف»، التي يتزعمها نجم لعبة الكريكت السابق، عمران خان، واتخذت السلطات الباكستانية تدابير استثنائية فى مختلف البلاد لتأمين الانتخابات، وأغلقت حدودها مع إيران وأفغانستان لمدة 3 أيام، وطردت السلطات مدير مكتب صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، بسبب «أنشطة غير مرغوب فيها» عشية الانتخابات.

وقالت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية، إن كثيرين ينظرون إلى هذه الانتخابات باعتبارها نقطة تحول كبيرة في تاريخ البلاد، والناخب الباكستاني يريد في نهاية الأمر حكومة توفر له الأمن، وتحميه من الأسلحة النووية الهندية، وغارات الطائرات الأمريكية دون طيار، وتحسين الوضع الاقتصادي، واحترام القانون.

وأشارت الصحيفة إلى استطلاع للرأي أظهر أن 29% فقط من الشباب مقتنعون بأن الديمقراطية هي النظام الأفضل لبلادهم، فيما توقعت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن يفوز «شريف» مع منافسة كبيرة من «خان»، وأشارت إلى تراجع مكانة حزب الشعب الباكستاني بقيادة آصف على زرداري، بسبب الفساد الذى استشرى خلال فترة حكمه.

ويأمل الشعب الباكستانى أن تؤدى الانتخابات إلى تغيير وتخفيف الإحباط من اقتصاد ضعيف وفساد متفشٍ وانقطاع مزمن للكهرباء، وبنية أساسية متهالكة، وتوقع الأستاذ بكلية «كينجز كوليدج» بجامعة لندن، أناتول إيفين، أن المشاكل التى تواجه الحكومة الجديدة ستكون جمة، وقد تكون هذه الفرصة هي الأخيرة التي يتعين فيها على النخبة مواجهة الأزمات، مضيفاً أنه «إذا لم تتحسن حياة الباكستانيين العاديين خلال السنوات الخمس المقبلة، فإن العودة إلى الحكم الاستبدادي تظل احتمالاً».