»سياسة التمييز العنصرى تلقى بظلالها السوداء على مباريات كأس العالم»، كان هذا هو عنوان تقرير نشرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية ضمن حلقة تقارير واسعة عن المونديال ومدى المكاسب والخسائر التى ستحدث فى جنوب أفريقيا، نتيجة تنظيمها أكبر حدث كروى فى العالم.
وقالت الصحيفة إذا نظرت من فوق الجبل فى «كيب تاون» بالمساء سترى مدينة النور وبجوارها محطة القطار، ومن خلفها ما يسمى «النقاط السوداء»، وهى المناطق التى يقيم فيها بعض الذين يطلقون عليهم اسم «الملونين»، التى تعيش دون أضواء، أفرزت مجموعة من أفضل لاعبى كرة القدم فى تاريخ «جنوب أفريقيا».
وأشارت الصحيفة إلى أن المهاجم الخطير «بينديكت ماكارثى»، الذى يلعب لنادى بلاكبيرن الإنجليزى على رأس اللاعبين الذين خرجوا من تلك المناطق ويعد مهاجماً خطيراً وتعلق الجماهير الجنوب أفريقية الكثير على اللاعب لقيادة الفريق فى نهائيات المونديال، بالإضافة إلى نجوم مثل «كوينتون فورتونى» و«شون بارتليت»، إلى جانب ستيفن بينار، الذى يعد آخر النجوم الذين خرجوا من مناطق «الملونين» بالقرب من «بريتوريا».
ووفقاً لهذه التصنيفات العرقية والتمييز العنصرى، والمستخدمة ضمنياً من قبل جنوب أفريقيا، فإن هؤلاء اللاعبين لا يقال عنهم «سود»، ولكنهم «ملونون» أى مجموعة من الأفراد أصحاب البشرة الفاتحة، ولكنهم منحدرون من أصول سوداء أو من العبيد الذين نقلوا من إندونيسيا، وأن نحو (10) فى المائة من سكان «جنوب أفريقيا» من الملونين، وثلاثة أرباعهم من السود.
وأكدت الصحيفة الإنجليزية أن هذه الانقسامات المصطنعة، التى تفرق بين الشعب الجنوب أفريقى هى العامل القبيح من بقايا الفصل العنصرى، ورغم أنه من النادر أن تتم مناقشته، فإنها تستمر فى التأثير على الحياة داخل الوطن بصفة عامة.
خصوصاً أن كل جماعة عرقية مازالت تعيش بمعزل عن غيرها. مما يجعل كل مجموعة لديها خبرة معينة من الحياة، وعلاقة خاصة مع كرة القدم - الرياضة الوحيدة التى تحظى بمتابعة جميع الفئات ومختلف الألوان فى جنوب أفريقيا.
وأوضحت «فاينانشيال تايمز» أن جميع مشجعى الأندية الكروية فى جنوب أفريقيا من السود، وهم الذين يشجعون المنتخب الجنوب أفريقى دائماً، وعندما تقدم بطلب استضافة كأس العالم هم من ساندوا الملف بقوة، إلا أن معظم المؤسسات الجنوب أفريقية لا تتعامل بهذا الشكل وما زال السود فى أسفل الجانب الاقتصادى بجنوب أفريقيا، مما يعوق لاعبى كرة القدم عن الظهور على مستوى احترافى، لمعاناة معظمهم من سوء التغذية وافتقادهم وجود أندية بها لاعبون مؤهلون، كما أنهم يفتقدون إقامة بطولة دورى منتظمة، وبالتالى تهدر مئات الفرص لاكتشاف لاعبين موهوبين، بسبب عدم وجود العين القادرة على متابعة المواهب الشابة
.
فى حين أن الشباب من أصحاب البشرة البيضاء يلعبون لفرق كبيرة ومعهم مدربون مؤهلون فى بطولات منتظمة، ولكنهم يفضلون ممارسة الرجبى والكريكيت، خصوصاً أن جنوب أفريقيا تتصدر العالم فى هاتين اللعبتين، ومن النادر أن تجد لاعباً أبيض يلعب للمنتخب الأول بجنوب أفريقيا باستثناء المدافع مارك فيش المهاجم الدولى السابق.
ولفتت الصحيفة إلى أن عدداً قليلاً من الملونين يتابعون كرة القدم فى جنوب أفريقيا حتى أن أكبر عدد للمشجعين فى مباراة واحدة يصل إلى 10 آلاف متفرج، مما يعنى أن الملاعب التى تم بناؤها لكأس العالم قد تكون عديمة الفائدة بعد انتهاء المونديال.
واختتمت الصحيفة تقريرها بأن الفصل العنصرى لن يختفى خلال كأس العالم بجنوب أفريقيا، خصوصاً أن تجربة المساواة لاتزال سطحية حتى فى عالم كرة القدم بجنوب أفريقيا.