قبل 52 شهراً أصدر الرئيس الأمريكى باراك أوباما، أول قراراته بعد يومين فقط من وصوله البيت الأبيض، للمرة الأولى، وهو قرار تنفيذى بإغلاق معسكر جوانتانامو والمعتقلات التابعة لوكالة المخابرات المركزية «سى آى إيه» فى غضون عام، لكن هذا القرار الذى صدر فى يناير 2009 لم يتم تنفيذه حتى الآن.
ولايزال المعتقل يحوى 166 سجينا معظمهم لم توجه إليهم أى اتهامات، يواجهون عقبات أمنية وسياسية تحول دون إطلاق سراحهم، فى مأساة وصفتها منظمة العفو الدولية بأنها «همجية العصر».
وعاد الحديث عن إغلاق جوانتانامو للأضواء بعد دخول 100 معتقل من بين 166 إضراباً عن الطعام منذ نحو 90 يوما فى معركة «الأمعاء الخاوية» فى تحد جديد وضع إدارة أوباما فى مأزق.
ودخل عدد من المضربين الأسبوع الماضي، صدام وتمرد بتغطية كاميرات المراقبة أثناء إضرابهم عن الطعام فيما أطلق الجنود الأعيرة النارية وحبسوا أغلبهم فى زنازين انفرادية.
وقال مسؤولو السجن إن 20 سجيناً على الأقل يجرى إطعامهم قسرا عن طريق أنابيب فى الأنف بعد تدهور حالتهم الصحية جراء الإضراب عن الطعام والذى انطلق فى 6 فبراير الماضى احتجاجا على إهانة الحراس نسخة من المصحف الشريف ومصادرة عدد من مقتنيات المعتقلين الشخصية، كالأغطية، والأسطوانات الدينية.
وكان المعتقل فى 13 نوفمبر 2001 يوم استولت قوات التحالف على كابول، يضم 660 شخصاً من 44 بلداً يتكلمون 17 لغة يحرسهم 1000 شرطى وجندى، ولكن ما بقى 166 شخصا بينهم مصرى و90 يمنياً حصل 58 منهم على البراءة من قبل لجنة إدارية عسكرية وقرار بالإفراج عنهم فى ديسمبر 2006 ثم فى يناير 2008، لكن لم يتم إطلاق سراحهم.
وتطلب الأمر خلق ذريعة ما لاستقبال الذين وصفهم الرئيس الأمريكى السابق، جورج بوش، بـ«المقاتلين الأعداء»، مبتدعاً بذلك مفهوماً غريباً عن القانونين الأمريكى والدولى. ويعتبر السجن سلطة مطلقة لوجوده خارج الحدود الأمريكية، ولا ينطبق عليه أى من قوانين حقوق الإنسان.
وتعود قصة جوانتانامو إلى 23 فبراير 1903، عندما قامت كوبا ممثلة برئيسها طوماس، بتأجير الولايات المتحدة الأمريكية، قاعدة جوانتانامو، مقابل 2000 دولار أمريكى، فى عهد الرئيس الأسبق تيودور روزفلت، امتنانا للمساعدة الأمريكية فى تحرير كوبا.
واحتج الثوار الوطنيون على القرار، وعلى إثر ذلك لم تقم كوبا بصرف الشيكات اعتراضا على قرار الإيجار. وعلى الرغم من ذلك أرسلت واشنطن شيكا بقيمة 2000 دولار سنويا إلى حكومة كوبا. وخلال أزمة الصواريخ الكوبية عام 1968 لغم فيديل كاسترو القاعدة لمحاولة إجلاء الأمريكان، لكن الرئيس جون كندى رفض التدخل فى القاعدة وأكد حقه فى استئجارها.
ويواجه وعد إغلاق جونتانامو أسباب تمنع تنفيذه كما قالت مجلة «نيوزويك» الأمريكية، منها العامل الجغرافى، أى مسار نحو إغلاق جوانتانامو يتطلب إعادة المحتجزين إلى بلادهم، وهذا يستدعى التفاوض مع أوطانهم على شروط إطلاق سراحهم، ووجود العديد من المحتجزين الذين ستبقى عليهم الولايات المتحدة، إما لخطورتهم أو لعرضهم على محاكم أمريكية، ولكن المشكلة تكمن فى مكان احتجازهم، إلى جانب عدم ضمان كسب القضايا ضد المتهمين بهجمات 11 سبتمبر وغيرهم ممن يوصفون بأنهم ذو قيمة كبيرة، لأن المحاكم الفيدرالية والعسكرية أكثر حماية لحقوق المعتقلين من اللجان العسكرية العاملة فى جوانتانامو. والسبب الرابع أن أوباما سيفكر فى مكان لإيواء من تعتقلهم الولايات المتحدة الأمريكية فى المستقبل.