خبراء: «البرادعي» وطني مُلم بمشكلات مصر.. وترشحه مستقلاً قد يغير الحياة السياسية

كتب: علا عبد الله ‏ الخميس 10-12-2009 14:56

وصف فقهاء قانون وخبراء سياسيون وحقوقيون تصريحات البرادعي لـ«المصري اليوم» حول عزمه الترشح المشروط للانتخابات الرئاسية مستقلاً، بأنه قد يغير مجرى الحياة السياسية في مصر، مشيدين بموقف البرادعي في التمسك بتعديل الدستور قبل الترشح للانتخابات، وعدم الانضمام إلي حزب سياسي.

واعتبر الدكتور «حسن نافعة»، أستاذ العلوم السياسية، أن ما أثاره الدكتور «محمد البرادعي» في تصريحاته لـ«المصري اليوم» حول إمكانية ترشحه للرئاسة تطورا مهما في الحياة السياسية في مصر، موضحاً أن البرادعي شخصية لها وزنها علي مستوي العالم وعندما يتحدث عن عيوب الدستور المصري فإنه يلفت النظر إلي الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وأشار نافعة إلي أنه يرى أن حالة من الحراك السياسي تجتاح مصر الآن وهي مختلفة عن تلك التي ظهرت في عام 2005 وتم إجهاضها، ورجح أن يثمر ذلك الحراك عن أحداث مهمة قد تغير مجري الحياة السياسية في مصر.

واتفق «نافعة» مع «البرادعي» في حقه في ترشيح نفسه كمستقل، وتمسكه بعدم الانضمام إلي أي حزب، مؤكدا أن البرادعي لا يسعي وراء الشهرة والأضواء كما اتهمه البعض.

وأكد «نافعة» أن الضمير الوطني يحتم علي الدكتور البرادعي أن يؤدي دورا ما تجاه بلده، وقال: "أتوقع أن تستمر الحكومة في أخطائها في حقه بعد عودته إلي مصر، خصوصا بعد أن أطلقت رؤساء تحرير الصحف القومية ليشتموه ويسبوه، وستحث تلك الأخطاء الشعب علي التغيير".

من جانبه، وصف المستشار «أحمد مكي»، نائب رئيس محكمة النقض، المادة 76من الدستور المصري بأنها "تلوث قانوني" ليس له حل سوى الإلقاء المخلفات في مياه النيل، مشيداً بموقف البرادعي في التمسك بتعديل الدستور قبل الترشح للانتخابات، وعدم الانضمام إلي حزب سياسي.

وأشار إلي أن الحكومة لا تسمح بتكوين أحزاب سياسية حقيقية تتنافس علي حب مصر، وقال:"الحكومة لا تعطي لحزب شهادة ميلاد قبل أن تكون هي ذاتها شهادة وفاته"، مبديا تشاؤمه فيما يتعلق بشروط البرادعي في تعديل الدستور، وأضاف :"أفضل أن نهتم بتحقيق انتخابات اتحاد طلبة نزيهة ومحليات ونقابات ومجلس شوري ثم نحلم بعدها بانتخابات برلمانية غير مزورة، وعندها سيكون الحديث واقعيا عن انتخابات رئاسية حقيقية".
وتوقع مكي أن يُحارب البرادعي من قبل النظام الحاكم عند عودته إلي مصر قائلا: "سيكون محاربا بمقدار ما فيه من استقامة".

أما الدكتور «إبراهيم درويش» الفقيه الدستوري فقد أكد أن الدستور المصري في حاجة إلي تغيير كلي وليس مجرد تعديل، وأنه نادي بذلك التغيير منذ سنوات طويلة، واستنكر الحملة التي شنتها الصحف القومية علي البرادعي بعد مطالبته بالتغيير، مشيراً إلي أن الدكتور البرادعي لم يسع للرئاسة ولكنه تم اختياره من النخبة المثقفة في مصر، وقال: "عندما طالب الرجل بدستور حقيقي فتحت عليه أبواب جهنم بوقاحة ليس لها نظير".

وتساءل «درويش» لماذا لم تفتح تلك الأبواب علي من وصفهم بـ«الدوبليرات» الذين رشحوا أنفسهم أمام الرئيس مبارك في انتخابات 2005.

واختلف الدكتور «ثروت بدوي»، الفقيه الدستوري، مع ما قاله الدكتور البرادعي بأن الدستور الحالي بعد التعديلات الأخيرة، يمنع 95 % فقط من الشعب المصري من خوض الانتخابات، مستدركا أن التعديلات الدستورية حرمت 99,9% من المصريين من حقهم في الترشيح.

وقال بدوي :"إن مصر لا يوجد بها دستور أصلا ليتم تعديله أو تغييره، وإنما هناك حاكما واحدا فقط من الحزب الوطني يسيطر على البلاد، مضيفا أن سيكون محاربا بمقدار ما فيه من استقامة، إلا أنها لا يمكنها أن تفعل شيئا في دولة يحكمها النظام العسكري.

وأشار الفقيه الدستوري إلي أنه لا يعتقد أن الشعب المصري إذ توافرات فيه الإرادة الشعبية يمكنه أن يقلب نظام الحكام أو يقوم ثورة، فمهما أجمع الكل على ضرورة تغيير الدستور لن يستطيعوا في ظل النظام السياسي الحالي.

وأكد ثروت أن البرادعي ليس حالما في مطالبه، وإنما هو "وطني" ملم بمشكلات مصر، ويعرف جيدا أن أوضاعها الحالية لن تتغير إلا بنظام دستوري ديمقراطي يقتلع جذور ستة عقود من الحكم الفردي، مستدركا أنه حتى لو كان البرادعي يحلم، فمن حقه وحقنا جميعنا أن نحلم حتى يمكننا تغيير الواقع إلي الأفضل.

من ناحيته، علق «نجاد البرعي» رئيس مجلس إدارة مؤسسة تنمية الديمقراطية المصرية، على قول البرادعي بإن هناك غيابا للإطار الدستوري "الشرعي" في مصر، بأن الدستور المصري" غير شرعي" ولكنه قانوني، قائلا: "هناك فرق واضح بين الشرعية الدستورية والشرعية الإنسانية في القوانين".

وأضاف البرعي: "إن تعديل المادة 76 نص قانوني وإن كانت تفتقد الشرعية الإنسانية والدستورية لأنها تحرم 95% من الشعب المصري من حقه في الترشيح"، مشيرا إلي أن غالبية مشروعات القوانين التي تقدمها البرلمانات ربما تكون قانونية لكنها تتبع السبل القانونية بعرضها على البرلمان والاستفتاء عليها حتى ولو كان نظريا ولكنها غير دستورية فما بالك بدستور غير شرعي.

وأكد أن تغيير الدستور لم يتم في مصر إلا من داخل مؤسسة النظام نفسها، قائلا: "إن التجربة المصرية التاريخية أثبتت أن التغيير لابد أن يتم من داخل النظام من أيام عرابي وحتى 23 يوليو 1952".

وأضاف البرعي: "إن ثورة 23 يوليو كانت من داخل النظام، إذ أن الجيش يعد أحد أدوات النظام وما فعله حينها هو انقلاب على الحاكم لتصحيح الوضع، فمصر لم تشهد في تاريخها مثل الثورة البلشفية في روسيا، أو الفرنسية في فرنسا.

وتابع :"إن الأمر الآن يحتاج مناشدة المفكرين والسياسيين وكافة الأطياف المصرية للدخول في عملية ضغط ومفاوضات مع  الدولة للقبول بمراجعة حقيقية للدستور تأخذ وقتها يشارك فيها الدكتور البرادعي وغيره من المصريين".